الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بمواجهة مشكلة المقاتلين الأجانب ودعم جهود 60 دولة لمواجهة «داعش»

أكد أن العمل العسكري غير كاف ولا بد من تدابير أخرى

TT

تعهد الاتحاد الأوروبي باستمرار دعم جهود أكثر من 60 دولة لمواجهة تهديدات «داعش» بما في ذلك العمل العسكري وفقا للقانون الدولي، وقال الاتحاد الأوروبي، إن العمل العسكري ضروري لمواجهة خطر «داعش» ولكنه غير كاف لهزيمة «داعش» وإنما يجب أن يكون جزءا من جهود أوسع نطاقا، تضم تدابير في المجالات السياسية والدبلوماسية ومكافحة الإرهاب وتمويله، ولا بد من تكثيف الجهود لحرمان «داعش» من فوائد مبيعات النفط غير المشروعة. وقال المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل، إن الاتحاد الأوروبي جدد الالتزام الراسخ بمواجهة ما وصفه بالمشكلة الخطيرة «والتي تتعلق بالمقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى صفوف (داعش) وغيرها من الجماعات الإرهابية، حسب ما ورد في البيان الختامي لاجتماعات وزراء خارجية الاتحاد في لوكسمبورغ».

وأعرب المجلس الوزاري في بيان، عن تأييد الاستراتيجية الأوروبية لمكافحة الإرهاب والتعامل مع ملف المقاتلين الأجانب سواء في سوريا أو العراق. والتي تعتبر جزءا من استنتاجات المجلس الأوروبي في أغسطس (آب) الماضي، وتتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدولي في هذا الشأن، كما تحدث الوزراء عن تصميم بلادهم العمل من أجل التصدي لظاهرة المقاتلين الأجانب والتعامل معها بالتعاون مع نظرائهم المكلفين بالشؤون الداخلية. ودعا المجلس الأوروبي في البيان إلى أهمية التنسيق لتنفيذ هذه الاستراتيجية بوصفها مسألة ذات أولوية قصوى، وأيضا تعزيز التعاون الأمني مع دول الجوار لكل من سوريا والعراق في مجال مكافحة الإرهاب وملف المقاتلين الأجانب، كما دعا المجلس إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فورية وطويلة المدى لمواجهة «داعش» ومصادر تمويله والإمدادات التي تصله، وأبدى المجلس دعمه لعمل المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف في هذه الأمور. وكان المسؤول الأوروبي قد أشار في وقت سابق إلى وجود أكثر من 3 آلاف مقاتل أوروبي يشاركون في الصراع الحالي سواء في سوريا أو العراق. وحول الوضع في مدينة كوباني (عين العرب)، عبر الوزراء عن شعورهم بالقلق تجاه المواجهات المستمرة بين المقاتلين الأكراد ومقاتلي داعش في هذه المدينة، «نرحب بدور تركيا في إيواء اللاجئين القادمين من تلك المنطقة، كما نحثها على فتح حدودها أمام كل أنواع المساعدات للموجودين في المدينة».

وعبر الاتحاد الأوروبي عن قناعته بأن نظام الأسد لا يمكن أن يكون شريكاً في الحرب ضد ما يدعى بتنظيم «داعش»، مشددا على استمرار دعمه للجهود التي يبذلها التحالف الدولي لدحر التنظيم وأكد الوزراء أن البحث عن حل سياسي للوضع في سوريا يبقى أولوية دولية من أجل الحفاظ على وحدة أراضي البلاد واستقلالها وسيادتها، «في هذا الإطار، ندعم جهود المبعوث الدولي ستافان دي ميتسورا وندعو كل الأطراف الدولية والإقليمية إلى لعب دور إيجابي وبناء»، كما جاء في البيان، كما أعاد الوزراء التأكيد على تصميم دولهم الاستمرار في تقديم الدعم الإنساني للشعب السوري، وكذلك تقديم المساعدة للمعارضة المعتدلة كما تطرق البيان نفسه للوضع العراقي، حيث شدد الوزراء على ضرورة أن تنتهج الحكومة العراقية سياسية تضم كل أشكال الطيف السياسي في البلاد، داعين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة أربيل إلى إيجاد حلول لخلافاتهما، وجاء في بيان وزراء خارجية الدول الأعضاء في التكتل الموحد، «إن غياب سياسات شاملة في العراق، واستمرار عدم الاستقرار في سوريا بسبب نظام الأسد الذي يستمر في حربه ضد شعبه وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة سمحت بازدهار وتطور تنظيم داعش»، وفق نص البيان. وقبل أيام، انعقدت اجتماعات وزراء الداخلية والعدل الأوروبيين في لوكسمبورغ، و ومن جهة اخرى عززت بريطانيا الإجراءات الأمنية في الموانئ والنقاط الحدودية غداة الهجوم الإرهابي في باريس، رغم تأكيد المسؤولين البريطانيين عدم وجود تهديد محدد في البلاد.

وأفاد مكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن التهديد الأمني على مستوى البلاد يبقى في ثاني أعلى مستوى، وهذا يعني أن المسؤولين الاستخباراتيين يعتقدون أن وقوع هجوم مرجح بقوة. وعُقد اجتماع أمني تقرر فيه تعزيز الأمن في المعابر الحدودية وزيادة إجراءات تفتيش الركاب والسيارات والبضائع الآتية من فرنسا وأنحاء أخرى من أوروبا. قال مكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس بأن بريطانيا ستكثف جهودها لوقف تهريب الأسلحة عبر الحدود في أعقاب الهجمات الدموية التي شنها متشددون في باريس الأسبوع الماضي كما ستحدث البروتوكولات الأمنية لدى أجهزتها للتعامل مع مثل هذه الحالات. ورأس كاميرون صباح أمس اجتماعا لمراجعة هجمات باريس وتقييم المخاطر من إمكانية وقوع أحداث مماثلة في بريطانيا مما دفع الشرطة وغيرها من أجهزة الأمن إلى الاتفاق على تحديث عمليات التدريب على مواجهة مثل هذه الأحداث. وقال متحدث باسم كاميرون بأنهم ناقشوا أيضا مخاطر الأسلحة النارية واتفقوا على أنه يتعين علينا تكثيف الجهود مع البلدان الأخرى لكبح تهريب الأسلحة عبر الحدود. وبدأت أحداث باريس التي قتل خلالها صحافيون ورجال شرطة بإطلاق نار على مقر صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة يوم الأربعاء السابع من يناير (كانون الثاني) وانتهت باحتجاز رهائن في متجر لبيع الأطعمة اليهودية يوم الجمعة الماضي. وفي أغسطس (آب) الماضي رفعت بريطانيا مستوى التأهب من هجمات إرهابية إلى ثاني أعلى مستوى ما يعني أن وقوع هجوم إرهابي هو احتمال كبير. وقال رئيس جهاز المخابرات الداخلية «إم أي 5» البريطاني، الأسبوع الماضي أن مقاتلي تنظيم القاعدة في سوريا يخططون لهجمات توقع ضحايا بأعداد كبيرة في الدول الغربية.

وقالت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي إن الإجراءات الأمنية الإضافية لا تستند إلى معلومات مخابرات محددة وإنه لا توجد خطط لرفع حالة التأهب الأمني وهو عند ثاني أعلى مستوى بالفعل فيما ذكرت متحدثة باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أنه تم تشديد الأمن عند نقاط العبور البريطانية في ميناء كاليه الفرنسي ومحطات قطارات يوروستار في باريس على سبيل المثال، موضحة أن بريطانيا أرسلت خبيرا من شرطة مكافحة الإرهاب إلى فرنسا. وفي وقت سابق اجتمعت لجنة التعامل مع حالات الطوارئ (كوبرا) لبحث الهجوم الذي وقع على الصحيفة في باريس وقتل فيه 12 شخصا. وحالة التأهب الأمني المطبقة حاليا في بريطانيا تعني أن وقوع هجوم داخل الأراضي البريطانية أمر مرجح جدا. وكان كاميرون قد صرح بأن المتشددين العائدين من سوريا والعراق يشكلون أكبر خطر على أمن البلاد.

على صعيد اخر أصبحت مواجهة الفكر المتشدد داخل السجون واحدة من أولويات عمل الحكومة البلجيكية، بحسب ما صرح به وزير العدل كون جينس، الذي أضاف أن المستشارين الأمنيين داخل السجون سيكون لهم دور حاسم في سياسة جديدة، تهدف إلى مكافحة الفكر المتشدد، ومحاولة تجنيد أشخاص جدد في هذا الصدد، خصوصا بعد أن أظهرت الأحداث الأخيرة في باريس أن المتورطين في الحادث كانوا من بين الذين تأثروا بالفكر المتشدد داخل أسوار السجون، بحسب ما ذكرته وسائل الإعلام البلجيكية أمس، ولهذا وضع الوزير خطة عمل جديدة للفصل بين المحكوم عليهم داخل السجون، بحيث يتم تفادي تأثر البعض منهم بالفكر المتشدد.

وعلى الرغم من اعتراف الوزير بأن الأمر ليس سهلا، حيث من الخطر وضع قيادات الفكر المتشدد بين الشباب من السجناء، وفي نفس الوقت فإن وضع أصحاب الفكر المتشدد معا في نفس السجن قد يكون له أضرار أكبر، ولكن من خلال عمل المستشارين في السجون يأمل الوزير في توضيح الأمور وتفادي انتشار الأفكار المتشددة، وقد بدأت السلطات بالفعل منذ فترة العمل في هذا الاتجاه عندما قامت بفصل بعض السجناء عن المساجين الآخرين، ومنهم الشاب البلجيكي جيروين بونتياك الذي تأثر بفكر جماعة الشريعة في بلجيكا وسافر إلى سوريا ثم عاد بعد فترة قصيرة مع والده، وقررت السلطات ترحيله إلى سجن آخر بعيدا عن مكان وجود فؤاد بلقاسم مسؤول جماعة الشريعة في بلجيكا، التي يحاكم عناصرها حاليا في قضية تسفير الشباب إلى أماكن القتال في الخارج.

من جانبه قال سعيد ابريكان رئيس قسم المستشارين أو المرشدين في السجون، إن القسم يمكن أن يلعب دورا كبيرا في مواجهة الفكر المتشدد داخل السجون، ولكن في الوقت نفسه يعاني القسم من نقص في عدد الموظفين. ويقول وزير العدل إن هناك تنسيقا واتصالا مستمرا مع قسم المستشارين الإسلاميين للعمل بشكل مشترك من أجل دور حاسم في مواجهة هذا الخطر.

وذكرت قناة «في تي إم» في بلجيكا، والناطقة بالهولندية، أن الحكومة البلجيكية ستبحث غدا في توسيع سلطات الأمن في التنصت على المكالمات الهاتفية، للمشتبه في علاقتهم بالإرهاب، وهو الأمر الذي يحظره القانون حاليا من منطلق حماية الخصوصية، وفي نفس الوقت يستعد وزير الداخلية جان جامبون لطرح خطة عمل جديدة لمواجهة الفكر المتشدد في البلاد. وسبق أن حذرت الحكومة البلجيكية من إمكانية أن يتكرر حادث الاعتداء على مقر صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية في أي مكان آخر في أوروبا، وفي أي وقت، وطالب وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون بتوخي الحذر على الصعيد الأوروبي لتفادي تكرار الحادث.