إسرائيل تشيع اليهود الأربعة الذين قتلوا في هجوم باريس

الجالية اليهودية التونسية في حداد على «ابن تونس»

حالة حزن ووجوم على وجوه عوائل اليهود الأربعة الذين قتلوا في هجمات باريس (أ.ف.ب)
TT

شهدت إسرائيل أمس مراسم تشييع اليهود الأربعة الذين قتلوا في هجوم باريس، وجرى دفنهم في القدس، بناء على رغبة عائلاتهم، فيما يتزايد القلق في البلاد حيال أمن اليهود في فرنسا وأوروبا عموما.

ووصلت جثامين القتلى الأربعة يوهان كوهين، ويوهاف حطاب، وفيليب إبراهام، وفرنسوا ميشال سعادة، برفقة عائلاتهم إلى مطار تل أبيب على متن طائرة تابعة لشركة العال الإسرائيلية. ونقلوا في نعوش خشبية، تحضيرا لدفنهم ظهرا في أكبر مقبرة في القدس الغربية، سبق أن دفن فيها عام 2012 الأطفال اليهود الثلاثة ومدرسهم، الذين قتلوا في فرنسا برصاص متطرف آخر هو محمد مراح.

وكما حدث قبل 3 أعوام، فقد شارك حشد كبير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين الإسرائيليين في التشييع. ومثلت فرنسا الوزيرة سيغولين رويال، الثالثة في الترتيب الحكومي.

وكان اليهود الأربعة ضمن 17 شخصا قتلوا في الاعتداءات التي أثارت حالة من الصدمة في فرنسا، خلال عملية احتجاز رهائن في متجر يهودي في باريس، مما أثار ذهولا أيضا في إسرائيل.

ويوهان كوهين، المتحدر من مدينة سارسيل (شمال باريس)، التي شهدت في يوليو (تموز) الماضي تظاهرات عنيفة لمعاداة السامية في إطار حرب إسرائيل على حماس، كان يعمل منذ سنة داخل متجر فرنسي للمنتجات اليهودية في باريس، وقد جاء الضحايا اليهود الثلاثة الآخرون إلى المتجر قصد التبضع قبل بداية عطلة السبت.

أما يوهاف حطاب (21 عاما) فهو من مواليد تونس، وقد قتل بعد ما أصر على دخول المتجر، فيما كانت الستائر مغلقة، حسبما أفاد موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني. وقد قتلت شقيقة والدته عام 1985 مع 4 أشخاص آخرين حين فتح جندي تونسي النار في حرم كنيس الغريبة في جربة. وقد أرسله والده حاخام الكنيس الكبير في تونس للدراسة في فرنسا، ظنا منه أن ابنه سيكون في أمان هناك.

أما فيليب إبراهام، الذي يعمل في مجال الإلكترونيات، فقد كشفت زوجته أنه درج على التبضع كل يوم خميس، لكنها طلبت منه في ذلك اليوم القيام ببعض المشتريات الإضافية، وحين سمعت الأخبار أرسلت له عدة رسائل نصية، وعندما لم تتوصل بأي رد «أدركت أن شيئا ما قد حصل». وتتابع أرملته فاليري أن إبراهام سبق أن فقد طفلا دفن في إسرائيل.، ولذلك قالت إن «فيليب إبراهام يجب أن يكون هناك إلى جانب ابنه».

من جهة أخرى أعلنت الجالية اليهودية التونسية الحداد على يواف حطاب (21 عاما) «ابن تونس» الذي كان مستقبله واعدا كما يقول أقاربه لكنه قتل في عملية احتجاز الرهائن في متجر أغذية يهودي في باريس.

وقال يعقوب لولوش، صاحب مطعم في حلق الوادي بضاحية تونس ورئيس جمعية ثقافية يهودية، إن «تونس دفعت ثمنا باهظا جدا» في الاعتداءات الدامية التي تكبدتها العاصمة الفرنسية الأسبوع الماضي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وإذا كان حطاب مواطنا تونسيا، فهناك أيضا ضحايا آخرون من أصول تونسية، مثل رسام الكاريكاتير الشهير جورج وولينسكي، أحد أعمدة «شارلي إيبدو»، والطبيبة النفسانية إيلزا خياط، التي كانت تدير زاوية في الأسبوعية الفرنسية الساخرة، وكذلك فرنسوا ميشال سعادة، المولود في تونس والذي قتله، على غرار حطاب، أحمدي كوليبالي في المتجر اليهودي في بوابة فينسين بباريس.

ويواف حطاب ابن حاخام مدير المدرسة اليهودية في تونس، وانتقل إلى فرنسا لدارسة التجارة الدولية. وقال شهود إنه قتل عندما حاول استعمال سلاح كوليبالي ضده.

ويقول أقرباؤه إنه شاب نشط محب للاطلاع، وقال موشي عوزان (25 عاما) إنه «كان شخصا ديناميكيا جدا، بعض الناس يتفرجون على حياتهم بينما كان هو ممثلا».

وكان لمقتله وقع شديد لأن ذويه اعتقدوا أول الأمر أنه نجا، وقال موشي وهو يغالب دموعه «كنا نشاهد فيديو الرهائن المفرج عنهم وكنا نقول ها هو، إنه يواف، إنه يواف.. قبل أن يرد الخبر السيئ». وقال إن الشاب الذي ظهر في صورة تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي مرتديا القلنسوة اليهودية واضعا العلم التونسي على كتفيه «كان يريد أن يثبت أنه يمكن الالتزام بكل ما يخص البلاد من دون أن يكون المرء بالضرورة مسلما».

وأعرب دانيال كوهين، الذي أعطى حطاب دروسا في العبرية والدين «من سن التاسعة إلى الثامنة عشرة»، عن أسفه لخسارة الشاب الذي قال إنه «كان يمكن أن يكون مفيدا للعالم». وقال وقد بدا شديد التأثر «أحدهم جاء يعزيني فقلت له يجب تعزية تونس، لأنه لم يكن ابني أو ابن أبيه، فقط بل كان ابن تونس».

واعتبر كوهين أن «فرنسا أصبحت مخيفة» منذ بضعة أعوام، بسبب ما قال إنه «تصعيد في معاداة السامية»، وأن «فرنسا لم تتخذ ما يكفي من الإجراءات لحماية الأماكن والأشخاص».

واعتبر والد يواف، باتو حطاب، في تصريح لقناة «فرانس 2»، أن المظاهرات حتى وإن كانت حاشدة «فلا بد من تحرك ما»، مضيفا «أنا أقيم في تونس وأرى أننا (نحن اليهود) في تونس نحظى بالاحترام وحتى خلال الثورة لم تقع مشاكل». وأضاف كوهين أنه متأكد أن في تونس «الدولة تقوم بواجبها وتبذل قصارى جهدها لحماية المواطنين وخصوصا جاليتنا». ومن المقرر تكريم الضحية السبت المقبل أمام كنيس تونس الكبير وعلى صفحة «فيسبوك» الحدث، وأعرب البعض عن الأسف لأنه دفن في إسرائيل وليس في تونس.

لكن موشي عوزان قال «إنه الدين لا علاقة له بالسياسة»، في حين قال كوهين إن «القدس مكان مقدس لجميع الأديان».