توتر جديد بين المغرب وفرنسا بعد رفض الوزير مزوار المشاركة في مسيرة باريس

مصادر فرنسية تبدي «دهشتها»

TT

كان يمكن النظر لقرار وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار رفض المشاركة في المسيرة المليونية التي شهدتها شوارع العاصمة الفرنسية يوم الأحد الماضي على أنها «سحابة صيف عابرة» لولا أنها لا تأتي في إطار تراكم الخلافات أو سوء الفهم بين العاصمتين المغربية والفرنسية منذ عدة أشهر. ورغم المساعي الحثيثة التي بذلتها باريس لإصلاح ذات البين بينها وبين الرباط، إلا أن الأمور بقيت على حالها وبقيت الرباط على موقفها في رفض إعادة التعاون القضائي مع باريس. وفي أفضل الأحوال، يمكن وصف العلاقة بين الطرفين بأنها «باردة»، الأمر الذي يتناقض مع العلاقات التاريخية والتقليدية التي اتسمت دائما بالحرارة. ففرنسا دعمت دائما الجزائر في موضوع الصحراء الغربية وهي شريكها الاقتصادي والتجاري الأول. وتحتل المغرب المرتبة الأولى بين البلدان المستفيدة من المساعدات الفرنسية عبر الوكالة الفرنسية للتنمية، كما أن باريس سهلت دائما علاقات المغرب مع الاتحاد الأوروبي ودعمت حصوله على وضعية الشريك «المتميز». ما الذي حصل يوم الأحد؟ ما حصل أن مزوار التقى صباحا نظيره الفرنسي لوران فابيوس في مقر وزارة الخارجية وذهب إلى قصر الإليزيه حيث تقاطر رؤساء الدول والحكومات الذين اقترب عددهم من الـ50 فضلا عن ممثلي العشرات من الدول الأخرى لتقديم العزاء للرئيس هولاند والانطلاق من قصر الإليزيه في حافلات تحت حراسة أمنية مشددة منها نشر قناصة على سطوح الأبنية المطلة على مسار الحافلات وتفتيش الأنفاق. والحال أن مزوار رفض الذهاب إلى المسيرة.

السفارة المغربية في باريس نشرت بيانا يوم أول من أمس بررت فيه رفض وزير الخارجية مواكبة المسيرة بسبب «وجود رسوم مسيئة للنبي». ونقلت صحيفة «لوموند» عن أوساط مغربية معلومات تفيد أن مزوار ربط مشاركته بعدم وجود رسوم نشرتها مجلة «شارلي إيبدو» قبل أكثر من عامين والتي أثارت موجة من الانتقادات في كثير من البلدان الإسلامية. وعلم أن وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي استدعى ممثلي الصحافة الأجنبية في بلاده ونبههم من مغبة نشر مثل هذه الرسوم لأن هذا يعني «منع المطبوعات الإعلامية من الدخول إلى المغرب».

الجانب الفرنسي لم يقم بأي تعليق على هذه الحادثة ربما لأن اهتماماته في مكان آخر في ظل وجود تهديدات إرهابية أو بسبب رغبته في تلافي افتعال مشكلات جديدة مع الرباط. لكن الأوساط الفرنسية التي تريد أن تبقى مجهولة الهوية لا تخفي «دهشتها» مما قام به الوزير المغربي، وتتساءل كيف أن مسؤولين عربا ومسلمين مثل ملك الأردن والرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء التونسي ووزراء خارجية عرب كثيرين «الإمارات، ومصر، ولبنان، والأردن...». ساروا في التظاهرة التاريخية ولم يحتجوا أو يطرحوا شروطا معينة.

صباح اليوم، صدرت مجددا مجلة «شارلي إيبدو» وعلى صفحتها الأولى رسما للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم). وسيكون من المهم جدا مراقبة تعاطي السلطات الرسمية والشارع المغربي معها ورصد انعكاساتها على علاقات لم تكن بحاجة لسوء فهم إضافي، خصوصا بين «صديقين حميمين» كفرنسا والمغرب.