محافظ نينوى: سأكون أول شاهد أمام لجنة التحقيق في سقوط الموصل بيد «داعش»

النجيفي قال لـ («الشرق الأوسط») إن هناك ثلاث معسكرات لتدريب قوات تحرير المدينة

النجيفي في آخر ساعات وجوده في مدينة الموصل ليلة احتلالها من قبل تنظيم داعش («الشرق الأوسط»)
TT

حتى اليوم لم تتكشف الحقائق والخفايا التي أدت إلى السقوط السريع لمدينة الموصل بيد تنظيم داعش في يونيو (حزيران) العام الماضي، ورغم تسلل بعض المعلومات هنا وهناك فإن الاتهامات لهذه الجهة أو تلك هي من تحكم هذه المعلومات التي تحقق فيها اليوم لجنة مشكلة من قبل رئاسة مجلس النواب العراقي.

وأثيل النجيفي، محافظ نينوى، كان في واجهة هذه الاتهامات من قبل نوري المالكي، الرئيس السابق للحكومة العراقية، وسيكون، حسبما أكد، أول الشهود لتوضيح الحقائق أمام هذه اللجنة، فما يهمه اليوم هو «معركة تحرير الموصل من تنظيم داعش»، حسبما أكد في حديث خص به «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، أمس، من مكتبه في بلدة ألقوش على مسافة 25 كيلومترا من مركز مدينة الموصل.

وقال محافظ نينوى بأنه يدير شؤون المحافظة من مقره في بلدة ألقوش الواقعة على مسافة 25 كيلومترا عن مركز مدينة الموصل المحتلة من قبل تنظيم داعش، مشيرا إلى أن «مقر مجلس المحافظة يقع أيضا في بلدة ألقوش، حيث يجب أن يكون في أراضي المحافظة إلى جانب وجود مقرين بديلين في إقليم كردستان العراق، أحداهما في أربيل والثاني في دهوك»، نافيا الشائعات التي تحدثت عن عزله عن منصبه، وقال: «أنا ما زلت أمارس مهامي محافظا لنينوى، وإنه كانت هناك بعض الخلافات من بعض أعضاء مجلس المحافظة، وهذه أمور طبيعية تحدث في الظروف الصعبة والاستثنائية، وقد انتهت، وقبل يومين كان لنا اجتماع لمجلس المحافظة للتداول في أمور نينوى».

وقال إن «هناك 3 ملفات تشغلنا اليوم، الأول هو ملف تحرير الموصل، مركز المحافظة، من احتلال تنظيم داعش الإرهابي، والثاني هو متابعة احتياجات النازحين من أهالي الموصل وسهل نينوى وتلبيتها بالتعاون مع الجهات الحكومية ببغداد، والثالث هو إعادة إعمار النواحي والأقضية التي جرى تحريرها من سيطرة تنظيم داعش، حيث جرى حتى اليوم تحرير 9 وحدات إدارية ما بين قضاء وناحية، هذا بالإضافة إلى ممارسة أعمالنا اليومية في إدارة المحافظة وخاصة مدينة الموصل وإداراتها وتلبية احتياجات أهلها».

وأكد قائلا: «نحن ندير غالبية الدوائر الخدمية مثل الصحة والخدمات البلدية التي تهم المواطنين، وهناك اتصالات يومية بالموظفين المسؤولين عن هذه الدوائر، وببعض المواطنين لنكون على مقربة منهم ونقف على طبيعة الحقائق بشكل أوضح». وأشار إلى أن «تنظيم داعش حاول التدخل في عمل الدوائر الصحية، وهو ما يزال، وذلك بإجبار الأطباء على معالجة جرحاهم أو الاستيلاء على الأدوية والمستلزمات الطبية، لكنهم لم يتمكنوا من إدارة هذه المرافق»، مبنيا أن «التنظيم الإرهابي يقوم بجباية الإيجارات عن الممتلكات البلدية التابعة للمحافظة، وقد أصدرنا تعليماتنا بإيقاف عقود الإيجارات ريثما تتحرر الموصل». وأضاف: «إن تنظيم داعش يسيطر على مؤسسات وزارتي التربية والتعليم العالي (الجامعات)، حيث وضعوا مسؤولين عليها وغيروا في بعض المناهج، وأصدرت وزارتا التربية والتعليم العالي تعليماتها بعدم الاعتراف بالدوام أو نتائج الامتحانات، ورغم ذلك هناك طلبة ما زالوا مستمرين في الدوام».

وعن طريقة إدارة شؤون الموصل، قال محافظها: «نديرها عن طريق الاتصالات وهناك منظومات اتصالات، عن طريق أشخاص، ببعض مديري الدوائر لنناقش احتياجات المدينة ونبلغهم تعليماتنا»، مشيرا إلى أن «رواتب جميع الموظفين تصلهم بطرق مختلفة، أهمها عن طريق مكاتب التحويل والصيرفة المنتشرة في جميع أنحاء الموصل، كما نبعث للمدينة بالأدوية والمستلزمات الطبية عن طريق كركوك، حيث هناك منطقة عازلة بين قوات البيشمركة وتنظيم داعش الذي يغض النظر عن دخول هذه المواد الطبية؛ كونهم يستولون على جزء منها ويتركون القسم الآخر للمستشفيات الحكومية، ومع ذلك هناك نقص أو شح في الأدوية والمستلزمات الطبية»، واستطرد: «كنا نبعث للمدينة بالمواد الغذائية لكن تنظيم داعش كان يسيطر عليها؛ لهذا توقفنا، بينما مخازن الحبوب الحكومية تزود المواطنين هناك بالطحين بصورة اعتيادية، ومعظم المواد الغذائية تصل إلى الأسواق عن طريق سوريا وتركيا».

وتحدث النجيفي عن ملف تحرير الموصل قائلا: «هناك الآن 3 معسكرات للتدريب، 2 منها لمتطوعي (الحشد الوطني)، وقد أطلقنا عليه هذه التسمية لتمييزه عن (الحشد الشعبي)، حيث بلغ عددهم حتى الآن 3 آلاف متطوع من جميع الأطياف القومية والدينية لأهالي محافظة نينوى؛ إذ أرسلنا بشكل رسمي أسماء ألف منهم إلى الحكومة ببغداد، وسيجري إرسال قوائم أخرى تباعا، وهناك أكثر من 7 آلاف شرطي مع ضباطهم، وهم من شرطة المحافظة الذين يتدربون على معارك التحرير ومسك الأرض»، مشيرا إلى أن «خبراء أميركيين وكنديين وضباط الشرطة العراقية يدربون عناصر الشرطة، كما سيقوم هؤلاء الخبراء بتدريب متطوعي الحشد الوطني عندما يستكمل عددهم وتجهيزاتهم». وقال: «نحن ننتظر من بغداد أن تتولى تسليحهم وصرف رواتبهم ومعيشتهم، لكننا حتى الآن نقوم بدفع مخصصات لهم من ميزانية الحكومة المحلية لمحافظة نينوى وتدريبهم بما يتوفر لدينا من أسلحة خفيفة»، مشيرا إلى أن «أعدادا كبيرة من قوات الشرطة الذين جرى تدريبهم أخذوا مواقعهم وهم الآن يسيطرون على الأقضية والبلدات التي جرى تحريرها من التنظيم الإرهابي»، موضحا أن «أقرب نقطة لوجود قوات البيشمركة لمدينة الموصل تبعد 10 كيلومترات، بينما توجد قوات الجيش والشرطة العراقية على مسافة 20 كيلومترا عن المدينة المحتلة».

وكشف النجيفي عن أن «خططا جاهزة وضعت من قبل قوات الجيش العراقي والبيشمركة الكردية والتحالف الدولي لمعركة تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش، دون أن نكشف عن موعد هذه المعركة، وما يؤخرنا هو وضع الخطط الاحترازية لحماية أهلنا في المدينة، فهناك ما يربو على مليوني مدني من النساء والأطفال والرجال، لكنني أؤكد أن العملية لن تتأخر طويلا».

وقال إن «أهالي الموصل اليوم هم رهائن يحتجزهم تنظيم داعش الإرهابي ولا يستطيعون ترك المدينة ويعانون من احتلال الإرهابيين للمدينة». ومع ذلك أكد «وجود مقاومة شعبية داخل مدينة الموصل ضد وجود مقاتلي تنظيم داعش، وهم يقومون بمهمات قتالية لا ينقلها الإعلام إلى الرأي العام».

وعن اتهامات نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة السابق، لمحافظ نينوى بأنه كان سبب سقوط مدينة الموصل في يونيو الماضي، قال النجيفي: «ليس غريبا أن نسمع من المالكي هذه الاتهامات المزيفة التي تعبر عن أوهام تعشش في رأسه لهوسه بأمنه الشخصي وإيمانه بنظرية المؤامرة، فالجميع عنده متآمرون عليه، وأمنه كان أهم من أمن البلد والشعب»، مشيرا إلى أن «المالكي حرص على أن يكون الملف الأمني بيده حصريا، ومنع الحكومات المحلية من التدخل في هذا الموضوع، وأسند قيادة العمليات بنفسه، وبالتالي فلم تكن عندي أو عند أي محافظ في العراق أي صلاحيات للتدخل في الملف الأمني». وقال «أنا تقدمت بطلب إلى اللجنة التحقيقية التي شكلها البرلمان العراقي حول أحداث الموصل لأكون أول من يدلي بشهادته وعرض الحقائق كاملة أمام كل الناس، فنحن تأخرنا عن المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن جريمة سقوط الموصل لانشغالنا بوضع المدينة والمحافظة، لكننا ومعنا أهل الموصل سنطالب بمحاسبة من تسبب باحتلال المدينة بعد تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي».