اليمنيون بين الأزمات الأمنية والمعيشية وقبضة المتمردين

معتقلات سرية داخل القلاع التاريخية.. ومسلحون يفتشون المسافرين داخل الطائرات

يمنيون مصطفون في انتظار دورهم لاقتناء حاويات الغاز للاستعمال المنزلي في صنعاء الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

يعيش اليمني أزمات متلاحقة على أكثر من صعيد وبشكل يومي، فعلى الصعيد الأمني بات يعاني من قبضة المتمردين الحوثيين الذين يبسطون سيطرتهم على معظم مناطق البلاد الشمالية، بما فيها العاصمة صنعاء التي أصبحت تحت هيمنة ميليشيا «أنصار الله» الذين ينتشرون في معظم الشوارع والنقاط الأمنية وداخل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وشبه مراقبون سياسيون سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة بـ«الحارس القضائي»، فتقريبا كافة المؤسسات سيطر عليها الحوثيون وفرضوا ممثلين لهم داخلها لإدارة شؤونها المالية والإدارية.

ومنذ سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ورفعوا شعارات محاربة الفساد، تزايدت معاناة المواطنين اليمنيين، وانعدمت مادة الغاز المنزلي وبات الناس يقفون في طوابير طويلة من أجل الحصول على الغاز والبنزين، بالإضافة إلى أزمة انقطاع الكهرباء بشكل متواصل، بالإضافة إلى المبالغ المالية والإتاوات متعددة الأوجه يفرضها الحوثيون على المواطنين في معظم مرافق العمل والنقابات والهيئات والمؤسسات المدنية وشركات الخدمات.

واقتحم الحوثيون، أمس، نقابة النقل الثقيل في محافظة الحديدة بعد إضراب السائقين عن العمل احتجاجا على فرض مبالغ مالية كبيرة عليهم، وقال مصدر في النقابة لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المبالغ «غير قانونية» وإن أعضاء النقابة يدفعون ما عليهم من رسوم حكومية و«ليس هناك داع لفرض رسوم جديدة».

وذكر شهود عيان في محافظة عمران ومديرية أرحب بشمال صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين نفذوا حملة اعتقالات واسعة النطاق، أمس، في صفوف المواطنين الذين يرفضون الامتثال لأوامرهم وقاموا بإغلاق عدد غير قليل من المحال التجارية التابعة للمواطنين، ونفس الحال في مدينة ذمار وبعض مناطق محافظة إب، وتشير المصادر إلى أن الحوثيين يقتادون المواطنين الذين يقومون باعتقالهم، إلى مراكز اعتقالات خاصة بهم وسرية وتنتشر في كثير من المناطق، خاصة داخل القلاع والحصون التاريخية التي استولى عليها المتمردون في المناطق التي سيطروا عليها.

وذكرت مصادر حكومية يمنية أن الحوثيين فرضوا على وزارتي الخدمة المدنية والمالية عدم تسليم رواتب الموظفين لشهر يناير (كانون الثاني) الجاري بالطرق المعتادة عبر البنوك والبريد، وإنما عبر لجان ميدانية (عبر أمناء الصناديق)، وأيضا فرضوا تشكيل لجان حصر للموظفين بحجة وجود موظفين وهميين في الجهاز الإداري للدولة، غير أن مصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف من هذه الخطوة هو «حصولهم على معلومات وأرقام حول الجهاز الإداري والموظفين لاستخدامها وتوظيفها من أجل استبعاد موظفين وإحلال عناصرهم مكانهم، كما هو الحال مع الوضع القيادي في مؤسسات الدولة».

ويضيف مراقبون أن «طلاب وطالبات المدارس الذين يجرون امتحانات نصف العام الدراسي لم يسلموا من تحرشات ميليشيا (أنصار الله) الذين يفرضون، هذه الأيام، تفتيشا دقيقا على الطلاب والطالبات عند دخولهم إلى مراكز الامتحانات تحت مبررات وذرائع مختلفة من بينها الغش في المدارس».

في هذه الأثناء، يواصل الحوثيون إصدار صحيفة «الثورة» اليومية الرسمية الأولى في البلاد بواسطة طاقم صحافي خاص بهم، وذلك منذ سيطرتهم على الصحيفة بالقوة المسلحة قبل بضعة أسابيع وإجبارهم رئيس التحرير على الاستقالة من منصبه وتسليم ختم الصحيفة إليهم، في حين يشرفون، إشرافا كاملا، على عمل التلفزيون الرسمي والقنوات الأخرى التابعة له، في الوقت الذي لديهم قناة تلفزيونية خاصة وإذاعة «إف إم» تبث في صنعاء وصعدة وتتضمن أناشيد تشبه تلك التي تبثها وسائل الإعلام التابعة لحزب الله اللبناني، كما تسيطر الميليشيا الحوثية، بصورة كاملة، على مطار صنعاء الدولي ويتعرض المسافرون، سواء من اليمنيين أو الأجانب لتفتيش من قبل الميليشيا، حيث يؤكد الكثير من المسافرين أن المسلحين الحوثيين يصعدون إلى الطائرات بأسلحتهم ويفتشون أغراض المسافرين والقادمين بصورة مستفزة وخارج إطار القانون.