جهاز أمن الرئيس الأميركي يقيل عددا من مسؤوليه.. بعد سلسلة إخفاقات

تنحي 4 وتقاعد 2 من مسؤولي الخدمة السرية بعد فضائح وحوادث تسلل إلى البيت الأبيض

عناصر من جهاز الأمن الرئاسي يسيرون في حديقة البيت الأبيض في 20 سبتمبر 2014 (أ.ب)
TT

قرر جهاز الأمن الرئاسي الأميركي الاستغناء عن خدمات 4 من كبار مسؤوليه، بينما قرر اثنان آخران التقاعد، وذلك في إطار أكبر حركة تعديل داخل الجهاز المعروف باسم جهاز الخدمة السرية، منذ استقالة مديرته في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد سلسلة من الإخفاقات الأمنية.

من شأن تنحي هؤلاء المسؤولين، إخلاء الكثير من المناصب القيادية العليا داخل الجهاز الذي تعرض إلى انتقادات في الشهور الأخيرة من قبل مشرعين ومسؤولين بالإدارة، باعتبار أنه عزز ثقافة غياب ثقة بين قياداته والمستويات العادية من الموظفين، إلى جانب اتخاذ قرارات رديئة أسهمت في تقليص مستوى جودة أداء الجهاز.

وأبلغ مدير الجهاز بالوكالة، جوزيف كلانسي، الثلاثاء الماضي، 4 من المديرين المساعدين، ممن يتولون الإشراف على المهام الرئيسية للجهاز من حماية وتحقيقات وشؤون تقنية وعامة، بأن عليهم مغادرة مناصبهم. وذكرت مصادر مطلعة أنه في حال امتناعهم عن الاستقالة أو التقاعد، فإن بإمكانهم التقدم بطلب للالتحاق بمناصب جديدة داخل الخدمة السرية، أو الكيان الأم لها، وهو وزارة الأمن الداخلي. وأوضح كلانسي في بيان أن «التغيير ضروري للحصول على منظور جديد بخصوص كيفية القيام بالعمل».

ويأتي تنحي 6 من بين 8 مديرين مساعدين داخل الجهاز في أعقاب تقرير ناقد أصدرته لجنة شكلتها وزارة الأمن الداخلي، حيث خلصت اللجنة إلى أن الجهاز يعاني من تدني الروح المعنوية في صفوف العاملين العاديين و«يفتقر بشدة للقيادة».

ومن جانبه، برر كلانسي قراره الأخير بالإشارة للتقرير الصادر عن وزارة الأمن الداخلي، وكذلك «تقديراتي الشخصية».

ومع ذلك، لم يقدم كلانسي على تنفيذ حركة تطهير شاملة، حيث بقي ألفين تي سميث، الذي يحتل مرتبة الرجل الثاني بالخدمة السرية منذ أمد بعيد، وكان صانع قرار رئيسي، في ظل إدارة الرؤساء الـ3 السابقين للجهاز، في منصبه.

يُذكر أن سميث أشرف على قرارات تتعلق بالموازنة وأولويات الجهاز، خلال فترة يرى كثير من المسؤولين الآن أنها شهدت تراجعا بطيئا ومستمرا لأداء الجهاز.

وبينما حثت اللجنة الخاصة بوزارة الأمن الداخلي، البيت الأبيض، على اختيار شخص من الخارج لتولي منصب مدير الجهاز، فإن كلانسي لمح لزملائه بأنه على استعداد للاستمرار في موقعه إذا رغب الرئيس أوباما ذلك. ورفض كلانسي، الذي تولى منصبه الحالي، في أعقاب استقالة مديرة الجهاز جوليا بيرسون في أكتوبر الماضي، الرد على أسئلة بخصوص خططه للجهاز، وكيف ينوي ملء المناصب القيادية الشاغرة.

من ناحية أخرى، قال النائب جيسون شافيتز، رئيس لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي بمجلس النواب، أول من أمس، إن التغييرات سالفة الذكر غير كافية. وأضاف: «إنها بداية طيبة، لكنها ليست كافية، فهناك المزيد من المسؤولين الكبار الذين يجب مراجعة أدائهم وربما تغييرهم».

ويواجه جهاز الخدمة السرية انتقادات لاذعة بخصوص كيفية سماحه لمتطفل بالدخول إلى البيت الأبيض. وتنوعت فضائح الجهاز من إجراء تحقيق فاشل إلى حادث إطلاق نار على البيت الأبيض، إلى التورط مع فتاتي ليل كولومبيتين.

من ناحيته، أعرب النائب مايكل مكول، رئيس لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب، عن سعادته باتخاذ كلانسي «موقفا صارما حيال قيادة الجهاز، وإقدامه على الخطوات الضرورية لتحسينه».

وحث جهاز الخدمة السرية على «اجتذاب قيادات من الخارج يملكون خبرة إدارية قوية»، مضيفا أن لجنته ستجعل من مراقبة الجهاز أولوية بالنسبة لها.

وكان مشرعون ومسؤولون بالبيت الأبيض فقدوا ثقتهم بالقيادات الإدارية العليا في الجهاز، في خضم سلسلة من الإخفاقات المثيرة للحرج وقعت العام الماضي، ففي سبتمبر (أيلول)، على سبيل المثال، نجح رجل يحمل سكينا من تجاوز الحاجز المحيط بالبيت الأبيض والعدو بالداخل حتى وصل للطابق الأرضي للمبنى ذاته.

وخلال الشهر ذاته، تمكن مقاول أمني خاص يحمل سلاحا من الدخول في مصعد مع أوباما في أتلانتا. كما ثار غضب المشرعين جراء سلسلة من المعلومات كشف عنها تقرير ورد بـ«واشنطن بوست»، حول استجابة الجهاز المتخبطة بعد إطلاق رجل النار على البيت الأبيض عام 2011.

وأبلغ كلانسي مشرعين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن رغبة إدارة جهاز الخدمة السرية في استعادة ثقة العملاء والضباط تمثل «جزءا أصيلا من سبب موافقتي على العودة».

وأعرب مسؤولون سابقون بالخدمة السرية، أول من أمس، عن اعتقادهم أن التغييرات الأخيرة مهمة، ولحد كبير ضرورية، لاستعادة سمعة الجهاز. ورأى بيل بيكل، نائب مدير مساعد بالجهاز سابقا، أن كلانسي يمر بموقف صعب. وأضاف: «إنه يتعرض للضغوط من قبل وزارة الأمن الداخلي كي يتخذ إجراءات عملية، بينما يعد هؤلاء المديرين المساعدين أصدقاء له. إلا أنه يدرك أن مصلحة المؤسسة تقتضي رحيل هؤلاء. إنها ليست باللحظة السعيدة لهم، لكن تبقى الحقيقة أنه حان وقت تقاعدهم».

يذكر أن عملاء وضباط بالوكالة يشتكون منذ سنوات من أن القيادات الإدارية العليا داخل جهاز الخدمة السرية منعزلة، وتبدي اهتماما أكبر بحماية نفسها من المشكلات عن مكافأة الأداء الجيد. ويرى بعض المسؤولين أنه من خلال خلق هذا العدد الكبير من الأماكن الشاغرة، فإن كلانسي قد يفسح بذلك المجال لأفراد أصغر سنا للارتقاء في السلم المهني، وطرح منظور جديد للأمور.

يُذكر أن المديرين المساعدين الـ4 الذين طُلب منهم الرحيل هم: ديلي إيه بوبيلو، الرئيس السابق لشؤون العمليات الحمائية الخاصة بنائب الرئيس بايدن، وبول إس موريسي، الذي تولى الإشراف على عمليات التحقيق، وجين بي مرفي، التي تولت رئاسة الشؤون الحكومية والعامة، ومارك كوبانزي، الذي أشرف على الشؤون التقنية وأدوات وضع التقارير عن المهام.

من جهته، أعلن فيكتور إريتفيا، مسؤول العمليات الحمائية الخاص بأوباما، الذي اختير مديرا مساعدا لشؤون التدريب عام 2014، عزمه التقاعد هذا العام، في أعقاب النتائج التي توصلت لها لجنة وزارة الأمن الداخلي. وأفاد مصدر مطلع بأن إريتفيا يسعى منذ شهور لنيل وظيفة بالقطاع الخاص. كذلك، أعلن غريغوري إيه مارشيو، المدير المساعد بمكتب المسؤولية المهنية، الشهر الماضي، تقاعده، بعد بلوغه سن التقاعد الإجباري البالغ 57 عاما.

يُذكر أن كبار المسؤولين كانوا يحصلون على استثناء من هذا الأمر حال رغبتهم في الاستمرار بالجهاز.

يذكر أن كوبانزي يتميز عن باقي المجموعة، بكونه حديث العهد نسبيا بالمناصب الإدارية داخل الجهاز، رغم عمله بالخدمة السرية منذ 32 عاما، ذلك أنه تولى المدير المساعد لشؤون التقنية قبل وقوع حادث القفز فوق سور البيت الأبيض بأسابيع قليلة، وصرح لـ«واشنطن بوست» بأنه يحترم «سلطة مدير الخدمة السرية تجاه اختيار كبار مساعديه التنفيذيين. وقد أتيحت لي فرصة تولي منصب تنفيذي بكيان آخر يتبع وزارة الأمن الداخلي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»