مؤيدون لبوتين يشكلون حركة شعبية جديدة هدفها وأد أي ثورة محتملة

استطلاع: 55 % من الروس يؤيدون التمديد للرئيس الحالي في 2018

بوتين أثناء حضوره منتدى في موسكو أمس (رويترز)
TT

تحسبا لاندلاع حركات مناوئة للسلطة في روسيا، على غرار ما وقع في أوكرانيا العام الماضي، أُعلن في موسكو أمس عن تأسيس حركة شعبية تحمل اسم «أعداء الميدان» (أنتي ميدان). ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» للأنباء الروسية عن مصادر بالحركة الشعبية الجديدة أن الهدف الرئيسي من الحركة هو «التصدي للقوى التي قد ترغب في تنظيم لقاءات جماهيرية معادية للحكومة حسب السيناريو الأوكراني». ونقلت الوكالة عن ديمتري سابلين عضو المجموعة المنظمة النائب الأول لرئيس منظمة عموم روسيا أن «الميدان» في أوكرانيا لم يظهر بين يوم وليلة، حيث كان يتوسع يوما بعد يوم، وراح الذين يقفون وراء فكرته يمولون المشاركين فيه يدفعون لهم مقابل كل مشاركة في مظاهرة أو إلقاء حجر أو زجاجة. وكشف سابلين عن إدراكهم لمغبة ما يجري اليوم في روسيا من تحركات، تعد بمثابة «بالونة اختبار»، مؤكدا أن «كل المسيرات الجماهيرية والثورات الملونة لن تسفر سوى عن إراقة الدماء، ومعاناة الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما ستتصدى له هذه المنظمة الجديدة». وقال: إنهم سوف ينزلون إلى الشارع لأول مرة حتى يتعرف الأعضاء المؤسسون على بعضهم البعض ويسبرون أغوار الشباب الذين يعتزم البعض «التغرير» بهم.

وقالت المصادر الرسمية للحركة الجديدة بأن منظمة «أعداء الميدان» تضم بين صفوفها عددا من أبرز المعروفين بولائهم للرئيس فلاديمير بوتين وممن يعرفونه شخصيا وسبق وشاركوا معه في الكثير من الفعاليات الشعبية والرياضية ومنهم الكسندر زالدوستانوف رئيس نادي الدراجات البخارية «ذئاب الليل»، والكاتب نيكولاي ستاريكوف، عضو حركة قدامى المقاتلين في أفغانستان فياتشيسلاف شعبانوف، وغيرهما من أبرز نجوم المجتمع الروسي. وأضافت المصادر أن مؤسسي الحركة الجديدة ينوون العمل من أجل رفد صفوفهم بتنظيمات وحركات شعبية ورموز جديدة، بما يسمح لاحقا بإعلانها «منظمة دولية» ترفع نفس الشعارات والتوجهات وتسعى نحو تحقيق ذات الأهداف المعادية «للثورات الملونة» و«الميادين المشبوهة».

وكان الرئيس بوتين قد أعلن في مايو (أيار) 2011 عن تأسيس الجبهة الشعبية لعموم روسيا التي دعمت بقوة انتخابه رئيسا لروسيا لفترة ولاية ثالثة، تحسبا لانحسار شعبية ومواقع «حزب روسيا الموحدة» الذي كانت تراجعت مواقعه وخسر الكثير من مقاعده البرلمانية في الدورة السابقة.

في غضون ذلك، أعلن مركز «ليفادا» لاستطلاعات الرأي، عن نتيجة استطلاع أخير أجراه حول فكرة «إعادة انتخاب بوتين لفترة رئاسية رابعة في عام 2018». وأشارت وكالة «ريا نوفوستي» إلى أن نسبة 55 في المائة من المشاركين في الاستطلاع الذي جرى أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي تريد أن ترى بوتين رئيسا لروسيا في عام 2018. بينما كشفت نسبة 18 في المائة عن رأي مغاير يقول بضرورة ظهور شخصية أخرى لتولي مقاليد الرئاسة وطرح حلول مغايرة للمشاكل الراهنة. غير أن نسبة 10 في المائة من المشاركين في هذا الاستطلاع أعلنت عن ضرورة ظهور سياسي آخر، لكن لمواصلة سياسات الرئيس الحالي بوتين. ومن اللافت أن نسبة 54 في المائة من المشاركين في استطلاع الرأي قالوا بعدم وجود من يستطيع الاضطلاع بمهام الرئاسة غير بوتين، في الوقت الذي قالت نسبة 24 في المائة بإمكانية العثور على مثل هذه الشخصية إذا دعت الحاجة إلى البحث عنها.

وجاءت هذه الأحداث مواكبة لما تناقشه وزارة الثقافة الروسية حول ما وُصف بإجراءات ضبط حركة المجتمع والعمل من أجل الحيلولة دون انفراط عقد الثقافة في البلاد. وقالت مصادر وزارة الثقافة باحتمالات اتخاذ قرار حظر توزيع وعرض الأفلام التي تهدد الوحدة الوطنية. وأشارت إلى أن هناك تفكيرا نحو رفض منح التصاريح اللازمة للتوزيع والعرض لكل الأعمال الفنية التي تهدد الوحدة الوطنية وتشكل خطرا على الثقافة الروسية. وكشفت عن أنه كان من المفروض أن تسري القرارات الخاصة بهذا الشأن اعتبارا من الأول من يناير (كانون الثاني) الجاري، إلا أن المناقشات كشفت عن ضرورة استطلاع آراء كافة المؤسسات الثقافية والمعنيين بمثل هذا القضايا، ومنهم من يقف معارضا لأي ما من شأنه فرض «الحجر» على أي من أوجه الثقافة. وقال المخرج أندري بروشكين، على سبيل المثال، إن هناك فيلمين لا يزالان حبيسي العلب حتى اليوم بسبب الحظر المفروض عليهما لما يتضمناه من ألفاظ تندرج تحت ظاهرة «مات الروسية» والتي تعني بالعربية «الألفاظ الخارجة التي يحاسب عليها القانون».

ومن اللافت أن محاولات فرض قيود وضبط حركة المنظمات الجماهيرية وكبح جماه أصحاب التوجهات الليبرالية لم تقتصر عند هذا الحد لتنتقل إلى مجلس الدوما الذي يبدو في سبيله إلى مناقشة مشاريع قوانين تقدم بها ممثلو حزب «العدالة الروسية» بهدف حظر وإلغاء التصاريح الممنوحة للمنظمات الأجنبية العاملة في روسيا. وكان مجلس الدوما قد ناقش هذه القضايا لدى مداولات إقرار القوانين الخاصة بتشريع وجود «منظمات المجتمع المدني»، ومراقبة «الإنترنت» والمواقع الإلكترونية. وثمة من يقول: إن الاهتمام بمثل هذه القضايا تزايد كثيرا بعد الكشف رسميا عن خطة أميركية جرى تسريب بعض نقاطها وتستهدف الإطاحة بنظام الرئيس بوتين وهو ما يبدو من أهم الأسباب التي تقف وراء اندلاع الأزمة الأوكرانية وما أعقبها من إقرار العقوبات الاقتصادية والسياسية ضد روسيا وأبرز نجومها من أعضاء فريق الرئيس الروسي.