دعوة رسمية للعاهل المغربي لزيارة مصر

الرباط تدعم خريطة الطريق المصرية.. والقاهرة تشيد بالطفرة التي شهدها المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس

العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال استقباله سامح شكري وزير الخارجية المصري في القصر الملكي بفاس أمس (ماب)
TT

طوى المغرب ومصر، أمس، رسميا صفحة التوتر التي طرأت على العلاقة بينهما، وذلك عقب الزيارة التي قام بها سامح شكري، وزير الخارجية المصري، إلى المغرب، حيث استقبل أمس من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس في القصر الملكي بفاس، كما أجرى رفقة الوفد المرافق له مباحثات مع نظيره المغربي صلاح الدين مزوار.

وذكر بيان للديوان الملكي، أمس، أن الملك محمد السادس استقبل سامح شكري، الذي «نقل له رسالة أخوة ومودة وصداقة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي». وبهذه المناسبة، نقل سامح شكري إلى الملك محمد السادس «دعوة من الرئيس السيسي، للقيام بزيارة رسمية إلى مصر».

وأضاف البيان أنه جرى خلال هذه المقابلة التأكيد على الإرادة المشتركة للبلدين لتطوير العلاقات الثنائية، وإعطائها دفعة جديدة في مختلف المجالات، في أفق إحياء اللجنة العليا المشتركة التي يرأسها قائدا البلدين.

وفي هذا الإطار، أعطى الملك محمد السادس توجيهاته للحكومة قصد التحضير لإنجاح الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة، ولا سيما من خلال إعداد برامج عمل مشتركة، واتفاقيات شراكة تضم القطاع العام وشبه العمومي والقطاع الخاص، لما فيه خير الشعبين والبلدين الشقيقين.

وأجرى صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، أمس بفاس، محادثات مع نظيره المصري سامح شكري، حضرها سفيرا البلدين وعدد من مسؤولي الوفدين المغربي والمصري. وقال مزوار في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء المغربية، إن اللقاء «شكل مناسبة لمناقشة ودراسة مختلف القضايا التي تهم البلدين، والعمل على تحقيق ما يتطلع إليه قائدا البلدين، الملك محمد السادس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من شراكة قوية وطموحة ترتكز على التراكمات التي تجمع بين البلدين».

وأضاف مزوار، أن العلاقة بين المغرب ومصر قوية، وأنه «لا يمكن لأي أحد أن يفرق بينهما»، مضيفا أن كل محاولة من هذا القبيل «ستكون يائسة لأن ما يجمعنا قوي وصادق ويتماشى مع واقع العصر، كما أننا دائما نتطلع إلى الأحسن».

وأوضح مزوار، أن للمغرب ومصر «مسؤوليات مشتركة جسيمة اتجاه العالم العربي وأفريقيا»، مشيرا إلى أنه «انطلاقا من هذا الوعي نتطلع إلى أن يكون عملنا المشترك عملا فاعلا»، مؤكدا أن للبلدين «رؤية مشتركة مبنية على قناعات ومسؤوليات في الدفاع عن القضايا الكبرى، والعمل على تجاوز كل ما يعيق المصير المشترك»، مضيفا أن «ما سنقوم به سويا من أجل وضع أسس لشراكة قوية سيكون إشارة لمن له شك في ذلك، وأن المغرب ومصر بلدان يسيران سويا في الطريق السليم لبناء شراكة قوية ومتينة، وقادران على تجاوز كل المطبات».

من جهته، أشار وزير الخارجية المصري إلى أن العلاقات التي تجمع بين المغرب ومصر «علاقات وثيقة وممتدة امتداد تاريخنا المشترك». وبعد أن أوضح أن مصر والمغرب يتشاوران دائما في إطار الجامعة العربية لمواجهة التطورات الدولية والعالمية، أكد أن مواقف البلدين «كانت دائما متطابقة، واهتماماتنا ورؤانا حول القضايا الإقليمية والدولية داعمة لبعضها البعض».

وأعرب وزير الخارجية المصري عن أمله في أن يستفيد البلدان بشكل إيجابي من «مستوى التنسيق بينهما من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة العربية وفي الإطار الأفريقي»، وقال بهذا الخصوص، إن «العلاقات الممتدة بين القيادتين في مصر والمغرب تشكل دافعا أساسيا لتوثيق وتدعيم العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين، وجعلها دائما قائمة على أسس متينة من الفهم المشترك، والاهتمام بانشغالات كل طرف اتجاه الطرف الآخر». كما أكد أن هذا اللقاء سيشكل مناسبة لاستعراض مجمل العلاقات الثنائية، وإيجاد الأسلوب الأمثل «لتفعيل أرضية ترتكز على الإطار القانوني والتعاقدي القائم بين البلدين، ويعكس الرغبة الأكيدة والصادقة في تحقيق الاستفادة المشتركة بين البلدين».

وأوضح وزير الخارجية المصري، أنه «بفضل حكمة قائدي البلدين، والتقدير المتبادل، سنستمر في العمل المشترك من أجل رعاية العلاقة الخاصة التي تربط بين البلدين والشعبين والتي ستظل، رغم كافة التحديات وبغض النظر عن أي ظروف أو ملابسات، راسخة في قوتها وقادرة على تجاوز كل العقبات». ووفقا للخارجية المصرية أعاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي التأكيد على موقف المغرب الداعم لمسار التحول الديمقراطي في مصر، ومساندة المغرب لخارطة الطريق التي تبناها الشعب المصري عقب ثورة الـ30 من يونيو، لانتخاب مؤسسات ديمقراطية بدءا بالاستفتاء على دستور جديد جرى إقراره في بداية عام 2014، ثم انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في يونيو (حزيران) الماضي في انتخابات حرة ونزيهة تعبر عن الإرادة الساحقة للشعب المصري، وصولا إلى التنظيم المرتقب للاستحقاقات التشريعية في مارس (آذار) 2015، كما أبرز وزير الخارجية المغربي وقوف المملكة بحزم إلى جانب مصر في مواجهة الإرهاب، وإدانتها لأي أعمال تستهدف زعزعة استقرار مصر وأمنها.

وأكد وزير الخارجية المغربي دعم المغرب لترشيح مصر لمقعد غير دائم بمجلس الأمن لعامي 2016-2017. وبالنسبة لمسألة الصحراء، أكد وزير الخارجية المصري التزام مصر بالوحدة الترابية للمملكة المغربية وبالحل الأممي لقضية الصحراء وتأييدها لما جاء بقرارات مجلس الأمن حول المشروع المغربي للحكم الذاتي والترحيب بالجهد المغربي الجاد وذي المصداقية لدفع العملية قدما نحو الحل.

وأشاد وزير الخارجية المصري بالطفرة التي شهدها المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، في مسار التحول الديمقراطي، ومجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك التقدم الذي تحقق في تطوير البنية التحتية وتحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى المخططات الاستراتيجية الوطنية للتنمية في مختلف القطاعات الحيوية خاصة الصناعة والزراعة والسياحة.

ونقل وزير الخارجية المصري دعوة من الرئيس المصري للمشاركة في مؤتمر «دعم وتنمية الاقتصاد المصري - مصر المستقبل»، وقد أعرب وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي عن تطلع المملكة المغربية إلى المشاركة على المستوى الرسمي وتشجيع القطاع الخاص المغربي على ذلك. كما أطلع وزير الخارجية المصري نظيره المغربي على المشاريع الكبرى التي يجري تنفيذها في مصر. وفي هذا السياق، اتفق الجانبان على دراسة المقترحات المطروحة لإقامة مراكز لوجيستية مغربية ومصرية في منطقة قناة السويس وفي ميناء طنجة المتوسط لتيسير نفاذ كل منهما إلى أسواق جديدة. وأكد الجانبان دعم بلديهما للجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في جميع الأطر، بما في ذلك المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وفي مجال التصدي لمخاطر النشاط الإرهابي للمقاتلين الأجانب، مؤكدين عزمهما على التنسيق بين المغرب ومصر لمكافحة التطرف والإرهاب، خاصة في شمال أفريقيا وغربها، والإسهام في الجهود الدولية للتصدي للتطرف ونشر قيم الوسطية والاعتدال.

وتناول الوزيران الأوضاع في ليبيا، وأعربا عن انشغالهما وقلقهما الكبير للمحاولات المستمرة لهدم مؤسسات الدولة الليبية وتقويض شرعيتها، وأكد الوزيران، في هذا الصدد، أهمية العمل الجماعي لمواجهة التنظيمات الإرهابية في ليبيا وتجفيف منابع تمويلها، وذلك من خلال الشروع فورا في اتخاذ إجراءات حاسمة وعاجلة للتعامل مع الوضع في ليبيا، بما في ذلك تفعيل قرار مجلس الأمن 2174 القاضي بفرض عقوبات على الأطراف التي تعمل على تقويض الحل السياسي السلمي في ليبيا، وكذا تفعيل باقي قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب، ومنها القرار رقم 2178. كما أكدا استعداد بلديهما لدعم قدرات الجيش الوطني الليبي للاضطلاع بدوره المشروع في بسط سيادة الدولة الليبية والدفاع عن الخيار الديمقراطي للشعب الليبي وحماية ثرواته ومقدراته الوطنية.