بلجيكا: الجيش يشارك في تأمين المؤسسات الحيوية.. و«العقل المدبر» للهجمات «داعشي»

اعتقال 3 أشخاص.. والفصل بين المتشددين وباقي المساجين

جنود من قوات الجيش البلجيكي أمام مدرسة يهودية في أنتويرب ضمن الإجراءات الأمنية الجديدة المطبقة بعد الهجمات الإرهابية التي شهدتها البلاد (رويترز)
TT

وافقت الحكومة البلجيكية على نشر 300 من عناصر الجيش في الشوارع لتأمين وحماية عدد من المؤسسات الحيوية والمنشآت العمومية، وتقديم الدعم لعمل الشرطة في هذا الصدد.

وقال بيان لمكتب رئيس الوزراء شارل ميشال إن الحكومة وافقت على هذا الأمر عقب انتهاء اجتماع وزاري في وقت مبكر من صباح أمس، على أن يتم نشر الجنود في بروكسل العاصمة ومدينة أنتويرب (شمال البلاد)، ويمكن نقلهم إلى أماكن أخرى مثل فرفييه التي عرفت الخميس الماضي إحباط عمل إرهابي، بحسب ما أعلنت السلطات التي قالت إن تبادلا لإطلاق نار جرى مع مسلحين عقب إلقائهم متفجرات بأحد شوارع المدينة، وقتل شخصان واعتقل الثالث، قبل تنفيذ هجمات كانت تستهدف عناصر ومراكز الشرطة.

وجاء قرار نشر عناصر الجيش في إطار حزمة الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة الجمعة لمواجهة مخاطر وتهديدات إرهابية. ومن المتوقع أن يبدأ نشر عناصر الجيش في غضون الساعات القليلة المقبلة. وتعتبر تلك هي المرة الأولى منذ ربع قرن التي تلجأ السلطات فيها لنشر الجيش في الشوارع لمواجهة تهديدات نتجت عن أعمال نسبت إلى منظمات شيوعية في الثمانينات.

في غضون ذلك، أكدت مصادر إعلامية، أمس، أن العقل المدبر للخلية التي ضبطت الخميس في بلجيكا قبيل انتقالها إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، هو متطرف بلجيكي مشهور ذهب إلى سوريا وأصدر أمرا بشن العملية من اليونان أو من تركيا. وذكرت صحيفة «درنيير أور» أن «محققينا يبحثون عن زعيم الخلية المتطرفة» عبد الحميد أباعود (27 عاما) بمساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي). وأوضحت الصحيفة أن هذه «الشخصية المعروفة في سوريا»، حيث انضم إلى صفوف «داعش»، بلجيكي مغربي الأصل نشأ في حي مولنبيك الشعبي في بروكسل.

وتظهر صورته في عدد من أشرطة الفيديو الدعائية لـ«داعش» على الإنترنت. وفي أحد هذه الأشرطة يبدو وهو يقود سيارة تسحب أربع جثث مثلت بها المجموعة المتطرفة. وانتشرت الصيف الماضي في بلجيكا صور لشقيقه الصغير (13 عاما) الذي انضم إليه في سوريا يحمل فيها كلاشنيكوف ويرتدي حزاما ناسفا. وذكرت شبكة «في تي إم» الفلمنكية أن التحقيق حول الخلية قد بدأ في الفترة بين الميلاد ورأس السنة، بسبب اتصالات مشبوهة كان يتلقاها معتقل في سجن لانتين قرب لييغ (شرق بلجيكا). وكشفت عمليات تنصت أن عبد الحميد أباعود كان يتصل بالمتطرفين عبر هذا المعتقل الذي كان شقيق أحد المشتبه بهما اللذين قتلا في مداهمة الشرطة في فرفييه (شرق) مساء الخميس. وأضافت أن الأجهزة المختصة حددت مكان اتصالاته في اليونان. وأوضحت صحيفة «درنيير أور» أن المشتبه به يمكن أن يكون موجودا أيضا في تركيا.

من جهته، قال وزير العدل البلجيكي كون جينيز إنه سيتم تجميع المساجين المتشددين من أصحاب الفكر المتطرف في أقسام خاصة بهم في السجون البلجيكية، وسيكون هناك قسم مخصص لهذا الغرض في سجون النصف الناطق بالفرنسية في البلاد والقريب من الحدود مع فرنسا، وقسم آخر في النصف الفلاماني من البلاد والقريب من الحدود مع هولندا، وذلك في إطار عملية للفصل بين المتشددين الإسلاميين وباقي المساجين لمواجهة نشر الفكر المتشدد داخل السجون، وذلك حسبما ذكرت محطة «في تي إم» التلفزية الناطقة باللغة الهولندية في بلجيكا. ويجيء ذلك في إطار حزمة الإجراءات التي تضم 12 خطوة من بينها مواجهة الفكر المتشدد في السجون، وسوف تتم الاستعانة برجال دين من المسلمين لتوعية السجناء بمخاطر التشدد والفكر المتطرف.

وأعلن الادعاء البلجيكي احتجاز ثلاثة رجال في بروكسل لتهديدهم رجال شرطة، فيما أطلق سراح عشرة، وذلك بعد يومين من إحباط مخطط كان يستهدف رجال إنفاذ القانون. وألقي القبض على رجلين في وقت متأخر ليلة أول من أمس بعد تهديدهما رجال الشرطة في ضاحية مولينبيك في غرب بروكسل. وفي حادث منفصل قريب، ألقي القبض على رجل ثالث بعدما تظاهر بإطلاق النار على رجال الشرطة، بحسب بيان الادعاء. وقالت النيابة العامة لوكالة الأنباء البلجيكية (بيلجا) إنه في ضوء الأحداث الأخيرة «يتم أخذ كل المخاطر على محمل الجد».

ومن ناحية أخرى، جرى نشر ستة جنود لحراسة المتحف اليهودي في بروكسل حيث قتل أربعة أشخاص في هجوم في مايو (أيار) 2014. كما أرسل أفراد عسكريون لدعم الشرطة في أنتويرب على الأغلب في الحي اليهودي ودايموند كوراتر.

وباحتجاز الأشخاص الثلاثة يصل عدد الأشخاص الذين تم احتجازهم منذ أول من أمس إلى 16 شخصا. ووفقا لمكتب الادعاء العام البلجيكي شكل الأشخاص الذين جرى توقيفهم، خلية إرهابية كانت على وشك تنفيذ هجمات ضد مراكز الشرطة واستهداف رجال الأمن في الشوارع. وأضاف الادعاء العام أن الوثائق التي عثر عليها لها صلة برسائل التهديدات التي وصلت إلى أربعة محلات لبيع الصحف بعد بيعها العدد الأخير من صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية والتي كانت مسرحا لعمل إرهابي في باريس قبل ما يزيد على أسبوع وأعادت نشر رسوم كارتونية للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) على صفحتها الأولى. ويأتي ذلك بعد أن أكد رئيس الوزراء البلجيكي، شارل ميشال، عدم وجود تهديدات إرهابية جديدة تستهدف أراضي البلاد. وجاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده ميشال الجمعة لعرض حزمة الإجراءات التي أقرتها حكومته لتدعيم العمل على محاربة التطرف والإرهاب «لا تتوافر دلائل ولا معلومات عن وجود تهديدات داخل الأراضي البلجيكية»، وفق كلامه. وأكد أن الإجراءات التي تبنتها الحكومة اليوم تأتي ضمن برنامج عملها وتعبر عن تصميمها استخدام كل الوسائل المتاحة للتصدي للخطر.