زعامات أنبارية تتهم الحزب الإسلامي بتهميش العشائر التي تقاتل «داعش»

مع توجه وفد سياسي وعشائري من المحافظة إلى واشنطن طلبا للدعم والتسليح

أحد الأحياء المحاصرة في مدينة الرمادي («الشرق الأوسط»)
TT

رغم المباركة الرسمية للحكومة العراقية للوفد السياسي والعشائري من محافظة الأنبار الذي توجه، أمس، إلى الولايات المتحدة الأميركية لبحث تسليح العشائر من أجل التصدي لتنظيم داعش، فإن زعامات عشائرية في محافظة الأنبار اتهمت الحزب الإسلامي بتهميش العشائر التي تقاتل التنظيم المتطرف بالفعل من هذا الوفد.

وكان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن مباركته لزيارة الوفد العشائري لمحافظة الأنبار إلى واشنطن. وقال المتحدث باسم المكتب الإعلامي سعد الحديثي في تصريح أمس إن «وفد محافظة الأنبار الذي ذهب إلى واشنطن زار، قبل أسبوع، رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، وتباحث معه في أبرز النقاط التي سيتم طرحها في زيارته هناك».

وأضاف الحديثي أن «الوفد يمثل محافظة الأنبار وحكومتها المحلية ومجلسها وبعضا من شيوخ العشائر هناك، وتم الاتفاق على جميع النقاط التي ستبحث هناك، وسيتم التنسيق بشأنها مع الحكومة العراقية»، مشيرا إلى أن «الحكومة العراقية ومن خلال هذا الوفد تتطلع لدعم أميركي فعّال ومؤثر فيما يتعلق بتسليح وتدريب المتطوعين من أبناء العشائر في الأنبار، ودعم القوات المسلحة التي تقاتل في المحافظة».

وأكد الحديثي على ضرورة أن «يكون الدعم بتنسيق كامل مع الحكومة العراقية»، مشيرا إلى أن «الجانب الأميركي أكد عبر مبعوث الرئيس باراك أوباما إلى العراق جون آلن أن الدعم الذي سيقدم لمحافظة الأنبار، سواء للمتطوعين من أبناء العشائر أو للقوات المسلحة، سيكون من خلال التنسيق الكامل مع الحكومة العراقية وعبر قنواتها وبتفاهم تام معها، وليس بعيدا عنها».

لكن عضو البرلمان العراقي وشيخ عموم عشيرة البونمر في محافظة الأنبار، غازي الكعود، هاجم الوفد وتركيبته بشدة. وقال الكعود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الوفد الذي ذهب إلى واشنطن لا يمثل بالنسبة لنا أهمية، ولا نعول عليه إطلاقا، وإن الأشخاص الذين ذهبوا سواء كانوا شيوخا أم رؤساء وحدات إدارية لا يمثلون أهالي الأنبار، بل إنهم لا يمثلون إلا أنفسهم»، مشيرا إلى أن «أحدا من العشائر التي تتصدى لتنظيم داعش على أرض الواقع لا يعلم بتركيبة الوفد، وأجنداته وأهدافه، لأن هؤلاء الذين شكلوا الوفد ليسوا من يقاتلون أو يوجدون في صلب المعركة ولا يعرفون ما يحدث في الأنبار، حيث هناك قادة عشائر حقيقيون، وهم من يقدم الدم والتضحيات».

ووصف الكعود هذه الزيارة بأنها «مجرد سفرة سياحية لا أكثر لأناس كانوا السبب في مجيء تنظيم داعش إلى الأنبار، وهم من كانوا يقودون منصات المظاهرات». وأوضح الكعود إن «الحزب الإسلامي الذي كان له دور في المنصات التي سهلت دخول تنظيم داعش يريد اليوم أن يكون في الواجهة، وهناك شخصيات نعرفهم، والأميركيون يعرفونهم، ومع ذلك هم اليوم من يتولى قيادة الوفد وإجراء مباحثات مع الأميركيين الذين هم أصلا موجودون في العراق، ويعرفون كل شيء، ولا يحتاج أحد للذهاب إلى هناك، والالتقاء بموظفين عاديين، بل كان بالإمكان إرسال وفد من العشائر المتصدية لـ(داعش) إلى السفير الأميركي في العراق للتباحث معه بهذا الشأن».

وكان مجلس محافظة الأنبار أعلن، أمس، عن مغادرة وفد سياسي وعشائري إلى الولايات المتحدة الأميركية. وقال مزهر الملا، عضو مجلس المحافظة، في تصريح إن «الوفد الذي يترأسه محافظ الأنبار صهيب الراوي يضم رئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت، ورئيس اللجنة الأمنية في المجلس حميد أحمد، ورئيس مجلس ناحية عامرية الفلوجة فيصل العيساوي، ورئيس مؤتمر صحوة العراق أحمد أبو ريشة»، وأضاف الملا أن «الوفد سيبحث مع المسؤولين الأميركيين الحصول على الدعم اللازم للمحافظة في الحرب ضد (داعش)، من خلال تدريب وتسليح أبناء العشائر».

من جهته، أكد الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي شيخ عشيرة البوفهد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: هل الإدارة الأميركية جادة في مساعدة محافظة الأنبار أم لا، لأن الأميركيين يعرفون حقيقة الوضع في الرمادي، وهم لهم خبرة في هذه المحافظة، وسبق لكبار مسؤوليهم ممن زاروا العراق، مثل جون ماكين أو منسق التحالف الدولي جون آلن أن التقوا مسؤولين وشيوخ عشائر، وبالتالي الأمر واضح للجميع». وأضاف الفهداوي أن «لدينا تحفظات أساسية على هذا الوفد، لكن بعيدا عن الأشخاص»، مؤكدا أن «جماعة الحزب الإسلامي الذين كانوا تسيدوا المنصات ومن جاءوا بالإرهاب إلى المحافظة هم اليوم يريدون أن يتحولوا إلى رجال إطفاء للنيران التي سبق لهم أن أشعلوها في الأنبار».

من ناحية ثانية أكد مجلس محافظة الأنبار أن التحالف الدولي لم يقدم أي دعم للقوات الأمنية ومقاتلي العشائر على الرغم من شراسة المعارك مع تنظيم داعش في بعض المناطق، فيما أشار إلى أن العشائر لا تزال تعاني من قلة التسليح.

وقال عضو مجلس محافظة الأنبار، عذال الفهداوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن مساندة طيران التحالف الدولي للقوات الأمنية وأبناء العشائر في عمليات تطهير المناطق من سيطرة تنظيم داعش «ما زالت ضعيفة، وأحيانا لم تقدم أي دعم جوي على الرغم من أن القوات الأمنية وأبناء العشائر يخوضون معارك شرسة في مناطق تحتاج إلى غطاء جوي». وأضاف الفهداوي أن «الحكومة المحلية والمشرفين على الملف الأمني طالبوا ولمرات عديدة بتوفير غطاء جوي للقوات الأمنية وأبناء العشائر، إلا أن هذه المطالب لم تلق أي استجابة من قبل الجهات المعنية، الأمر الذي أثر سلبا في إحراز تقدم سريع في عمليات تطهير مناطق مدن الأنبار».

من جانب آخر، تصاعدت صرخات الاستغاثة من قبل مدنيين محاصرين من قبل مسلحي تنظيم داعش في بعض مناطق مدينة الرمادي وآخرين في ناحية البغدادي 120 كم غرب الرمادي مركز محافظة الأنبار. وقال الشيخ قَطرِي كهلان السمرمد، أحد شيوخ عشائر العبيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك أكثر من 50 ألفا من السكان المحاصرين في ناحية البغدادي منذ أشهر ولم يستجب أحد لنداءاتنا المستمرة للحكومة العراقية. هناك نقص كبير في المواد الغذائية والطبية وانعدام للخدمات بالكامل. أعداد الوفيات في تصاعد خطير بين الأطفال وكبار السن، ولا بد أن تنظر الحكومة العراقية لمأساتنا، فنحن قدمنا الكثير من الرجال دفاعا عن أرض العراق، ونتصدى منذ أكثر من عام للهجمات المستمرة من قبل مسلحي تنظيم داعش الذي يحاول وبكل قوة للسيطرة على ناحية البغدادي وقضاء حديثة، لكننا نفشل محاولاتهم ونكبدهم الخسائر تلو الخسائر في كل مرة».