لافتات النعي.. مظهر آخر من مظاهر انتشار الميليشيات المسلحة في العراق

رفعها في الأماكن العامة ببغداد يثير تحفظات البعض

لافتتا نعي لاثنين من عناصر الميليشيات قُتلا في معارك مع «داعش» معلقتان على جدار في حي سكني ببغداد («الشرق الأوسط»)
TT

لم يعد غريبا أن يطالع المواطن البغدادي هذه الأيام لافتات النعي السوداء وهي تنتشر في الأماكن العامة ببغداد، بعد كل مواجهة ساخنة مع تنظيم داعش، وغالبا ما تشير تلك اللافتات لأسماء قتلى من كبار عناصر ميليشيات مسلحة مثل «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» و«كتيبة سيد الشهداء»، وغيرها من التنظيمات المسلحة التي أخذت تعلن عن نفسها بطريقة أكثر وضوحا في الآونة الأخيرة.

ورغم دعوات سابقة لوزارة الداخلية العراقية إلى حصر السلاح بيد الدولة، ومنع المظاهر المسلحة وربطها بالقوات النظامية للدولة، فإن التهديدات التي تتعرض لها البلاد وفرت أرضية خصبة لعودة المظاهر الميليشياوية المسلحة، وإقامة مجالس عزاء رسمية وحاشدة لقتلاها، بينما يشكو البغداديون من تعاظم نفوذ وسيطرة تلك الميليشيات على حساب القوات الحكومية، وربما تجاوزتها في التسليح، الأمر الذي يضعف من هيمنة الدولة على مفاصل أمنها الداخلي والخارجي معا.

الإعلامي والشاعر حميد قاسم، رفض في حديثه لـ«الشرق الأوسط» انتشار هذه اللافتات، وقال: «لا شرعية لأي من مظاهر حمل السلاح خارج نطاق الدولة والسلطة التنفيذية فيها، لكن هذا ينطبق حتما على دولة تملك مقوماتها، لا مثل دولتنا المتهالكة التي ينخر الفساد والمحاصصة هيكلها، ويكيل الإرهاب الضربات الموجعة لها كل يوم». وأضاف: «ربما أضفت المواجهة مع (داعش) غطاء شرعيا على هذه المجاميع المسلحة، لكن السؤال الأهم هو: ماذا بعد استقرار الأوضاع وزوال الخطر؟ وهل ستحل هذه القوات نفسها أم تحاول دمج نفسها في قوات العراق النظامية؟».

أما الإعلامية والناشطة المدنية ذكرى سرسم، فأكدت أن «مثل هذه اللافتات تعطي للمواطن رسالة واضحة عن غياب سلطة القانون والدولة، وفيها استفزاز للكثيرين، خاصة عندما تغيب لافتات تنعى شهداء الجيش النظامي (على سبيل المثال) فيما تتعدد لافتات نعي قتلى هذه التشكيلات».

الخبير الأمني هشام الهاشمي يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «التشكيلات غير النظامية، سواء المرتبط منها بالأحزاب أو خارج منظومة العمل «السياسي، كانت موجودة، ولكن بأعداد أقل من الذي ظهرت عليه بعد 13 يونيو (حزيران) 2014. فقد شاركت منذ مارس (آذار) 2013 في معارك سوريا إلى جنب النظام السوري، وبلغ عدد من شارك منها في سوريا 7 فصائل مسلحة، و12 ألف مقاتل، تحت عنوان «حماية المقدسات الشيعية»، مضيفا أنه «بعد فتوى الجهاد الكفائي (التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني) ازداد عددها إلى 15 فصيلا تضم مائة ألف مقاتل».

وعن وقع مثل هذه التشكيلات على المواطن العراقي، قال الهاشمي: «الانقسام بشأنها طائفي؛ فبشكل عام الشيعة يرون الميليشيات أنهم جند المرجعية وحماه المذهب وخاصة في معاركهم ضد (داعش)، في حين يرى عامة السنة الميليشيات عصابات غير نظامية تنفذ أجندة إيران في التهجير والقتل لتغيير الديموغرافية خاصة في حزام بغداد وديالى».