«داعش» يتخذ من 1500 مدرسة في الأنبار مقرات له

في واحدة من أسوأ السنوات الدراسية بالمحافظة

مدرسة بمدينة الرمادي تبدو عليها آثار المواجهات المسلحة («الشرق الأوسط»)
TT

مشاهد الرعب وانعدام الحياة في مناطق متعددة من مدن الأنبار باتت هي الحالة السائدة التي تلتقطها عدسات الكاميرا من هنا وهناك. «الشرق الأوسط» سجلت من خلال تجوالها المستمر في مدن الأنبار كثيرا من المشاهد المؤلمة ونقلت معاناة شعب نازح ترك الدار والجار قاصدا المجهول، وآخر محاصر يعاني مداهمة الموت له في أي لحظة وتقسو عليه صعوبات العيش في ظل انعدام تام للخدمات وشح الغذاء والدواء.

وبين هذا وذاك، هناك مئات المدارس الابتدائية في الأنبار التي حولها تنظيم «داعش» إلى مقرات لمسلحيه الذين يسيطرون على غالبية مدن وبلدات المحافظة، لتختفي منها أصوات فرح التلاميذ عندما كانوا يبدأون يومهم برفع العلم والتغني بنشيد الوطن.

يقول الدكتور نافع حسين علي، المدير العام لتربية الأنبار، لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد أن سيطر مسلحو تنظيم داعش على معظم مدن الأنبار، شهدت الأنبار أكبر موجة نزوح سكاني في تاريخ المحافظة، وبطبيعة الحال، تأثرت مسيرة الحياة بشكل كامل، وشمل هذا التأثير قطاع التربية والتعليم، فبعد أن كانت مديريتنا تدير الأمور في أكثر من 2000 مدرسة منتشرة في عموم مدن الأنبار، وكذلك بعض المؤسسات التابعة لمديرية التربية، فواقع الأمر الآن يقول إن هناك أكثر من 1500 مدرسة وقعت بأيدي المسلحين، مما تسبب في شبه توقف للحركة التعليمية».

وأضاف علي: «رغم هذه الحال المأساوية، فإننا عقدنا العزم على تكثيف العمل في المدارس التي تقع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في وسط الرمادي مركز محافظة الأنبار وفي قضاء حديثة وناحيتي البغدادي وعامرية الفلوجة. كما زرنا مخيمات اللاجئين في مناطق إقليم كردستان وقمنا باستئجار مبان جعلناها مدارس وهيأنا لها كل المستلزمات المطلوبة، من تهيئة الصفوف وتجهيز الطلاب بالكتب على مختلف المراحل الدراسية، وتم افتتاح 80 مدرسة في أربيل استوعبت الطلاب النازحين ليس من الأنبار فحسب؛ بل من مختلف المناطق والمحافظات العراقية، وأدى الطلاب امتحانات الفصل الثاني الدراسي وبنسب نجاح لافتة للنظر، كما نقوم بزيارات ميدانية مستمرة للإشراف على المدارس البديلة».

وأضاف: «أما بخصوص ما يقوم به تنظيم داعش للترويج لدولته بافتتاح بعض المدارس هنا وهناك واستيعاب بعض من الطلاب المحاصرين مع ذويهم في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، فإن وزارة التربية أصدرت قرارا بعدم اعتماد الدراسة في المناطق التي يسيطر عليها مسلحو (داعش)».

وفي ناحية عامرية الفلوجة، 80 كيلومترا جنوب الرمادي مركز محافظة الأنبار والتي تطل على نهر الفرات، ومقابلة لمدينة الفلوجة، وتمتد إلى عمق الصحراء مسافة قدرها 9 كيلومترات، يعيش سكان تعدادهم أكثر من 150 ألف نسمة. وكانت ناحية العامرية قد سقطت بيد مسلحي «داعش» بعد أحداث الموصل في 9 يونيو (حزيران) 2014، وبعد ذلك سيطرت العشائر من أهل المنطقة على الجزء الجنوبي من العامرية، فيما يتمركز «داعش» في الجزء الشمالي منها.

ويقول رئيس المجلس البلدي لناحية عامرية الفلوجة، شاكر العيساوي، لـ«الشرق الأوسط» إنه «من مجموع 75 مدرسة هي عدد ما هو موجود في الناحية يباشر في الدوام منها 40 مدرسة فقط؛ حيث تقع بقية المدارس في مناطق نفوذ (داعش) وهي مناطق البوهوى وجميلة الفحيلات والبو دعيج والبو يوسف وبقية المناطق الأخرى، وأغلبية طلاب تلك المدارس هم الآن يواظبون على الدوام في المدارس التي تقع ضمن المناطق الآمنة للناحية بعد أن نزوح أهالي المناطق الواقعة تحت سيطرة (داعش) من الجزء الشمالي للناحية إلى جزئها الجنوبي». وتابع: «أكثر من 35 مدرسة اتخذها مسلحو (داعش) مقرات لهم، وتضرر معظمها نتيجة الأعمال العسكرية المستمرة بين القوات الحكومية والمسلحين».

ويقول معلم طلب الإشارة إلى اسمه فقط بـ«عبد الله» ويدرس في مدرسة «العصر الذهبي» في ناحية عامرية الفلوجة، لـ«الشرق الأوسط»: «مدرستنا استوعبت ضعف عدد الطلاب الأصلي في كل صف بعد أن استقبلت مناطقنا آلاف النازحين». ويضيف: «المخاطر تحيط بنا، والظروف قاسية، فنحن مستمرون بإعطاء الدروس بغية عدم إيقاف عجلة التعليم.. ونشهد في كل يوم سقوط عدد من القذائف التي يطلقها مسلحو تنظيم داعش باتجاه المدينة، حتى صرنا نجمع الطلاب في الصفوف ونمنعهم من الانتشار في ساحة المدرسة في فترات الاستراحة خشية سقوط قذائف في باحة المدرسة».