الحكومة العراقية تحذر من «سنوات يوسف العجاف» بسبب انهيار أسعار النفط

مسؤول أخذ على «السابقة» أنها لم تستغل فترات «الخير»

TT

حذرت الحكومة العراقية، أمس، مما وصفته بـ«سنوات يوسف العجاف»، التي كانت قد مرت على قوم النبي يوسف (عليه السلام)، مشيرة إلى أن السنوات السبع الماضية في العراق كانت سنوات خير لم تستغل لتفادي الأزمة الحالية.

وقال معاون أمين العام لمجلس الوزراء عبيد محل فريح، في كلمة له خلال مؤتمر الرقابة المالية الداخلية الثالث الذي أقامته الأمانة العامة لمجلس الوزراء تحت شعار «دعم أجهزة الرقابة الداخلية الوسيلة اأمثل لمتابعة تنفيذ الموازنة ومكافحة الفساد اداري والمالي» في بغداد، إن «السنة الحالية والسنة المقبلة ستكونان كسنوات يوسف العجاف في العراق». وأضاف فريح أن «السنوات السبع الماضية في العراق كانت سنوات خير لم تستغل لتفادي الأزمة الحالية بسبب سوء التخطيط»، مشيرا إلى أن «موازنات السنوات السبع الماضية تجاوزت الـ700 تريليون دينار، لكنها لم تستغل بشكل جيد، ولو استغلت بصورة صحيحة ما مر علينا ما نمر به اليوم». وتابع فريح أن «المشكلة التي نعاني منها ليست أخطاء في الحسابات، وإنما في ادارة وطرق الاحتيال التي تطورت»، داعيا إلى «تطوير الأجهزة الرقابية وتغييرها جذريا».

من جهته، أكد محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، لدى حضوره المؤتمر المذكور، في تصريحات له، أن «ما يواجه العراق اليوم جراء انخفاض واردات النفط يمكن معالجته على مستويين»، مشيرا إلى أن «المستوى الأول يكمن في معالجة آنية من خلال ما يمكن أن تحصله الدولة من قروض داخلية أو خارجية، بينما المستوى الثاني يكمن في معالجات طويلة المدى من خلال إعادة النظر في هيكلية الاقتصاد والإدارة المالية للبلد وتنويع مصادر الدخل». وأضاف العلاق أن «المؤسسات المالية العراقية كافة لن تتمكن من سد العجز المالي في البلد عندما يكون في مستويات كبيرة»، مؤكدا أن «هذا الأمر يدعو إلى إعادة النظر في هيكلية الموازنة وهيكلية الأنفاق وتنويع مصادر الدخل وتحقيق استثمار بشكل أوسع، وهو البديل الأول والأفضل من أجل جذب رؤوس الأموال وتشغيل الأيدي العاملة». وتابع العلاق أن «احتياطي البنك المركزي من الأموال رقم متغير ربما بشكل يومي وبحسب صادرات النفط وتغطية الاستيرادات المتغيرة»، لافتا إلى أن «البنك المركزي يحتفظ باحتياطات وبمعدل يعد من المعدلات الجيدة جدا في العالم قياسا بالكتلة النقدية المتداولة، وهذه هي القوة التي يحتسب بها الاحتياطي». وأشار العلاق إلى أن «احتياطي العراق لا يزال يغطي الكتلة النقدية الموجودة بأكثر من مرة ونصف، وهي نسبة عالية قياسا بنسبة التغطية في العالم التي تتراوح بين 70 و100 في المائة».

بدوره، أكد المستشار الاقتصادي باسم جميل بطرس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يواجهه العراق من أزمة مالية بسبب انهيار أسعار النفط تواجهه كل الدول الريعية تقريبا، لكن الفارق أن العديد من تلك الدول عندما تزداد وارداتها تفكر في خلق حلول أخرى لاستمرار الدخول العالية واستثمار الأموال المتدفقة جراء ارتفاع أسعار النفط في القطاعات الأخرى مثل الزراعة والصناعة والسياحة، وبالتالي لا تواجه مشكلة عويصة حين يحصل تراجع في أسعار النفط التي هي أصلا عرضة لمثل هذه الأمور». وأضاف بطرس أن «المشكلة التي نواجهها في العراق هي عدم التفكير في الأيام الصعبة وذلك بسبب الإدارة العشوائية للاقتصاد العراقي»، موضحا أن «أغلب السياسيين العراقيين ممن يتصدرون المشهد السياسي يجهلون في الواقع إدارة الملفات الاقتصادية ولم يفكروا في خلق بدائل مثل صندوق الأجيال على سبيل الاحتياط الاستثماري». وأوضح بطرس أن «العراق مر خلال عامي 2008 و2009 بأزمة مشابهة عندما انخفضت أسعار النفط، ولكن لم تتخذ الطبقة السياسية المسؤولة عن إدارة البلاد هذا الأمر بنظر الاعتبار، ولم تسع على الإطلاق إلى التفكير في خلق بدائل للاقتصاد العراقي».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن «المشكلة ليست في الموازنة المالية إذ إنها رغم انخفاض أسعار النفط لا تزال جيدة، وهناك دول مجاورة تعيش على أقل من هذه الموازنة، لكن المشكلة تكمن في الهدر وسوء الإدارة المالية في البلاد وارتفاع مستويات الفساد وعدم الجدية في تقليص النفقات الفائضة والعمل على خلق الإيرادات التي ترفد الموازنة بأموال إضافية من خلال تحسين جباية الضرائب والرسوم الجمركية وتنويع مصادر الدخل والالتفات إلى القطاع الخاص الذي لديه إمكانيات كبيرة وكذلك البنوك المحلية التي تملك كتلة نقدية هائلة من الممكن تسهيل مهمة الاستثمار أمامها».