جنرال إيراني ضمن قتلى القنيطرة.. وإيران وحزب الله يتوعدان إسرائيل

تشييع «حزب الله» جهاد مغنية ببيروت أمس.. والقتلى الـ5 اليوم في جنوب لبنان

أعضاء من حزب الله يحملون جثمان جهاد مغنية خلال تشييعه أمس في بيروت (رويترز)
TT

أكدت إيران أمس مقتل جنرال من الحرس الثوري في الغارة الإسرائيلية أول من أمس في الجولان السوري المحتل التي أوقعت أيضا 6 قتلى من عناصر حليفها حزب الله اللبناني, فيما شارك الآلاف من أنصار «حزب الله» في تشييع جثمان جهاد مغنية، نجل القائد العسكري السابق للحزب عماد مغنية، الذي لف نعشه بعلم «حزب الله» الأصفر، وأطلقت عيارات نارية في الهواء، بينما كان كثيرون يذرفون الدموع.

وقال الحرس الثوري في بيان نشر على موقعه الإلكتروني إن «عددا من مقاتلي وقوات المقاومة الإسلامية مع الجنرال محمد علي الله دادي تعرضوا لهجوم بمروحيات النظام الصهيوني أثناء تفقدهم منطقة القنيطرة (...) هذا الجنرال الشجاع وعناصر آخرون من حزب الله استشهدوا». ولم يأت البيان على ذكر قتلى إيرانيين آخرين في الهجوم في حين أن مصدرا مقربا من حزب الله أعلن في وقت سابق أن 6 عسكريين إيرانيين بينهم ضباط قتلوا في الغارة.

وكان حزب الله نعى أول من أمس 6 من عناصره بينهم القيادي محمد أحمد عيسى وجهاد مغنية، نجل قائد العمليات العسكرية السابق في الحزب عماد مغنية الذي قتل في تفجير في دمشق في عام 2008.

وفي بيروت شارك الآلاف من أنصار «حزب الله» في تشييع جثمان جهاد مغنية، نجل القائد العسكري السابق للحزب عماد مغنية، الذي لف نعشه بعلم «حزب الله» الأصفر، وأطلقت عيارات نارية في الهواء، بينما كان كثيرون يذرفون الدموع.

وعلى وقع هتافات «الموت لأميركا»، و«الموت لإسرائيل»، و«هيهات منا الذلة»، و«حزب الله.. حزب الله، قائدنا نصر الله»، سار المشيعون في شوارع الضاحية باتجاه مقبرة «روضة الشهيدين»، أكبر مدافن قتلى «حزب الله»، وغالبا ما يدفن قتلاه الذين يقتلون في سوريا فيها.. ومن المتوقع أن تشيع جثامين الـ5 الآخرين الذين قتلوا في الهجوم، اليوم الثلاثاء، في بلداتهم بجنوب لبنان.

وقال عضو المكتب السياسي في «حزب الله» محمود قماطي لصحافيين: «لن نصمت طويلا. وبطبيعة الحال أيضا في الوقت والزمان والكيفية المناسبة سوف يكون الرد على هذا العدوان الكبير والنوعي، الذي فتح آفاقا جديدة في المنطقة». ورأى أن «العدو الإسرائيلي عاجز عن القيام بأي حرب عسكرية واسعة على لبنان حاليا».

ولم يتمالك جمهور «حزب الله» اللبناني نفسه، عقب مقتل عدد من قادة الحزب في غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهم بريف القنيطرة السورية، أول من أمس، فخرجوا إلى الشوارع داعين الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، لإعلان الحرب، وتوجيه «ردّ قاس وسريع»، في مقابل مخاوف في أوساط معارضي الحزب من أن يشعل رد حزب الله حربا تعم الأراضي اللبنانية.

ومنح مقتل جهاد مغنية «حزب الله» دعما شعبيا في بيئته، كونه «ابن قيادي بارز»، رغم الإحباط الذي عاناه الجمهور في الأشهر الأخيرة، نتيجة مقتل عدد كبير من مقاتلي الحزب في سوريا، من غير الإعلان عن أي تقدم يذكر بعد استعادة السيطرة على القلمون، يقول جعفر: «لم نكن ننتظر من ابن عماد مغنية إلا أن يرث الشهادة عن أبيه عاجلا أم آجلا، وهو ذاهب إليها». ويتابع: «لن تتسرع قيادة (حزب الله) في الرد، لأن الثأر يجب أن يليق بشبابنا، ونحن ننتظر على أحر من الجمر كلمة للسيد نصر الله تبرّد قلوبنا».

وفي المقابل، يتساءل كثير من معارضي الحزب عن الرد الذي ينوي القيام به، ويتخوفون من أن يؤدي هذا الرد إلى حرب لا تحمد عقباها، معتبرين أنهم غير جاهزين لخوض حرب يجلبها «حزب الله» معه من سوريا، وهم ليسوا بصدد أن يتحملوا أعباء لا علاقة لهم بها.

وتقول سناء مكاوي، إحدى سكان بيروت: «لا نريد الحرب في لبنان، ولسنا جاهزين نفسيا لها، وإن كان (حزب الله) مصرّا على الثأر، فليقم بذلك في القنيطرة»، وتضيف: «لا نملك تأشيرة لمغادرة لبنان، وسوريا أصبحت سيدة التوابيت، ماذا يريدون منا أن نفعل؟».

أعلن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي أن «انتقام حزب الله من العدوان الجوي الصهيوني في القنيطرة سيكون قاسيا»، وسط تحذيرات لبنانية من رد الحزب على عملية استهداف المروحيات الإسرائيلية لقياديين في حزب الله وخبير إيراني في القنيطرة السورية، كونه «قد يزجّ لبنان ككل في حرب تدميرية أشرس من حرب يوليو (تموز) العام 2006».

ووجه بروجردي رسالة تعزية إلى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، موضحا «أن هذه الجرائم الشنيعة التي تتكرر من قبل الكيان الصهيوني في ظل التواطؤ الصارخ مع القوانين والقرارات الدولية، ترمي إلى إضعاف محور المقاومة في مواجهة الإرهاب والاحتلال في المنطقة». وأعرب بروجردي عن اعتقاده في أن «دماء الأعزاء الذين سقطوا في العدوان ستكون ضمانة لاستمرار المقاومة في مواجهة السياسات السوداء للكيان الإسرائيلي وحلفائه من التكفيريين».

وفي مقابل هذه التلميحات الإيرانية، حذر مسؤولون لبنانيون من انخراط الحزب في حرب مع إسرائيل، انطلاقا من الأراضي اللبنانية. وأكد وزير الاتصالات بطرس حرب أنه بحث مع رئيس الحكومة تمام سلام، التطورات الحاصلة في لبنان، وانعكاسات الضربة على الواقع اللبناني وعلى الوضع الدولي والأمني في هذا الجو في المنطقة، مشيرا إلى أنهما تطرقا إلى المخاوف من هذا الأمر، لأن هذه القضية تعني كل اللبنانيين.

وأوضح حرب عقب زيارته لسلام، أنه من الحكمة والواجب أن تكون الحكومة اللبنانية حاضرة لمواجهة كل الاحتمالات وأن تسعى لتفادي انعكاس هذا الأمر على اللبنانيين وعلى السيادة اللبنانية، لافتا إلى أنه ليس من مصلحة أحد أن تفتح جبهة ويدخل لبنان في حرب في وقت تمر فيه المنطقة بظروف دقيقة، مؤكدا «أننا نعرف كيف تبدأ الحروب ولا نعرف كيف تنتهي». وأشار إلى أنه «في ظل هذه الظروف يجب أن لا نقحم البلاد في حرب ليست بحاجة لها وليس بمقدورها تحمل نتائجها»، معربا عن أمنياته أن لا يكون لبنان جزءا من الصراع الدائر في المنطقة، وأن لا يكون «حزب الله» موجودا في معارك خارج الأراضي اللبنانية.

بدوره، نبّه عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب أحمد فتفت من خطورة ردّ فعل «حزب الله» على عملية القنيطرة، من خلال استعماله الأراضي اللبنانية، لافتا إلى أنه قد يزجّ لبنان ككل في حرب تدميرية أشرس من حرب 2006.

وأوضح فتفت في حديث إلى وكالة «أخبار اليوم»، أن «أي اعتداء إسرائيلي على أي بلد عربي نعتبره عدوانا وجريمة مدانة ومرفوضة وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته تجاه هكذا اعتداءات»، مؤكدا أن هناك مشكلة تواجد «حزب الله» في سوريا، الذي تطوّر من شعار «الدفاع عن المقدسات» إلى دفع الإرهاب ثم حماية اللبنانيين، تؤكد أن كل ذلك ادعاءات تثبت أن هناك استراتيجية إيرانية تمدّدية توسعية في المنطقة و«حزب الله» جزء منها فلا يهتم بمصالح اللبنانيين بل بالمصالح الإيرانية في المنطقة.

وشدّد فتفت على أنه لا دخل للبنانيين بما يحصل في الجولان السوري الذي يتحمل مسؤوليته الشعب والمقاومة والدولة السورية، فعليهم أن يقوموا بدورهم وليس «حزب الله»، مشيرا إلى أنه كان حضّر لهذا الموضوع من خلال كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله الأخير، بأنه سيردّ على الاعتداء على سوريا.

ورأى أنه من الواضح أن حزب الله «سحب قرار الحرب والسلم من يد اللبنانيين واستأثر به، من دون أن يعود إلى أحد»، متسائلا عن تقبل القيادات السياسية لهذا الأمر.

وأشار أمين حطيط العميد المتقاعد والخبير الاستراتيجي المقرب من «حزب الله»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عملية الرد قد تستغرق بعض الوقت، مستهجنا المعلومات التي تحدثت عن أنّها قد تتم خلال أسبوع أو 10 أيام: «فهذا الأسلوب يناقض المنطق العسكري الذي يشدد على وجوب الحفاظ على عنصر المفاجأة». وأضاف: «كما أن مكان الرد يبقى مفتوحا، وعلى الأرجح فإن العملية المرتقبة لن تقود إلى حرب باعتبار أن أي حرب مقبلة مع إسرائيل على خلفية ما حصل في القنيطرة، لن تكون حربا ثنائية بين (حزب الله) وإسرائيل، بل ستكون حربا إقليمية يشارك فيها محور المقاومة مجتمعا».

ورأى قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «حزب الله» يجد نفسه «مضطرا للرد لإعادة بناء هيبة الردع هذه»، مستبعدا أن يكون الرد من لبنان، نظرا لتداعيات العملية على البلاد وإمكانية إدخال لبنان بحرب جديدة مع إسرائيل. وقال: «أما إذا تم الرد من سوريا، فذلك سيكون بمثابة إقرار مباشر بنقل الصراع بين (حزب الله) وإسرائيل، ولو بشكل مؤقت، إلى الساحة السورية»، منبها إلى أن «إسرائيل ستجد عندها حججا كثيرة للرد، من خلال استهدافها أهدافا أكبر داخل سوريا، إن كان للحزب أو للنظام».

وشدّد قهوجي على أن «حزب الله»، وقبل أي رد مرتقب، سيقوم وحلفاؤه الإقليميون بحسابات كثيرة، خاصة أن إيران تخوض مفاوضات صعبة ومهمة جدا مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب، وأي حرب مع إسرائيل ستطيح بهذه المفاوضات تلقائيا، مشيرا إلى أن الرسالة الإسرائيلية المباشرة من خلال هذه العملية هي القول للحزب إن «الجولان خط أحمر، وممنوع وجودك هناك». وكانت آخر عملية نفذها حزب الله ضد إسرائيل تمت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حين فجّر عبوة ناسفة عند مرتفعات شبعا المحتلة في دورية إسرائيلية، مما أدى إلى جرح جنديين إسرائيليين.