اجتماع دولي في لندن الخميس لبحث استراتيجية الحرب على «داعش» وسط تساؤلات وانقسامات

مصادر دبلوماسية غربية لـ «الشرق الأوسط»: 3 أسباب وراء رفض واشنطن مهاجمة مواقع النظام السوري

TT

تستضيف لندن يوم الخميس المقبل اجتماعا هاما لمجموعة من وزراء خارجية دول التحالف الدولي ضد «داعش»، دعا إليه الوزيران الأميركي جون كيري والبريطاني فيليب هاموند، من أجل تقويم ما وصلت إليه الحرب ضد التنظيم المتطرف ورسم الخطط المستقبلية. ويأتي الاجتماع الذي يفترض أن يشارك فيه نحو 20 وزير خارجية بينهم وزراء عرب بعد 50 يوما من اجتماع موسع حصل في مقر الحلف الأطلسي في بروكسل مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وجديد لقاء لندن أنه يجري على خلفية التعبئة الأوروبية ضد التنظيمات الإرهابية، بعد الهجمات الدامية التي شهدتها باريس بين 7 و10 يناير (كانون الثاني) الحالي والعملية الأمنية التي قامت بها قوات الأمن في بروكسل وسعي الأوروبيين لبلورة سياسة أكثر تشددا غرضها درء الخطر الإرهابي بخطوات «استباقية» وتشديد الإجراءات على كل من يشكل تهديدا لأمن هذه البلدان، وتوثيق التعاون الاستخباري والميداني بينها، فضلا عن التشدد في التشريعات.

وينتظر أن يكون بند المقاتلين الأجانب في صفوف «داعش» الأول على جدول أعمال الاجتماع، إضافة إلى 4 بنود أخرى هي: النتائج العسكرية للحملة الجوية على «داعش» (في العراق وسوريا)، وتجفيف منابع تمويل التنظيم، وقطع وسائل التواصل الاستراتيجية التي يقيمها، وأخيرا إيصال المساعدات الإنسانية.

ويتضح من تسلسل البنود أن الداعين إلى الاجتماع يعتبرون أن موضوع المقاتلين الأجانب، بعد التعبئة الاستثنائية التي تعيشها أوروبا منذ أسبوعين، يجب أن يتقدم على ما عداه. وتفيد إحصائيات أمنية بأن نحو 3000 أوروبي ضالعون في الحرب في سوريا والعراق غالبيتهم منضوية تحت لواء «داعش» أو «جبهة النصرة»، وضمن هؤلاء 1400 فرنسي. ونقلت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية الأحد الماضي عن هاموند قوله إن «الشركاء الفاعلين الرئيسيين في الائتلاف، بمن فيهم شركاؤنا العرب، سيجتمعون في لندن لتقرير ما هي الأمور الإضافية الواجب علينا القيام بها لإضعاف وهزيمة (داعش)»، بيد أن الوزراء الـ20 ليسوا كلهم على الخط نفسه، خصوصا في ما يتناول «داعش» في سوريا والسياسة الواجب اتباعها إزاء الرئيس الأسد الذي بقي حتى الآن في منأى عن الضربات العسكرية التي تصيب مواقع التنظيم وتستهدف أحيانا مواقع النصرة.

وبحسب مصادر دبلوماسية غربية رفيعة المستوى تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن الاتصالات التي أجريت مع واشنطن في الأسابيع الأخيرة بينت أن الإدارة الأميركية «ليست على أهبة إعادة النظر في هذه السياسة»، وأنها مستمرة «في ترك الأسد ونظامه وقواته جانبا». ومن بين البلدان الرئيسية التي تشارك في التحالف لكنها تتحفظ على «تحييد» النظام السوري فرنسا التي ترى أن النظام «يستفيد» من هذه السياسة على حساب المعارضة المعتدلة التي تقول واشنطن إنها «تريد مساعدتها لمحاربة (داعش)».

وتقول المصادر المشار إليها إن هناك 3 أسباب رئيسية تجعل واشنطن محجمة عن استهداف قوى النظام، وهي أولا رغبتها في تلافي قيام حرب بينها وبين النظام، الأمر الذي سيعني قيام حرب مع إيران في الوقت الذي تسعى فيه لإبرام اتفاقية نهائية بشأن البرنامج النووي الإيراني، وثانيا خشيتها من استفزاز روسيا في هذا الملف بالنظر إلى الدعم المتواصل الذي توفره موسكو للنظام منذ اندلاع الأحداث قبل 4 أعوام، وثالثا خوف واشنطن على أمن جنودها في العراق الذين يقدر عددهم بـ3000 رجل، وحرص الرئيس أوباما على ألا يحصل في عهده ما حصل في عهد الرئيس الديمقراطي الأسبق جيمي كارتر عندما اقتحم «الطلاب» الإيرانيون السفارة الأميركية في طهران واحتجزوا العاملين فيها رهائن، ما كانت نتيجته خسارة كارتر الانتخابات وفوز الجمهوري رونالد ريغان بها.

وتشكو المصادر المشار إليها من «الغموض» في الموقف الأميركي والتركيز «المطلق» على «داعش» وتناسي الأوجه الأخرى للحرب في سوريا. وكانت باريس «لسعت» من تهرب الرئيس أوباما من التزاماته العلنية بمعاقبة النظام السوري في حال اجتاز «الخطوط الحمراء» واستخدم السلاح الكيماوي ضد المدنيين، وهو ما فعله في الغوطتين الشرقية والغربية في 21 أغسطس (آب) 2013. كذلك لا تولي واشنطن، بحسب المصادر نفسها، أهمية جدية للمساعي التي تقوم بها روسيا ولا لمقترحات المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا وأهمها «تجميد» القتال في عدد من المناطق، وأولها في حلب وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتهيئة الأجواء للعودة إلى الحوار. وفي هذا السياق قالت مصادر غربية على صلة وثيقة بالملف السوري إن النظام السوري «رفض» مبادرة المبعوث الدولي بعد أن قبلها لأن دي ميستورا لم يتبنَّ مطلبين اثنين طرحهما هما: تسليم المعارضة لسلاحها الثقيل، وعودة «الإدارة» السورية إلى مناطقها. وكانت المعارضة اعتبرتهما بمثابة طلب «استسلام» لا يمكن أن تقبله، فضلا عن أنها طرحت شروطها الخاصة ومنها منع النظام من نقل قواته إلى جبهات أخرى وتوفير آلية رقابة دولية للإشراف على وقف النار، وكلها طلبات ينظر إليها النظام بكثير من الحذر.

تفيد المصادر الغربية بأن دي ميستورا بصدد إعادة النظر في مقترحاته، الأمر الذي يجعل الساحة الدبلوماسية خالية تماما إلا من المبادرة الروسية، لكن هذه المبادرة فقدت كثيرا من زخمها بعد رفض الائتلاف المعارض المشاركة فيها من جهة، ومن جهة ثانية بسبب ممانعة موسكو وهي الجهة الداعية تغيير توجهها بدعوة أفراد وليس المنظمات.

وفي أي حال، تبدو مكونات المعارضة «المعتدلة» بحاجة إلى التفاهم بين أطرافها التي لم تتفق حتى الآن على مسائل أساسية مثل مصير النظام ووزن كل طرف ومدى ما يمثله وكيفية أخذ ذلك بعين الاعتبار. ولذا فإن كثيرين يرون أن مباحثات موسكو ستكون قاصرة عن تحقيق اختراق أساسي ما دامت المسائل المهمة يكتنفها الغموض.