الجزائر تنفي وجود «ظروف غير إنسانية» في عملية ترحيل مئات المهاجرين النيجريين

نقل مجموعة جديدة من المهاجرين أمس إلى مركز إيواء مؤقت قرب الحدود النيجرية

TT

رحّلت السلطات الجزائرية مجموعة جديدة من المهاجرين السريين النيجريين تتكون من 400 شخص إلى بلدهم في ظروف وصفتها بـ«الجيدة». وكانت في بداية الشهر الماضي رحلت 318 نيجيريا إلى حدود بلدهم وسط احتجاج منظمات حقوقية محلية، عبرت عن استنكارها بسبب «طرد جيران أفارقة غادروا مناطقهم هربا من الفقر».

وقال عبد الحميد بوزيد مسؤول من «الهلال الأحمر الجزائري» بولاية ورقلة (800 كلم جنوب العاصمة) لوكالة الأنباء الجزائرية إن المهاجرين غادروا الولاية أمس باتجاه مركز مؤقت لإيوائهم بتمنراست، وهي أقرب مدينة صحراوية إلى النيجر، على أن يتم نقلهم بعدها إلى بلدهم. وأوضح أن «السلطات العمومية سخرت، لفائدة هؤلاء الرعايا النيجريين، الذين يوجد من بينهم 56 امرأة و19 طفلا، 10 حافلات إضافة إلى حافلة واحدة احتياطية و4 شاحنات مخصصة لشحن أمتعة المرحلين».

وأفاد مسؤول «الهلال» بأن «قافلة المرحلين النيجريين زودت بكميات من المواد الغذائية الضرورية، ويرافقها مجموعة من الأطباء النفسيين والمسعفين التابعين للهلال الأحمر الجزائري، فضلا عن عدد من سيارات الإسعاف». وأضاف: «يتضمن برنامج الرحلة فترة استراحة سيقضيها المرحلون بمنطقة حاسي لفحل (ولاية غرداية)، حيث تقدم لهم وجبات ساخنة قبل مواصلة الطريق باتجاه ولاية تمنراست».

وقالت رئيسة «الهلال» سعيدة بن حبيلس لـ«الشرق الأوسط» غن الجزائر «لم تطرد الرعايا النيجريين الموجودين على أرضها بصورة غير قانونية، كما يزعم البعض، وإنما سلطات بلدهم هي من طالبت بإعادتهم». وأشارت إلى أن «ترحيل المهاجرين غير الشرعيين يجري منذ شهرين في ظروف إنسانية لائقة وفي كنف احترام حقوق الإنسان، على عكس ما يشاع هناك وهناك».

ويفهم من كلام بن حبيلس، التي كانت وزيرة في وقت سابق، أنها تقصد تنظيمات حقوقية نددت بـ«طرد رعايا أفارقة لجأوا إلى الجزائر هربا من الجوع، وتدهور ظروف المعيشة في بلدهم». وتشهد النيجر أعلى معدلات الفقر في أفريقيا وفي العالم. ويعد «الهلال الأحمر» إحدى المنظمات المرتبطة بالحكومة ويستفيد من تمويل الخزينة العمومية، لذلك فحديث رئيسته بخصوص هذه القضية الإنسانية هو بمثابة تعبير عن موقف الحكومة.

وصرح وزير الداخلية الطيب بلعيز لصحافيين في وقت سابق، ردا على نشطاء حقوقيين، أن «أعراف وتقاليد الجزائر لا تسمح لها بترحيل هؤلاء الأشخاص بالقوة». وأضاف: «أغلبية المهاجرين الأفارقة في الجزائر نيجريون، وقد تم ترحيلهم بناء على طلب من حكومة بلدهم». وقال أيضا إن الجزائر «تعالج بطريقة إنسانية ملف الرعايا النيجريين وترحيلهم إلى مدنهم الأصلية، طبقا للإجراءات المقررة مع السلطات النيجرية».

ووضعت سلطات ولاية تمنراست في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي «مراكز إيواء مؤقتة»، تمهيدا لترحيل أفواج من النيجريين. وقالت مصادر محلية إن أفراد الفوج الأول الذي تم ترحيله الشهر الماضي أظهروا «مقاومة» عند محاولة رجال الدرك إبعادهم من الجزائر. وذكر بعضهم لصحافيين مهتمين بالقضية أن السلطات الجزائرية نقلتهم في الحافلات بالقوة بعدما أوقفتهم الشرطة في شوارع مدن الشمال، خصوصا الجزائر العاصمة، بينما تم اعتقال بعضهم في ورش للبناء كانوا يشتغلون فيها عند خواص. ولا يزال العشرات من النيجريين محل بحث من طرف الشرطة، بغرض نقلهم إلى تمنراست تمهيدا لإعادتهم إلى بلدهم.

وأفاد مسؤول بوزارة التضامن، رفض نشر اسمه، في اتصال هاتفي بأن «حكومة النيجر قدمت طلبا للسلطات الجزائرية لإعادة رعاياها الذين دخلوا إلى الجزائر بطريقة غير شرعية، وقد وافقت الحكومة الجزائرية على الطلب، وكل التدابير اتخذت لإعادتهم في إطار أخوي، وفي كنف الاحترام التام وصونا للكرامة إلى غاية وصولهم إلى بلداتهم».

يشار إلى أن قنصل النيجر في تمنراست محمد أبو بكر كان في استقبال المهاجرين عند وصولهم إلى ورقلة وتابع عملية الترحيل بنفسه. وأظهر ارتياحا للظروف المهيأة لاستقبال المرحلين بتمنراست قائلا بأنه «يتوفر على كل الإمكانيات المادية والشروط الإنسانية التي تضمن استقبالهم في أحسن الظروف».