انهيار «الهدنة» في ليبيا.. والأمم المتحدة تدعو مجددا إلى التهدئة

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : خطف مسؤول نفطي كبير بطرابلس لرفضه التعاون مع «فجر ليبيا»

(جندي ليبي يقوم بدورية في أحد شوارع بنغازي أمس (رويترز
TT

انهارت أمس هدنة لوقف إطلاق النار في ليبيا بعدما اندلعت اشتباكات عنيفة مجددا بين قوات الجيش الوطني وميليشيات «فجر ليبيا» في محيط قاعدة الوطية الجوية، التي تعتبر من أهم القواعد العسكرية غرب ليبيا، فيما أعربت بعثة الأمم المتحدة عن قلقها إزاء هذه الخروقات، وحثت في بيان أصدرته أمس الأطراف على مناقشة تدابير ملموسة وعاجلة لتوطيد الهدنة ومعالجة أي انتهاكات والالتزام بها.

وقالت مصادر في ميليشيات «فجر ليبيا» التي تسيطر بقوة السلاح على العاصمة طرابلس منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، إن هذه الميليشيات فقدت اثنين من عناصرها وأصيب اثنان آخران في المعارك التي شهدت استخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.

وتعد قاعدة الوطية الجوية (عقبة بن نافع سابقا)، من كبرى وأهم القواعد العسكرية غرب ليبيا وأكبرها مساحة، وتقع على بعد 140 كيلومترا في الجنوب الغربي للعاصمة طرابلس. وتنطلق من القاعدة طائرات ومروحيات تابعة لسلاح الجو، وتنفذ ضربات جوية على مواقع تسيطر عليها قوات «فجر ليبيا» غرب البلاد، وقد نفذت العشرات من الطلعات الهجومية.

واتهم المكتب الإعلامي لـ«عملية فجر ليبيا» الجيش الليبي بشن الهجوم الذي شمل قاعدة الوطية وامتد إلى جنوب صبراتة والعجيلات، باستهداف قواتها المتمركزة في مواقعها بوابل من الصواريخ الموجهة والمدفعية الثقيلة. وقال المكتب في بيان بثه عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «لذلك؛ فإن قواتنا مضطرة حسب الأوامر الصادرة بالتعامل مع هذه العصابات عسكريا، حتى القضاء عليها أو تسليم نفسها».

في المقابل، اعتبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن أي انتهاك، حتى وإن كان محدودا، يشكل تطورا خطيرا من شأنه تقويض الهدنة بشكل كامل. وناشدت كل طرف من الأطراف بالإسراع في تعيين ممثل له للتواصل معه بشأن تنفيذ الهدنة والامتثال لها. وتعد آلية الاتصال هذه منطلقا مهمّا لمناقشة الطروحات المقدمة حول المضي قدما لضمان استمرار وتعزيز وقف إطلاق النار.

وذكرت البعثة في بيان لها الأطراف بأن وقف إطلاق النار يشمل وقفا تاما لحركة العناصر المسلحة والمركبات وينطبق على العمليات على الأرض وفي البحر والجو. وأضافت أنه «علاوة على وضع حد لسفك الدماء والدمار، ستسهم الهدنة في إيجاد بيئة مواتية للحوار السياسي لتسوية الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا». كما أعربت عن أملها بأن تسمح الهدنة بتدفق المساعدات الإنسانية إلى الأشخاص المهجرين والمحتاجين في المناطق المتضررة، وأن تشجع المنظمات الدولية على استئناف عملها بشكل كامل في البلاد.

في المقابل، ترأس نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، اجتماعا موسعا للتنسيق (كما قال بيان للمؤتمر) مع الجهات المختصة للعمل على تهيئة الظروف الملائمة لإنجاح الحوار المرتقب. ونقل البيان عن أبو سهمين أن الاجتماع يهدف إلى تحديد الاختصاصات، وتبيين المتحدث الرسمي لكل جهة بشكل مكتوب وبقرارات صادرة عن الجهات الرسمية في الدولة، وذلك بحيث إنه عندما يتم التوصل إلى أي اتفاقات بشأن وقف إطلاق النار أو أي موضوع يتعلق بتحمل الجهات العسكرية والميدانية لمسؤولياتها، تكون التصريحات والبيانات الرسمية صادرة عن المكلفين بشكل رسمي، ضمانا للمصداقية وتوحيدا للجهود الرامية إلى إنجاح الحوار.

من جهة أخرى، قال متحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط الليبية إن سمير كمال المدير العام لإدارة التخطيط في وزارة النفط التابعة للحكومة في طرابلس وممثل ليبيا في «أوبك»، مفقود منذ يوم الخميس الماضي فيما قد تكون جريمة خطف.

وقالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن هذا المسؤول اختطف من أمام مقر المؤسسة الوطنية للنفط يوم الخميس الماضي في طرابلس، مشيرة إلى أنه لا أخبار عنه حتى الآن. ورجحت المصادر حدوث الخطف بسبب رفض كمال التعاون مع الميليشيات المسيطرة على العاصمة واستغلال ما وصفته بعلاقاته الممتازة مع «أوبك». والخطف شائع في ليبيا، حيث تتصارع حكومتان متحالفتان مع فصائل مسلحة متناحرة من أجل السيطرة على السلطة بعد 4 أعوام من الإطاحة بمعمر القذافي. وتعمل حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني المعترف بها دوليا في شرق ليبيا، منذ أن سيطر فصيل «فجر ليبيا» على طرابلس وشكل حكومة، وعين كل جانب مسؤولين نفطيين تابعين له.

وأكدت وزارة النفط في طرابلس أن كمال مفقود، إلا أنها لم تذكر المزيد من التفاصيل، علما بأن من يدير وزارة النفط في طرابلس وزير من الحكومة غير المعترف بها دوليا، الذي رفضت «أوبك» منحه تأشيرة لحضور اجتماعها في فيينا. بينما وضع كمال ممثلا في «أوبك» غير واضح، حيث قال مسؤولون إن حكومة الثني لم ترشحه لحضور أحدث اجتماعات «أوبك» في فيينا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.