أميركا تدين الوضع في اليمن وتنفي اتخاذ خطوات لإخلاء سفارتها بصنعاء

بن عمر يقدم شهادته في جلسة مغلقة لمجلس الأمن وبان كي مون يطالب بوقف القتال

عناصر من المقاتلين الحوثيين يجولون في مسجد تعرض لتدمير على أثر المواجهات التي شهدتها صنعاء (أ.ف.ب)
TT

أبدى مسؤولون أميركيون قلقهم من تطورات الأوضاع في اليمن، فيما أشارت مصادر بوزارة الخارجية الأميركية إلى متابعة الوضع في اليمن عن كثب، وطالبت بضبط النفس وحثت جميع الأطراف في اليمن على وقف كل الأعمال العدائية، فيما لم يتم اتخاذ قرار بشأن إخلاء أو إغلاق السفارة الأميركية بصنعاء.

وأدان البيت الأبيض العنف الدائر في اليمن بين الحكومة ومجموعة الحوثيين، وقالت فاليري غاريت، كبيرة مستشاري الرئيس أوباما، في تصريحات للصحافيين إن الرئيس أوباما مهتم جدا بالسعي للتوصل إلى حل سلمي في اليمن، وإنه يتلقى تقارير منتظمة من فريقه للأمن القومي حول تطورات الوضع هناك.

وقالت غاريت: «إننا على اتصال مع الناس على الأرض ومع السفارة هناك»، وأضافت: «الحفاظ على أمن الدبلوماسيين في السفارة (الأميركية بصنعاء) أولوية قصوى». وحول وجود خطط لإغلاق أو إخلاء السفارة الأميركية في صنعاء، قالت غاريت: «لا أريد أن نستبق الأحداث».

وأشار مصدر مسؤول بالخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لا توجد أي خطط لإخلاء السفارة الأميركية في صنعاء، وقال في تصريحات خاصة: «نحن مستمرون في مراقبة الوضع في اليمن عن كثب، وسنقوم بتقييم الوضع الأمني للسفارة الأميركية في صنعاء وفقا لذلك، لكن حتى الآن ليس هناك تغيير في الوضع الأمني لدينا في السفارة الأميركية بصنعاء».

ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤول أميركي قوله إن بارجتين أميركيتين تابعتين للبحرية الأميركية، تحركتا لتتخذا مواقع جديدة في مياه البحر الأحمر قريبة من اليمن لتكون جاهزة لإخلاء الأميركيين من السفارة الأميركية بصنعاء إذا استدعى الأمر، مشيرا إلى أن هذا إجراء روتيني تتخذه السلطات الأميركية لتأمين ترحيل الأميركيين من أي دول تندلع فيها اضطرابات يمكن أن تعرض حياة الأميركيين هناك للخطر.

وكانت السفارة الأميركية في صنعاء قد تعرضت لإطلاق أعيرة نارية على إحدى السيارات التابعة للسفارة من مهاجمين مجهولين مساء أول من أمس. وقالت السفارة الأميركية في صنعاء إن المهاجمين أطلقوا النار في الهواء ثم أطلقوا النار على سيارة تابعة لها عند إحدى نقاط التفتيش قرب مقر السفارة دون أن تقع أي إصابات. وقد أعلنت عدة دول غربية إغلاق بعثاتها الدبلوماسية في صنعاء إثر اشتعال الصراع والمواجهات بين الحوثيين والحكومة اليمنية، وعلقت كل من فرنسا وهولندا وبريطانيا أنشطتها في البعثات الدبلوماسية التابعة لها في العاصمة اليمنية.

من جانب آخر، أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاشتباكات التي جرت بين الحوثيين وحرس الرئاسة في العاصمة اليمنية صنعاء، داعيا إلى وقف الاقتتال واستعادة النظام فورا.

وأصدر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بيانا قال فيه: «يشعر الأمين العام بقلق بالغ من تدهور الأوضاع في اليمن، ويأسف للقتال العنيف الدائر بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة، وحرس الرئاسة في صنعاء». وأضاف البيان: «الأمين العام يدعو جميع الأطراف إلى الوقف الفوري لجميع الأعمال العدائية، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس، واتخاذ الخطوات اللازمة لاستعادة السلطة الكاملة لمؤسسات الحكومة الشرعية».

وشدد البيان على ضرورة التزام جميع الأطراف بتعهداتها المعلنة لحل الخلافات من خلال الوسائل السلمية لضمان التنفيذ الكامل لاتفاق السلم والشراكة الوطنية.

كما بحث مجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة صباح الثلاثاء تطورات الأوضاع في اليمن، بعد طلب تقدم به السفير البريطاني مارك ليال غرانت لبحث تداعيات الاشتباكات بين الميليشيات الحوثية والقوات الحكومية في صنعاء.

وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن موفد الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر قدم (عبر دائرة تلفزيونية مغلقة) شهادته إلى أعضاء المجلس حول تطورات الأوضاع واستيلاء الحوثيين على القصر الرئاسي في صنعاء. وقالت المصادر إن جمال بن عمر سيغادر قطر في طريقه إلى صنعاء للاجتماع بالأطراف المتصارعة.

كانت الاشتباكات قد اندلعت أمس حول القصر الرئاسي في العاصمة اليمنية بعد يوم من القتال العنيف بين القوات الحكومية والمسلحين الحوثيين. وأعلن الحوثيون استيلاءهم على القصر الرئاسي وقالوا إنهم يحمون المجمع الذي يحوي القصر الرئاسي من أفراد أمن يحاولون نهب الأسلحة. كما حاصرت ميليشيات الحوثيين، الذين شددوا قبضتهم على صنعاء منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، مقر إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي ومقر إقامة رئيس الوزراء، وسيطروا على أبرز وسائل الإعلام اليمنية. وقالت مصادر يمنية إن المقاتلين الحوثيين جابوا شوارع صنعاء في شاحنات صغيرة مزودة بمدافع مضادة للطائرات في محاولة لاستعراض القوة وتشديد السيطرة على المدينة.

ووصف العقيد صالح جملاني، قائد قوة الحرس الرئاسي اليمني، الاشتباكات بأنها انقلاب كامل ضد السلطات اليمنية، وقال لوكالة «أسوشييتد برس»: «هذا انقلاب، ليس هناك كلمة أخرى لوصف ما يحدث».

وقبل اندلاع الاشتباكات كانت الحكومة اليمنية قد سعت لإجراء محادثات للتوصل إلى خارطة طريق لإنهاء العنف والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن تصاعدت التوترات بعد قيام الحوثيين باختطاف أحمد بن مبارك رئيس موظفي الرئاسة يوم السبت الماضي بعد اعتراض الحوثيين على التعديلات التي أدخلها بن مبارك على الدستور الجديد دون موافقة الحوثيين.

وقالت وزارة الصحة اليمنية إن المعارك، التي تعد الأخطر منذ 4 أشهر، أسفرت عن أكثر من 60 قتيلا وجريحا.

وقد أرسلت وزيرة الإعلام اليمنية نادية سكاف عدة رسائل من حسابها على «تويتر» حول تعرض القصر الرئاسي للهجوم، وأشارت في التغريدات إلى أن الرئيس اليمني يتعرض للهجوم من قبل ميليشيات تريد إسقاط النظام، وقالت في إحدى التغريدات إن القصف على القصر الرئاسي بدأ في الساعة الثالثة مساء (بالتوقيت المحلي) من قبل ميليشيات مسلحة اتخذت مواقع لها فوق أسطح المنازل التي تواجه منزل الرئيس هادي.

وينظر للحوثيين باعتبارهم وكيلا لإيران، ويعتقد أنهم متحالفون مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي حكم اليمن لأكثر من 3 عقود قبل الإطاحة به في عام 2012.

ويعد اندلاع الاضطرابات بين الجانبين أمرا مقلقا للولايات المتحدة وللدول الغربية بسبب ما يمكن أن يسببه فراغ السلطة في اليمن من فرص يمكن أن يستغلها تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» خاصة بعد إعلان تنظيم «القاعدة في اليمن» مسؤوليته عن الهجوم على مجلة «شارلي إبيدو» في باريس في 7 يناير (كانون الثاني) الحالي، إضافة إلى محاولة تفجير طائرة أميركية في ديترويت عام 2009، وارتباط رجل الدين اليمني المتشدد أنور العولقي (الذي قتلته الولايات المتحدة في غارة جوية عام 2011) بعدد من المتطرفين في الغرب من بينهم نضال حسن، الجندي الأميركي الذي قتل 13 شخصا في قاعدة فورت هود بتكساس، والذي ثبت أنه كان متأثرا بأفكار العولقي وتبادل معه عدة رسائل واتصالات.