بيونغ يانغ تستغل اعترافات ناشط أقر بكذبه للدفاع عن سجلها الحقوقي

عدت تراجع «الناجي من الاعتقال» عن روايته دليلا على عدم نزاهة الإدانة الأممية لها

TT

تسعى كوريا الشمالية إلى استغلال اعترافات بالكذب في عدد من النقاط من قبل ناشط تحدث في رواية وشهادات أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد. وأكد موقع كوري شمالي رسمي أمس أن ذلك يشكل دليلا على عدم نزاهة الأمم المتحدة في محاولاتها إدانة بيونغ يانغ لانتهاكات لحقوق الإنسان.

وكانت قصة شين دونغ - هيوك (32 عاما) وردت في رواية لقيت رواجا كبيرا؛ إذ هو الشخص الوحيد المعروف بأنه ولد في معتقل كوري شمالي وتمكن من الفرار منه. وقد روى قصته في كتاب أصدره الصحافي بلين هاردن بعنوان «الناجي من المعسكر 14»، وقال فيه إنه تعرض للتعذيب والأشغال الشاقة قبل فراره في عام 2005. ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف هذا الناجي من المعتقل عن القيام بحملات للتنديد بتجاوزات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، أحد أكثر البلدان انغلاقا في العالم، وقدم شهادته إلى إحدى لجان الأمم المتحدة. إلا أن الرجل اعترف بعد ذلك بأن بعض أجزاء الكتاب مخالف للحقيقة، وأكد أنه يريد إنهاء عمله كناشط في مجال حقوق الإنسان. وقد اعتذر الأحد الماضي على صفحته في فيسبوك، قائلا إنه أراد «إخفاء جزء من ماضيه والتمويه عليه».

وما لبثت بيونغ يانغ أن استغلت هذه المسألة لتؤكد محاولات الأمم المتحدة للتشهير بانتهاك حقوق الإنسان في كوريا الشمالية. وقال موقع «أوريمينزوكير» الرسمي في كوريا الشمالية أمس إن هذا الاعتراف يؤكد عدم نزاهة الأمم المتحدة في محاولاتها للتشهير بانتهاك حقوق الإنسان. وفي مقالة موقعة، اغتنم الموقع هذه المناسبة ليقول إن كل «تصريحات» شين و«كل الوثائق التي قدمها إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كوريون شماليون ادعوا أنهم منشقون هي أكاذيب واتهامات مغلوطة».

وكانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد استمعت إلى شين دونغ - هيوك على غرار عشرات آخرين من الكوريين الشماليين، وتوصلت في تقرير إلى خلاصة مفادها أن كوريا الشمالية متهمة بتجاوزات لا مثيل لها «في العالم المعاصر». وبالاستناد إلى هذا التقرير، طلبت الجمعية العمومية للأمم المتحدة من مجلس الأمن رفع المسألة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وكررت السلطات الكورية الشمالية القول بإلحاح أن شين دونغ - هيوك «كاذب ومجرم». وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بث التلفزيون مقابلة مع والد دونغ - هيونغ ووصفه بأنه «كذاب»، ونفى إقامة عائلته في معتقل للأشغال الشاقة. وتشكل اعترافات دونغ - هيوك صفعة للمدافعين عن حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، لكنها تشير إلى أن حجم والشهادات التي تؤكد التجاوزات المنهجية تعطي مصداقية لهؤلاء المدافعين.

وأكد الصحافي بلين هاردن الذي أصدر الرواية أن شين أدخل في الفترة الأخيرة تعديلا على بعض التفاصيل. وكتب «يوم الجمعة في 16 يناير (كانون الثاني) الحالي، أبلغت أن شين سلم إلى أصدقاء نسخة عن قصته تختلف بشكل كبير عن تلك الواردة في كتابي. اتصلت بشين وطلبت منه توضيحات حول التعديلات والأسباب التي حملته على أن يوقعني في الخطأ».

وتقول صحيفة «واشنطن بوست» إن شين أوضح للصحافي أن بعض المحن التي تعرض لها كانت «مؤلمة جدا» لذلك يتجنب التطرق إليها. وقال أيضا إنه أدخل «تعديلات على بعض التفاصيل» التي كان يعتقد أنها لا تنطوي على أهمية. وأكد شين في كتابه أنه تعرض للتعذيب والحرق في سن الـ13 لدى محاولته الفرار. وتقول: «واشنطن بوست» إن هذه الوقائع حصلت قبل 20 عاما. ويروي شين أيضا أنه خان والدته وشقيقه بالكشف عن خطتهما للفرار، آملا في الحصول على الطعام وأنه شهد إعدامهما. وقالت الصحيفة إنه لم يكن حاضرا لحظة الإعدام. واعتبر لي يونغ - هوان الخبير في حقوق الإنسان في سيول أن التعديلات هي «أمور غير دقيقة يقوم بها قاصرون». ويؤكد أن عددا كبيرا من اللاجئين الذين تعرضوا لتجاوزات، تنشأ لديهم «ذاكرة انتقائية» بسبب الصدمة التي تعرضوا لها وغريزة البقاء التي يطورونها خلال سنوات المحنة.