دمشق تعرقل حركة التصدير اللبنانية عبر أراضيها ردا على إجراءات بيروت

انفراجات مؤقتة في الأزمة الممتدة منذ أسبوعين تمثلت بعبور 100 شاحنة الاثنين

TT

نفذت سوريا أولى خطواتها التصعيدية بوجه لبنان التي كان قد هدد بها سفيرها في بيروت علي عبد الكريم علي، بعرقلة حركة التصدير عبر البر من خلال منع مئات الشاحنات اللبنانية على مدى أكثر من 16 يوما من عبور الحدود في نقطة المصنع شرقي البلاد، متحججة حينا بالأحوال المناخية وأحيانا أخرى بأعطال تقنية.

ولاقت الأزمة في اليومين الماضيين طريقها إلى حل مؤقت من خلال إعادة السماح لنحو 400 شاحنة لبنانية اصطفت على طول المنطقة الحدودية منذ الثالث من الشهر الحالي، بالعبور إلى الداخل السوري.

وقال نقيب أصحاب الشاحنات في لبنان شفيق القسيس لـ«الشرق الأوسط» إن نحو 60 شاحنة عبرت الحدود يوم السبت الماضي، فيما عبرت نحو 100 شاحنة يوم الاثنين على أن تعبر باقي الشاحنات تباعا، لافتا إلى أن عرقلة مسار الشاحنات من قبل سوريا ترتبط مباشرة بالأزمة السياسية بين البلدين التي احتدمت مع تشديد لبنان إجراءاته الحدودية للحد من أزمة اللجوء.

وأوضح القسيس أن المعنيين بالموضوع في الطرف السوري كانوا يقولون إن سبب منع مرور الشاحنات هو أحيانا تساقط الثلوج وأحيانا تكوّن الجليد، كما تحدثوا في مرة من المرات عن أعطال تقنية، مشيرا إلى أن «تسهيل مرور السوريين باتجاه لبنان في الأيام الماضية ساهم بانفراج أزمة الشاحنات». وأضاف: «علما بأن أصحاب الشاحنات من اللبنانيين يتعرضون وبكثير من الأحيان لمعاملة سيئة من قبل السوريين، إضافة إلى التحديات الأمنية التي يواجهونها على طول الطريق».

واعتبر أن «مفهوم المعاملة بالمثل غير مطبق بين لبنان وسوريا، ففي مقابل التسهيلات التي يقدمها لبنان للسيارات السورية وأصحاب سيارات الأجرة، يتعرض السائقون اللبنانيون للكثير من المضايقات»، لافتا إلى أن «أزمة عبور الشاحنات الأخيرة كبّدت أصحاب الشاحنات خسائر كبيرة باعتبار أن جزءا كبيرا من الحمولات الزراعية لم تعد تصلح للبيع والتصدير».

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الشاحنات اللبنانية بدأت بالتحرك يوم السبت الماضي، إلا أن حركتها لا تزال بطيئة نظرا لتراكمها طوال الأيام الـ16 الماضية على طول الحدود من الجهة اللبنانية، مرجحة أن يتطلب مرور الشاحنات الـ400 مزيدا من الوقت.

وكان السفير السوري لوّح بوقت سابق باتخاذ إجراءات تصعيدية، بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها السلطات اللبنانية حيال دخول السوريين إلى أراضيها، مطالبا الحكومة بالتنسيق مع النظام.

واتخذت الحكومة اللبنانية في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قرارا بإيقاف استقبال اللاجئين بعدما فاق عددهم المليون ونصف المليون، وعمدت في بداية العام الحالي إلى تنظيم دخول كل السوريين للتمييز بين اللاجئ وغير اللاجئ. وسُجل تراجع في عدد الوافدين الجدد من اللاجئين السوريين بنسبة أكثر من 50 في المائة، منذ نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حين بدأت الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار إيقاف استقبال اللاجئين.

وشدّد الأمين القطري في حزب البعث العربي الاشتراكي الوزير السابق فايز شكر، على وجوب إعادة الحكومة اللبنانية النظر بالقرارات «العنصرية» التي اتخذتها بحق المواطنين السوريين، والتي هي «بعيدة كل البعد عن المنطق»، داعيا إياها للمبادرة للاتصال فورا بالحكومة السورية لترتيب الأمور بما يخدم لبنان وسوريا معا. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سياسة التطنيش القائمة على ما يسمى بمبدأ النأي بالنفس تنعكس سلبا على البلدين وخاصة على مصالح الناس ما يستوجب تحركا لبنانيا سريعا».

وبالإضافة إلى اللاجئين، يعد العمال المياومون من أكثر المتضررين الأساسيين من الإجراءات الأخيرة التي فرضت على السوريين الحصول على تأشيرة تحدّد الهدف من الزيارة وتمنح السوري إقامة محدّدة. واعتاد العمال المياومون العمل في لبنان منذ عشرات السنوات، والدخول بموجب وثيقة إقامة لمدة 6 أشهر، تمنح لهم على النقاط الحدودية، قابلة للتجديد 6 أشهر إضافية في مراكز الأمن العام.

وقد فرضت الإجراءات الأخيرة ما يعرف بـ«نظام الكفيل» على العامل السوري الذي لا يسمح له بالدخول إلا في حال وجود مواطن لبناني يضمن ويكفل دخوله وإقامته وسكنه ونشاطه، وذلك بموجب «تعهد بالمسؤولية»، ويمنح عندها سمة دخول وتجدّد مرتين لمدة 6 أشهر.

وحددت القرارات الأخيرة أغراض الزيارة بـ«الدراسة، السفر عبر المطار، أو أحد الموانئ البحرية اللبنانية، أو للقادمين للعلاج، أو لمراجعة سفارة أجنبية، ولملّاك العقارات»، ودخلت حيّز التنفيذ في 5 يناير (كانون الثاني) 2015.