حرب تسجيلات هاتفية بين هادي والحوثيين

مصدر لـ («الشرق الأوسط»): تنصت «قذر» على الرئاسة بتواطؤ موظفين

TT

يواصل الحوثيون عبر وسائل الإعلام التابعة لهم ومنذ 4 أيام، بث تسجيلات صوتية لمكالمات هاتفية بين الرئيس عبد ربه منصور هادي ومدير مكتب الرئاسة، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، المختطف لدى الحوثيين منذ السبت الماضي، عندما اعتقلته اللجان الشعبية (الميليشيات) أثناء توجهه إلى اجتماع في الرئاسة لمناقشة مسودة الدستور اليمني الاتحادي الجديد، وتظهر تلك التسجيلات، مواقف من قضايا ساخنة في الساحة اليمنية، وآليات عمل تتعلق بالإسراع في إنجاز مناقشة المسودة والتصويت عليها في هيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

واستغل الحوثيون هذه التسجيلات لتهييج أنصارهم والشارع اليمني ضد مؤسسة الرئاسة ولتبرير اختطافهم لمدير مكتب الرئاسة الذي اتهموه بأنه كان يحتفظ بتلك التسجيلات في هاتفه النقال، إضافة إلى أنه كان يحمل وثائق تتعلق بما سميت «الاستراتيجية الأمنية»، ويعتبر الحوثيون ما يبثونه من تسجيلات صوتيه «فضيحة» في حق الرئيس هادي، وبالأخص فيما يتعلق بمواقف صريحة وعنيفة لفظيا بحق بعض فصائل الحراك الجنوبي وبعض المناطق.. وجاء تهييج الشارع متزامنا مع الخطوات التصعيدية على الأرض والمتمثلة في محاولة ثم اقتحام دار الرئاسة وحصار منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي وقصفه، والسيطرة على عدد من معسكرات الحماية الرئاسية وغيرها والاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

وقال مصدر مقرب من الرئاسة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن التسجيلات الصوتية بين الرئيس هادي ومدير مكتبه التي تواصل وسائل الإعلام التابعة لجماعة الحوثي بثها، جرى تسجيلها عبر التنصت على هواتف الرئاسة اليمنية ومنزل الرئيس والهواتف النقالة التابعة له ولموظفيه، وأنها لم تكن مسجلة على هاتف، مدير مكتب الرئاسة، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، كما يزعم الحوثيون، وأكد المصدر أن «بث تسجيل للرئيس ومدير مكتبه يؤكد على أن هيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل ستبدأ عملها في مناقشة مسودة الدستور السبت (الماضي)، واختطاف بن مبارك في نفس اليوم أثناء ذهابه إلى الاجتماع، يؤكد أن التسجيل كان لديهم من وقت سابق وقد استعدوا لعملية الاختطاف»، وأردف المصدر، الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «الكلمة التي ألقاها عبد الملك الحوثي، مساء أول من أمس، والتي تطرق فيها إلى أن هادي قضى ليله (الليلة السابقة للخطاب) يجري اتصالات مع الأميركيين والبريطانيين وغيرهم، يثبت بدون شك، أن هناك من يزود الحوثيين بتسجيلات للمحادثات الهاتفية التي يجريها هادي أو يتلقاها».

وتطرق المصدر إلى «صعوبة التخلص من إرث النظام الماضي الذي زرع أعوانه في كل المؤسسات والنظام الحالي لم يأت انتقاميا لاجتثاث الجميع، ولكن هناك من لا يمتلك ضميرا في عمله ويسهل مثل هذه الأعمال القذرة»، حسب تعبير المصدر الذي أشار إلى أن «نظام هادي يواجه خيانة في مختلف المؤسسات من قبل من هم محسوبون على نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح»، مستشهدا بـ«التواطؤ في مؤسسة الجيش وعدم الدفاع عن عمران ثم العاصمة جراء الاعتداءات المتواصلة لميليشيا الحوثيين».

ومنذ صعد الحوثيون من تحركاتهم الميدانية خلال الأيام الماضية، واجتياحهم لدار الرئاسة وبعض المعسكرات وحصار منزل الرئيس، بالتزامن مع بث تلك التسجيلات، خفت الحديث عن المفاوضات التي كانت جارية من أجل إطلاق سراح بن مبارك من قبضة الحوثيين، ورفع الحوثيون من سقوف مطالبهم وأشهروا تهديدات بنشر المزيد من «الفضائح» وبتحركات ميدانية لا تستثني الرئيس هادي نفسه.

ويبدو أن اليمن دخل في حرب التسريبات الإعلامية، فقد سربت بعض وسائل الإعلام العربية تسجيلا صوتيا يثبت التنسيق بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي بشأن التطورات الجارية في الساحة اليمنية، ويتحدث صالح في التسجيل الذي بثته قناة «الجزيرة»، مساء أمس، إلى القيادي الحوثي، عبد الواحد أبو رأس، ممثل الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني ويحثه على أن يقوموا (الحوثيون) بالسيطرة على المنافذ البرية والبحرية والجوية، كي لا يتمكن بعض الخصوم السياسيين من مغادرة البلاد، ويتهم صالح في المحادثة الهاتفية التي يرجع تاريخها إلى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نجل الرئيس الحالي، جلال عبد ربه منصور هادي بالتورط في تفجير ميدان التحرير ضد الحوثيين، وقال فيه إن نجل الرئيس سعى إلى «ارتكاب مجزرة مماثلة لأحداث 13 يناير (كانون الثاني) 1986 في عدن».

ويتناول صالح وأبو رأس في التسجيل قضايا كثيرة في الساحة اليمنية وحمل منطق صالح نوعا من التوجيهات للحوثيين للقيام بعدد من الأعمال والتحركات، بينها موضوع اختيار رئيس للوزراء، حيث جرى النقاش حول رفض ترشيح الدكتور أحمد عوض بن مبارك لرئاسة الحكومة، وجرى تداول أسماء أخرى من حزب المؤتمر كوزير الخارجية السابق، الدكتور أبو بكر القربي، ونائب رئيس الوزراء، وزير الاتصالات، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وعندما اعتبر القيادي الحوثي أن العائق هو الارتباط الحزبي بالنسبة لتلك الأسماء وانتماؤها لحزب المؤتمر الشعبي العام (بزعامة صالح)، قال الأخير إن من الممكن أن يستقيل أي شخص منهم من حزبه، كما حث صالح الحوثيين على التواصل مع قيادات سياسية وعسكرية تتبعه من أجل محاصرة النظام الحالي وتوسع الحوثيين في طول وعرض البلاد.

وتوقعت مصادر يمنية أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من حرب التسريبات بين الأطراف السياسية المتنازعة، ويعتقد أن التسجيل الذي تم تسريبه لصالح وللقيادي الحوثي «أكثر خطورة من التسجيلات التي سربت لهادي ومدير مكتب الرئاسة».