استقالة الرئيس هادي.. والبرلمان يرفضها ويدعو لجلسة طارئة

مصدر حكومي لـ «الشرق الأوسط»: الحكومة استقالت بعد أن تلقى أعضاؤها تهديدات من الحوثيين

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مقر الأمم المتحدة (ا.ف.ب)
TT

أعلن الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي استقالته من منصبه، بعيد وقت قصير من استقالة حكومة الكفاءات برئاسة خالد محفوظ بحاح، وقالت مصادر في الرئاسة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن استقالة هادي جاءت بعد عدم التزام الحوثيين بما تم الاتفاق عليه وقيامهم بممارسات تخل بالاتفاق الذي لم تمض 24 ساعة على توقيعه، ووجه هادي استقالته إلى رئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس النواب وأعضاء المجلس، وأكدت وزيرة الإعلام المستقيلة، نادية السقاف استقالة الرئيس هادي، لكنها أكدت في تغريدة لها على «تويتر» أن «‏شرعية البرلمان اليمني الحالي من شرعية المبادرة الخليجية التي مددت له، وباستقالة الرئيس المبادرة لم تعد فاعلة وبالتالي البرلمان ينحل»، وفي وقت لاحق، أعلن مجلس النواب (البرلمان) رفضه لاستقالة الرئيس هادي، ودعا إلى جلسة طارئة وعاجلة اليوم.

وكانت حكومة الكفاءات اليمنية برئاسة خالد بحاح أعلنت، أمس، استقالتها بكامل أعضائها ووجهت الاستقالة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي قبل استقالته من منصبه، وقال بحاح في رسالة الاستقالة: «تعلمون أننا في حكومة الكفاءات قبلنا تحمل مسؤولية قيادة اليمن وتنميته في ظروف صعبة ومعقدة جدا. وجئنا من مختلف المجالات والتخصصات العلمية والاجتماعية من أجل أن نخدم وطننا ونساهم في إحلال الأمن والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي»، وأضاف: «ورغم الفترة القصيرة التي عملنا فيها منذ السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2014م، والحصول على ثقة البرلمان في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2014م، إلا أننا استطعنا أن نعطي الشعب والقيادة مؤشرات حقيقية تدل على ما كان يمكن أن نقدمه لهذا الوطن، ولكن يظهر أن الأمور تسير في طريق آخر.. لذا فإننا ننأى بأنفسنا أن ننجر إلى متاهة السياسة غير البناءة التي لا تستند إلى قانون أو نظام»، وقال بحاح: «ويشهد الله أننا كحكومة كفاءات حاولنا ما أمكن أن نخدم هذا الشعب وهذا الوطن بكل ما استطعنا من قوة وعلم وكفاءة ومسؤولية وضمير. وعندما أدركنا أن هذا لا يمكن.. قررنا اليوم (أمس) أن نقدم استقالتنا لفخامة رئيس الجمهورية وإلى الشعب اليمني، حتى لا نكون طرفا فيما يحدث وفيما سيحدث، ولا نتحمل مسؤولية ما يقوم به غيرنا أمام الله وأمام الشعب.. نعتذر إليك أيها الشعب اليمني الصابر، ونسأل الله أن يخرج اليمن إلى بر الأمان».

وكانت حكومة بحاح شكلت بقرار جمهوري في الـ7 من نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، وأعقبت حكومة محمد سالم باسندوة التي جاءت بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور العزي شريم، وزير المياه والبيئة المستقيل إن هناك جملة من الأسباب التي أدت إلى استقالة الحكومة وسوف يتم الكشف عنها في وقت لاحق، وذكر مصدر في حكومة بحاح لـ«الشرق الأوسط» أن «أنصار الله» الحوثيين قاموا، أمس، بالذهاب إلى مكاتب ومنازل الوزراء لإجبارهم على التوقيع على قرارات بتعيين نواب لهم ومسؤولين في وزاراتهم وهددوهم بعواقب وخيمة إن لم يوقعوا على تلك القرارات، وباستقالة الرئيس والحكومة، يدخل اليمن في أزمة دستورية حول شرعية البرلمان وشرعية من سيمسك بزمام الأمور في البلاد، كي لا تدخل في أتون صراعات مسلحة.

وجاءت استقالة الرئيس هادي وحكومة الكفاءات، أمس، بعد ساعات قليلة من وصول المبعوث الأممي، جمال بنعمر إلى صنعاء وعقده اجتماعا فور وصوله مع الأطراف الموقعة على اتفاق السلم والشراكة، هذا ولم يصدر عن مكتب المبعوث الأممي أي موقف، حتى اللحظة، كما جاءت الاستقالة في ظل ما كشفت عنه مصادر في الحكومة المستقيلة من أن معظم البعثات الدبلوماسية الخليجية باستثناء السعودية غادرت اليمن منذ سيطر الحوثيون على زمام الأمور في العاصمة، وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين كثفوا من حراساتهم على مطار صنعاء الدولي والمنافذ البرية ويمنعون بعض الأشخاص من السفر عبر المطار «كما حدث مع وزير النقل المهندس بدر باسلمة، أمس، حيث منع من السفر إلى محافظة عدن».

وأكدت مصادر مقربة من الرئيس هادي لـ«الشرق الأوسط» أن استقالة هادي جاءت بعد ضغوط شديدة مورست عليه خلال الساعات الماضية وبينها إصدار عدد من القرارات الجمهورية التي لم يتمكن هادي من التوقيع عليها، وهناك سيناريوهات كثيرة ومحتملة للوضع الراهن في اليمن بعد استقالة الرئيس والحكومة، وفي حال صمم هادي على استقالته، فإن البلد ربما يسقط بصورة كاملة في يد الحوثيين الذين رحبوا باستقالة الرئيس، وبالتالي تحرك الكثير من القوى المسلحة وغير المسلحة في الشارع اليمني لمقاومة سيطرة الحوثيين على الحكم بالتعاون مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح والموالين له في الجيش والأمن، أما السيناريو القانوني والدستوري، فهو أن يمسك رئيس مجلس النواب، يحيى الراعي، بزمام السلطة حتى إجراء انتخابات رئاسة وبرلمانية جديدة، وتشير المعلومات إلى أن البرلمان سوف يضغط باتجاه تراجع هادي عن استقالته، فيما تتحدث مصادر سياسية عن أن استقالة هادي وحكومته هي الحل الوحيد لقطع الطريق أمام استيلاء الحوثيين على السلطة عبر قرارات شرعية وبالتالي تحويل الرئيس والحكومة إلى واجهة غير ذات جدوى، ومن المتوقع أن تثير خطوة الحوثيين على منع عدد من الوزراء والمسؤولين من السفر، أزمة أخرى، وتوقعت المصادر المقربة من الرئاسة اليمنية أن تشمل إجراءات الحوثيين الرئيس نفسه، وأيضا عمليات اعتقالات لبعض الوزراء والمسؤولين.

وأوقف الحوثيون، مساء أمس، بث قناة عدن التلفزيونية الرسمية التي تبث من محافظة عدن، وذلك بعد أن أعلنت القناة أنها سوف تبث بيانا هاما للجنة الأمنية في المحافظة بشأن التطورات الجارية في صنعاء، وكانت اللجنة الأمنية أغلقت ميناء عدن ومطارها ومنافذها البرية لعدة أيام، احتجاجا على الأحداث التي شهدتها العاصمة واقتحام دار الرئاسة، وأعادت فتحها، أمس، بعد التوقيع على اتفاق إنهاء الأزمة بين هادي والحوثيين.

* نص استقالة هادي

* الأخ، رئيس هيئة رئاسة مجلس النواب المحترمين الإخوة/ أعضاء مجلس النواب ممثلي الشعب المحترمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد تحملنا مسؤولية الرئاسة من 25 فبراير 2012م وأنتم لستم بحاجة لشرح الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية في ذلك الظرف وحتى يومنا هذا.

ونظرا للمستجدات التي ظهرت منذ 21 سبتمبر 2014م على سير العملية الانتقالية للسلطة سلميا والتي حرصنا جميعا على أن تتم بسلاسة ووفقا لمخرجات الحوار الوطني التي تأخرت لأسباب كثيرة وأنتم على علم بها.

ولهذا قد وجدنا أننا غير قادرين على تحقيق الهدف الذي تحملنا في سبيل الوصول إليه الكثير من المعاناة والخذلان وعدم مشاركتنا من قبل فرقاء العمل السياسي في تحمل المسؤولية للخروج باليمن إلى بر الأمان ولهذا نعتذر لكم شخصيا ولمجلسكم الموقر وللشعب اليمني بعد أن وصلنا إلى طريق مسدود.

ولهذا أتقدم إليكم باستقالتنا من منصب رئاسة الجمهورية اليمنية وإلى مجلسكم الموقر..

وشكرا عبد ربه منصور هادي