مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»: 1447 سوريا ضحايا 10 مجازر لميليشيات عراقية ولبنانية

قال إن صيف 2012 كان المنعطف الأبرز بظهور «لواء أبو الفضل العباس»

بصرى الشام الأثرية في الجنوب السوري قرب مدينة درعا تتعرض لقصف عشوائي دائم (رويترز)
TT

لم يكن أول ظهور للميليشيات المتطرفة القادمة من خارج سوريا، لتنظيم داعش أو لـ«جبهة النصرة»، فقد سبقها بأشهر ظهور مقاتلين لا يتحدثون اللغة العربية، بحسب ما يقول تقرير أصدرته «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» عن أبرز المجازر التي ارتكبتها الميليشيات الشيعية في سوريا، منوها بأن المنعطف الأبرز في وجود هذه الفصائل كان في صيف 2012، حين ظهر «لواء أبو الفضل العباس»، وبدأ يظهر كثير من دعوات القتال في سوريا لحماية المراقد الشيعية عامة ومرقد السيدة زينب خاصة، وترافق ذلك مع بروباغندا حشد طائفي تبثها وسائل إعلام متنوعة من الصحف اليومية إلى الفضائيات إلى وسائل الإعلام الاجتماعي.

كما يشير التقرير لنقطة تحول مهمة في طبيعة القتال الشيعي الإقليمي المساند للنظام، بدخول «حزب الله» اللبناني في الصراع بشكل معلن في أبريل (نيسان) عام 2013 في منقطة القصير وريفها غرب سوريا التي هي على تماس مع الحدود اللبنانية. إلا أنه لاحقا، بدأت تظهر بشكل أكثر وضوحا فصائل تابعة رسميا للفصائل الأصل في العراق، بما يعنيه ذلك من علانية القتال إلى جانب النظام بالنسبة لمعظم القوى السياسية والعسكرية الشيعية في العراق، بما فيها الحكومة العراقية (فترة حكم نوري المالكي) التي عملت على تسهيل هذا الضخ للمقاتلين، إضافة إلى دلائل تشير إلى اشتراكها الفعلي في القتال.

وبينما كان المقاتلون العراقيون واللبنانيون هم النسبة الغالبة من الجنسيات التي تقاتل إلى جانب النظام على أساس طائفي، إلا أن «الشبكة» وغيرها من منظمات ترصد الوضع على الأرض في سوريا، وثقت مقتل مقاتلين من جنسيات مختلفة: أفغانية وباكستانية، ويمنية، وحتى جنسيات أفريقية.

وكانت «الشبكة» قد فصلت قبل عد أشهر في دراسة «الميليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا»، وتوزعها الجغرافي وأصولها وحجم مقاتليها، إلا أنها تركز في هذا التقرير على جرائم المجازر وعمليات القصف التي تسببت في مقتل ما لا يقل عن 1447 مواطنا سوريا. وكانت أصدرت تقريرا الشهر الماضي عن مراكز احتجاز سرية في سوريا تديرها ميليشيات محلية بعضها غير محسوب على النظام، وتقريرا آخر عن انتهاكات القوات الحكومية.

ويشدد التقرير الأخير على التجاهل شبه التام من قبل المجتمع الدولي، الذي ركز بشكل شبه مطلق على التنظيمات المتشددة السنيّة، وأدان جرائمها وتجنيدها للمقاتلين الأجانب، دون أن يتعرض للمجموعات الشيعية في سوريا. واعتبر أن هذا التمييز يمهد لبناء المظلومية وحشد الدعم المادي والتعاطف المعنوي واستقطاب الأنصار من مختلف أنحاء العالم لأمثال تنظيم داعش.

أما الصعوبات التي اعترضت «الشبكة» في إنجاز التوثيق للجرائم والانتهاكات هذه، فيقول عنها فضل عبد الغني لـ«الشرق الأوسط»، إن توثيق المجازر التي تحمل صبغة طائفية هو من أشد عمليات التوثيق صعوبة؛ «لأن هذه المجازر تنتهي بذبح جميع أبناء الحي، حتى النساء، ويصعب وجود شاهد يسجل شهادته لنا». كما أن معظم المناطق التي حصلت فيها عمليات تطهير طائفي لا تزال تخضع لسيطرة الميليشيات الشيعية بالتنسيق والتعاون مع القوات الحكومية، وبالتالي، فإن ما تم تسجيله في هذا التقرير يشكل الحد الأدنى، وفق معايير الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي تتطلب الحصول على الاسم والصورة. ووثق التقرير مجازر ذات صبغة طائفية معظمها كان بمشاركة القوات الحكومية وميليشيات محلية، وحصلت أبرز تلك المجازر في قرى حمص وحلب وريف دمشق.

* قتل عبر عمليات القصف:

* ووثقت «الشبكة» منذ مارس (آذار) 2011، ما لا يقل عن 10 مجازر ارتكبتها الميليشيات الشيعية إلى جانب القوات الحكومية، قتل فيها ما لا يقل عن 1005 أشخاص يتوزعون إلى: 962 مدنيا، بينهم 172 طفلا، و143 سيدة، و43 من مقاتلي المعارضة المسلحة. كما ساهمت الميليشيات الشيعية في عمليات القصف العشوائي والحصار جنبا إلى جنب مع القوات الحكومية، وسجلت «الشبكة» مقتل ما لا يقل عن 442 شخصا.

وتتمركز ميليشيات شيعية محلية في قرية الفوعة بمحافظة إدلب شمالا، وتنفذ عمليات قصف ممنهجة بقذائف الهاون على القرى المحيطة بها كقرى بنش، ورام حمدان، وتفتناز، وطعوم. كما تتمركز الميليشيات الشيعية في محافظة درعا جنوب البلاد وفي مدينة بصرى الشام بشكل رئيسي، وتنفذ عمليات قصف عشوائي على الحي الشرقي من مدينة بصرى الشام، وكذلك على مدينة الجيزة غربا.

وأكد التقرير أن معظم الجبهات الشمالية والوسطى والجنوبية تقاتل فيها الميليشيات العراقية والأفغانية في خط دفاع أول، تحت إدارة قياديين في «حزب الله» وضباط من الحرس الثوري الإيراني، الذين يشارك آلاف من عناصرهم كمقاتلين أيضا في هذه المعارك لكنهم يمتلكون خبرة وتدريبا أعلى وأكثر نوعية، بينما يتسلم النظام بعض القطاعات في هذه الجبهات وحده ويوفر الغطاء الجوي والمدفعي لتقدم هذه المجموعات.