أخطاء سياسات حكومة المالكي المالية تفشل جهود إعداد موازنة 2015

ضياع 750 مليار دولار يربك الوضع المالي.. والحكومة العراقية تشكل خلية أزمة

رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون مرحبا بنظيره العراقي حيدر العبادي في 10 داونينغ ستريت وسط لندن أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي انتقدت فيه القيادية في التيار الصدري عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي ماجدة التميمي الطريقة التي يجري بها إعداد موازنة عام 2015 واصفة إياها بـ«الوهمية»، فإن خبيرا اقتصاديا عد أن فشل السياسة المالية للحكومة السابقة وضياع مبلغ قدره 750 مليار دولار هو الذي أدى إلى هذا الوضع الشديد الحراجة الذي تمر به البلاد. وقالت التميمي في تصريحات صحافية «إنني أعتبر موازنة 2015 وهمية فهناك افتراض لسعر نفط وتصدير كمية غير موجودة في الواقع وكأن الموازنة الحالية أعدت في عالم آخر فهي على ورق بشكل، أما في الوقع شكل آخر».

واستبعدت التميمي إقرار الموازنة حيث إن اللجنة البرلمانية لا تزال تعمل على «صياغتها مرة أخرى ولدينا مناقلات في أبواب الموازنة لأننا نريد أن نعرف كم نستطيع أن نوفر وهو مبلغ سيكون قليلا خاصة أن معظم الوزارات ترفض تقليل موازنتها ما يضعنا في موقف محرج من الناحية المالية مع استمرار انخفاض أسعار النفط وعدم تصدير العراق الكميات المقررة في الموازنة».

وعبرت التميمي عن عدم ارتياحها لموازنة العام الحالي متمنية أن «تكون هناك موازنتان، الأولى موازنة للأشياء الأساسية جدا والعاجلة، ومن ثم إعداد موازنة تكميلية وهذا المقترح طرحته في وقت سابق من أجل أن يكون البلد في أمان»، مستغربة من «بناء الموازنة على أساس 60 دولارا وبكمية تصديرية 3.3 مليون برميل من النفط يوميا والواقع أقل من هذين الرقمين بنسبة 25 في المائة؟!». وأشارت إلى أن «إقليم كردستان لا يسلم الحكومة الاتحادية كميات النفط بموجب الاتفاق الأخير بكمية 550 ألف برميل، بينها حصة محافظة كركوك، وكذلك من المحافظات الجنوبية، وإن كانت بنسب قليلة»، مبينة أن «كل هذه العوامل تنعكس سلبا على حجم الإيرادات ونقصها فكيف يتم بناء الموازنة بشكل مغاير عن أرض الواقع؟». وأوضحت التميمي أن «حصة الإقليم هي 17 في المائة من الموازنة لكن الكميات المسلمة منه للنفط الخام أقل مما هو مذكور في الموازنة حيث نتسلم 193 ألف برميل من أصل 550 ألف برميل، فأين المتبقي من هذه الكميات؟»، مشيرة إلى أن «حصة الإقليم باقية على نفس النسبة في موازنة 2015». من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة التغيير الكردية عضو اللجنة المالية مسعود حيدر رستم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك وجهات نظر مختلفة بشأن الموازنة لكن يجب أن لا ننظر إلى الأمور نظرة سلبية فقط لأن هناك معالجات وخططا لمواجهة انهيار أسعار النفط برغم وجود مؤشرات على إمكانية تعافي السوق النفطية في النصف الثاني من العام الحالي». وقال رستم إن «العراق يصدر اليوم مليونين و900 ألف برميل بينما نحن أعددنا الموازنة على أساس تصدير كمية مقدارها 3 ملايين و300 ألف برميل في اليوم وطبقا لما أبلغنا به وزير النفط أثناء استضافتنا له أن كمية النفط المصدر سوف تصل نهاية العام الحالي إلى 4 ملايين برميل حيث هناك زيادة تدريجية سوف تعمل على خفض العجز تلقائيا أيضا» مشيرا إلى أن «هناك مؤشرات على أن أسعار النفط سوف تعاود الارتفاع في النصف الثاني من العام الحالي لتستقر عند عتبة الـ55 أو الـ60 دولارا وهو رقم ليس بعيدا عن تقديراتنا وهو ما يعني خفض مستوى آخر من العجز في الموازنة والبالغ نحو 25 مليار دولار أميركي».

وبشأن ما إذا كانت هناك خلافات سياسية يمكن أن تؤدي إلى عرقلة إقرار الموازنة قال رستم «هناك وجهات نظر مختلفة قد لا ترقى إلى مستوى الخلافات السياسية مثلما كانت عليه خلال الفترة الماضية وتتركز الآن المسألة في الكمية التي يتوجب على إقليم كردستان تصديرها والإيرادات التي يجب تسليمها إلى الحكومة المركزية ولكن رهاننا الآن أن هناك توجها لوضع مصلحة البلاد العليا فوق المصالح الثانوية».

على الصعيد ذاته أكد الخبير الاقتصادي الدكتور ماجد الصوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «صلب المشكلة التي نعانيها اليوم تعود إلى فشل السياسة المالية للحكومة السابقة فهي التي أدت إلى تدهور العراق حيث كان لانتشار الفساد المالي والإداري وضياع 750 مليار دولار وحماية الفاسدين والمفسدين بحيث أدت إلى دخول داعش وتمدده وتحوله إلى خطر حقيقي على البلاد».

على صعيد متصل أعلن نائب رئيس الوزراء بهاء الأعرجي أن «مجلس الوزراء سيصرف الموازنة المالية لعام 2015 بشكل شهري وبحسب وارادات النفط لتلافي الأزمات». وقال الأعرجي في بيان له مساء أول من أمس إنه «نظرا للظروف الاقتصادية الحرجة التي يمر بها العراق، بسبب تراجع أسعار النفط، شكل مجلس الوزراء خلية أزمة لتحديد أولويات الإنفاق والصرف وإيجاد بعض الإيرادات». وأضاف أنه «لذات الظرف فإن مجلس الوزراء ناقش موضوع الصرف والإنفاق لعام 2015 وأنه سيكون شهريا وحسب واردات النفط لذلك الشهر حتى نتلافى الأزمات ونكون أمام معرفة تفصيلية، ومن الطبيعي أن تكون المصروفات والنفقات موازية للواردات». في سياق ذلك أكد رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي أحمد الجلبي عن موافقة الولايات المتحدة على تأجيل دفع كامل مبلغ عقد شراء الطائرات لهذا العام، معتبرا أن ذلك سيسهم بتخفيض العجز الحاصل في الموازنة العامة. وقال المكتب الإعلامي لرئيس اللجنة أحمد الجلبي في بيان له أمس إن «الجلبي التقى السفير الأميركي في العراق ستيورات جونز»، مبينا أنه «جرى خلال اللقاء تداول أوضاع النازحين وسبل تقديم الدعم لهم بما يكفل توفير الأوضاع المعيشية المناسبة». وأضاف أن «اللقاء تضمن أيضا مناقشة الوضع المالي الذي يمر به البلد والعجز الظاهر في موازنة العام الحالي والمستحقات المالية لعقود شراء الأسلحة المبرم مع الجانب الأميركي». وتابع مكتب الجلبي، أنه «تم الاتفاق على تأجيل دفع كامل مبلغ عقد شراء الطائرات لهذا العام»، مبينا أن «هذا التعاون سيسهم في تخفيض العجز الحاصل في الموازنة العامة».