الجيش الأوكراني يفقد مطار دونيتسك.. والمعارك توقع 41 قتيلا

هجوم على ترامواي بشرق البلاد يوقع أكبر حصيلة ضحايا وسط المدنيين

أوكرانيون يفحصون حافلة طالها انفجار في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (رويترز)
TT

تعرض الجيش الأوكراني لنكسة خطيرة أمس مع خسارة مطار دونيتسك الذي سيطر عليه المتمردون الموالون لروسيا، فيما تكثفت مؤشرات تصعيد كبير في المعارك مع سقوط 41 قتيلا في خلال 24 ساعة، وهي الحصيلة الأكثر دموية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

ومنذ بدء النزاع في أبريل (نيسان) الماضي بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم وبدء تمرد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد، قتل أكثر من 5 آلاف شخص في المعارك بين الجنود الأوكرانيين والمتمردين الانفصاليين بحسب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ولم تلق الدعوة إلى وقف لإطلاق النار أطلقها مساء أول من أمس وزراء خارجية ألمانيا وروسيا وفرنسا من برلين، أصداء في أوكرانيا التي غرقت مجددا في دوامة العنف.

وميدانيا، اضطرت سلطات كييف إلى ترك مطار دونيتسك، الموقع الاستراتيجي الذي كان محور معارك بين الانفصاليين والجنود منذ مايو (أيار) الماضي للمتمردين. واضطر جنود كييف للانسحاب منه مساء أول من أمس، ورغم أنهم لا يزالون يهاجمون المتمردين فإنهم أصبحوا خارج حرم المطار. ويمكن للأثر النفسي أن يكون ثقيلا على القوات المسلحة الأوكرانية التي سبق أن خسرت مطار لوغانسك، أبرز مدينة في المنطقة المجاورة لدونيتسك. وكانت أولويتهم الحفاظ على مطار دونيتسك. ولم يعلن الجيش على الفور أمس ما إذا كان سيشن هجوما مضادا في محاولة لاستعادة المطار أم لا.

وكان المتمردون قد شنوا هجوما واسعا ضد المطار في 15 يناير (كانون الثاني) الحالي في محاولة للسيطرة على مواقع كان يدافع عنها الجنود الأوكرانيون. وأعلن الجيش الأوكراني الأحد أنه صد هذا الهجوم بفضل تعزيزات بالدبابات. وقال يوري بيريوكوف مستشار الرئيس بيترو بوروشينكو على فيسبوك «لقد فشلنا في الاحتفاظ ببقايا القسم الجديد من المدرج على مدى 6 أيام».

وشهد شرق أوكرانيا أمس أحد الأيام الأكثر دموية منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مطلع سبتمبر في مينسك بين الأطراف المتحاربة، إذ قتل 41 جنديا ومدنيا في مناطق دونيتسك ولوغانسك بحسب حصيلة إعلامية أعدت استنادا إلى محصلات رسمية للجيش الأوكراني والسلطات الانفصالية. والهجوم الأعنف سُجل بحي من دونيتسك الذي كان بمنأى عن النيران وحيث قتل 13 مدنيا بقذائف هاون سقطت على ترامواي بحسب أجهزة الإسعاف المحلية. وقتل 10 أشخاص أيضا في غورليفكا في منطقة دونيتسك بحسب قائد انفصالي يدعى إدوارد باسورين. وأعلن الجيش الأوكراني مقتل 10 من جنوده في شرق البلاد. وفي منطقة لوغانسك قتل أيضا 8 أشخاص بحسب شرطة هذه المنطقة الانفصالية. واعتبر الهجوم على الترامواي في دونيتسك الأكثر دموية من حيث الضحايا المدنيين منذ توقيع اتفاقات السلام في دونيتسك ويأتي بعد 8 أيام على مقتل 12 مدنيا في قصف على حافلة في فولنوفاكا على بعد 35 كلم جنوب دونيتسك.

وسارعت الحكومة الأوكرانية إلى اتهام الانفصاليين بالوقوف وراء القصف وتحميل روسيا «المسؤولية» بحسب ما قال رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك. وأكد وزير الدفاع بافلو كلميكن أن القصف جاء من جهة الانفصاليين. ومن جهتها اتهمت روسيا القوات الأوكرانية بأنها تقف وراء قصف الترامواي. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في بيان «إننا نعتبر هذا الحادث بمثابة جريمة ضد الإنسانية، استفزاز فاضح لنسف عملية السلام المتعلقة بالأزمة الأوكرانية» متهما «القوات الأوكرانية» بالوقوف وراء ذلك. ووصف لافروف مقتل المدنيين الـ13 بأنه «جريمة بشعة». وقال: «نطالب بتحقيق فوري حول الجرائم التي ترتكب في دونيتسك بمشاورة ممثلين عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا» بهدف «منع سقوط ضحايا بشكل عبثي في صفوف المدنيين». كما عبرت فرنسا عن «صدمتها» لهذا القصف.

وبعد ساعات على المأساة، أرغم متمردون انفصاليون موالون لروسيا، 20 جنديا أوكرانيا على المرور أمام الجموع الساخرة والغاضبة، من مطار دونيتسك وحتى المكان الذي قصفت فيه الحافلة. وطوال 10 دقائق، أرغم الجنود على الركوع على الرصيف وأحاط بهم عشرات من سكان دونيتسك وألقيت عليهم قطع زجاج من نوافذ مبان مجاورة.

في غضون ذلك، أعلنت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن 5 آلاف شخص على الأقل قتلوا منذ بدء النزاع في أبريل وأصيب 10 آلاف بجروح. وقال المتحدث باسم المنظمة مايكل بورسيوركيف للإذاعة الأوكرانية إن أكثر من 10 آلاف شخص أصيبوا بجروح أيضا بسبب القصف اليومي بالصواريخ وقذائف الهاون على مناطق سكنية في الشرق الصناعي، مضيفا أن «الوضع يتفاقم فعليا ونشهد سقوط عدد متزايد من الضحايا المدنيين وهو كبير جدا. عدد الذين اضطروا لمغادرة منازلهم مليون شخص وعدد المتضررين هو 5 ملايين».

وفي بروكسل أعلن القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي الجنرال الأميركي فيليب بريدلاف أمس أن المعارك في أوكرانيا تكثفت وعادت إلى مستوى ما قبل وقف إطلاق النار الذي أبرم خلال اتفاقات مينسك. وقال في ختام اجتماع للجنة العسكرية للحلف إن «الوضع على خط الجبهة ليس جيدا. المعارك تكثفت إلى مستوى ما قبل الاتفاقات وفي بعض الحالات أكثر من ذلك».