أبلغ بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة العاهل المغربي الملك محمد السادس أن بعثة «مينورسو» المكلفة حفظ السلام في الصحراء، ومراقبة وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، التي تدعو إلى انفصال الصحراء عن المغرب بدعم من الجزائر، ستواصل عملها في احترام تام لمهمتها الحالية.
وقال بان، في مكالمة أجراها أمس مع الملك محمد السادس، وفق ما ذكره بيان للديوان الملكي المغربي، إنه أخذ، كما ينبغي، تعاليق وملاحظات المغرب (بشأن مهمة مينورسو)، وأعطى ضمانات أكيدة بخصوص حيادية، وموضوعية ونزاهة مسؤولي الأمم المتحدة المكلفين تيسير المهمة الأممية.
وذكر البيان أنه على أساس التوضيحات المعبر عنها والضمانات المقدمة، أكد الملك محمد السادس للأمين العام للأمم المتحدة التزام الرباط بدعم عملية التسهيل التي يقودها المبعوث الشخصي للأمين العام (الأميركي كريستوفر روس)، وتعاونها التام مع المسؤولين المعينين لهذا الغرض من طرف الأمين العام.
وأشار البيان أيضا إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أعرب، خلال هذه المحادثات، عن شكره للملك محمد السادس على الدور النشط والانخراط البناء للمملكة المغربية في دعم أجندة الأمم المتحدة، سواء تعلق الأمر بحفظ السلم، أو النهوض بالتنمية البشرية أو محاربة التعصب والتطرف.
وأضاف البيان أن العاهل المغربي أكد للأمين العام دعم بلاده لإنجاز الأولويات الحالية والمستقبلية لمنظمة الأمم المتحدة، خاصة تلك المتعلقة بأهداف الألفية للتنمية ما بعد 2015. أو التي تخص التغيرات المناخية وإعادة صياغة عمليات حفظ السلم.
وكان المغرب قد أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة ملاحظاته حول مهمة «مينورسو» في الصحراء، وإعادة النظر، في مهامها أو توسيعها، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.
وسبق للعاهل المغربي أن وجه انتقادات غير مسبوقة إلى الأمم المتحدة والدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، وطالبها في خطاب ألقاه، بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء، بموقف واضح من نزاع الصحراء، وقال: إنه «في الوقت الذي يؤكدون فيه أن المغرب نموذج للتطور الديمقراطي، وبلد فاعل في ضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة، وشريك في محاربة الإرهاب، فإنهم في المقابل، يتعاملون بنوع من الغموض مع قضية وحدته الترابية»، مؤكدا أن السنة الحالية ستكون حاسمة لمستقبل المنطقة، ومشددا على أن مبادرة الحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن أن تقدمه بلاده في هذا الشأن، وذلك في إشارة إلى محاولات تقوم بها عدة أطراف تسعى لإقصاء الحل السياسي المقترح من قبل المغرب. ونتيجة لذلك طلب المغرب من روس إرجاء زيارته للمنطقة إلى حين توضيح مدى احترامه ضوابط المسلسل التفاوضي بشأن النزاع.
من جهة أخرى، استقبل الملك محمد السادس، في القصر الملكي بمراكش أمس، فرانك فالتر شتاينماير، وزير الخارجية الألماني.
وذكر بيان للديوان الملكي أن المباحثات تناولت العلاقات الممتازة والعميقة التي تجمع بين البلدين والطفرة النوعية التي عرفتها على الصعيدين التجاري والاقتصادي وكذا على المستوى السياسي.
وأضاف البيان أن هذا الاستقبال أتاح، أيضا، تبادل وتشاطر وجهات النظر المتطابقة بين المملكة المغربية وجمهورية ألمانيا الفيدرالية حول رهانات الأمن ومحاربة الإرهاب في منطقتي المغرب العربي والساحل.
وذكر البيان أن شتاينماير سلم العاهل المغربي دعوة من الرئيس الألماني يواخيم غاوك للقيام بزيارة رسمية لجمهورية ألمانيا الفيدرالية.
حضر هذا الاستقبال وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، وسفير ألمانيا لدى المغرب فولكمار فينزيل.
وبحث مزوار مع نظيره الألماني في مراكش أمس سبل تعزيز التعاون بين البلدين.
ويقوم شتاينماير بزيارة للمغرب في مستهل جولة مغاربية تستغرق 4 أيام، تقوده إلى الجزائر وتونس، على رأس وفد مهم يضم رجال أعمال وبرلمانيين ورجال إعلام ومسؤولين حكوميين.
وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية في وقت سابق أن مباحثات شتاينماير في المنطقة ستتناول بحث القضايا الثنائية وعددا من الموضوعات منها الاشتراك في مكافحة الإرهاب، ومشكلة عدد اللاجئين الكبير الذين يخرجون من أفريقيا عبر البحر المتوسط محاولين الوصول إلى أوروبا.
وقال مزوار، في لقاء صحافي عقب المباحثات التي جرت بحضور مباركة بوعيدة، الوزيرة في الخارجية المغربية، إن هذه الزيارة تأتي لتجدد التأكيد على الإرادة المشتركة للبلدين لتعزيز تعاونهما في مختلف المجالات استنادا إلى العلاقات التاريخية الراسخة بينهما والتي تطبعها الصداقة والاحترام المشترك.
وأبرز مزوار أنه تباحث مع شتاينماير حول سبل مواجهة تصاعد العنف والتطرف، وتعزيز التعاون الأمني، وتعزيز الحوار بين البلدين في كافة المجالات لا سيما في المجالين الثقافي والاقتصادي. كما عبر عن اهتمام بلاده بتعزيز العلاقات الثقافية عبر تعزيز تعلم اللغة والتبادل الثقافي في سياق دولي يتسم باختلاط المفاهيم وبعدم وصم الأجانب بالعنف ومعاداتهم.
وأكد وزير الخارجية المغربي أنه اتفق مع نظيره الألماني على تنويع الشراكة الاقتصادية بين البلدين، خاصة في مجال الطاقات المتجددة التي توجد ضمن الأولويات التي تتقدم فيها المملكة المغربية، منوها بالدعم الألماني لبلاده في مشاريعها الخاصة بهذا القطاع عبر وضع ألمانيا خبرة مقاولاتها رهن إشارة المغرب. كما اتفقا على أن تمتد هذه الشراكة لقطاعات الصناعة الغذائية والبنى التحتية والتكنولوجيات والقطاعات الواعدة التي تتمثل في المهن الجديدة للمغرب مثل صناعة السيارات وأجزاء الطائرات، والخدمات والسياحة لما تتيحه هذه القطاعات من فرص شراكة واستثمار مهمة جدا.
من جانبه، أشاد الوزير شتاينماير بالإصلاحات التي اتخذها المغرب وفق مقاربة تشاركية، وبالإنجازات المهمة التي حققها في السنوات الأخيرة، مجددا التأكيد على مساندة بلاده للمغرب في مساره الإصلاحي المتميز.
وتطرق الوزيران، من جهة أخرى، حسب ما صرحا به، إلى القضايا الراهنة في العالم والمنطقة، مثل الأزمة الليبية وجهود الوساطة التي يرعاها الاتحاد الأوروبي هناك، والحرب الأهلية في سوريا، وخطر التنظيمات الإرهابية، ولا سيما تنظيم «داعش»، وتداعيات الأحداث المؤسفة التي وقعت بالعاصمة الفرنسية باريس أخيرا.