خاتمي ينتقد بشدة في حديث مباشر للشعب القضاء الإيراني وتعليق الصحف الإصلاحية

أكد رغبة حكومته في إزالة التوتر من علاقات طهران بواشنطن

TT

خرج الرئيس الايراني محمد خاتمي عن صمته امس حيال الحملات التي «تشن» على الاصلاحيين في الآونة الاخيرة، والتي اسفرت عن تعطيل اكثر من 20 صحيفة ومجلة اصلاحية واعتقال ابرز كتاب جبهة «الثاني من الجوزاء»، فقال في مقابلة اذاعية وتلفزيونية امس ان الوسائل التي استخدمها القضاء لاغلاق الصحف «غير مقبولة»، واكد انه سيظل وافيا للشعارات والبرامج التي اعلن عنها خلال حملته الانتخابية قبل ثلاثة اعوام. واكد خاتمي انه يجب تطبيق القانون والعمل في اطار الدستور الذي يسمح بحرية الكتابة ومزاولة العمل السياسي في اطار القانون. وردا على مزاعم بعض الشخصيات اليمينية المناهضة لاصلاح النظام والانفتاح السياسي، بان خاتمي اغفل الوضع المعيشي وان الظروف الاقتصادية للبلاد في ظل التركيز على التنمية السياسية، تتجه نحو الافلاس، قال خاتمي ان احد أهم اهداف حكومته هو مكافحة الفساد المنتشر في اجهزة الحكم وايجاد فرص العمل للشباب وضبط التضخم وتخفيف الاعباء المعيشية على كاهل الموظفين، وقدم تقارير واحصائيات، كشفت عن هبوط معدل التضخم وتحسن ظروف المعيشة.

وتعهد خاتمي مرة اخرى بانه سيواصل متابعته لقضية الاغتيالات السياسية واقتحام الحي الجامعي، واشار الى انه قد أمر بتشكيل لجنة رئاسية عقب اغتيال زعيم حزب الشعب الوطني، وزير العمل السابق داريوش فروهر وزوجته للتحقيق في ظروف الجريمة والجهات المتورطة فيها. وأوضح بان مرشد الثورة أبدى دعمه له في مساعيه لتحطيم وكر الفساد الذي كان يستقر في وزارة الاستخبارات (اشارة الى علي فلاحيان وزير الاستخبارات السابق ومساعديه سعيد امامي ومصطفى بورمحمدي)، وتابع خاتمي قائلا: وبعد سبعة، ثمانية ايام، وحينما اتضحت خفايا الامر، سلمنا الملف الى منظمة القضاء العسكري. وهكذا نفى خاتمي تصريحات بعض أقطاب الجبهة اليمينية المناهضة للاصلاحات مثل محمد يزدي واحمد جنتي بان ملف الاغتيالات السياسية ما زال بيد خاتمي ومستشاريه. وطالب خاتمي بمعاقبة الذين اقتحموا الحي الجامعي، وقتلوا احد زوار الحي.

وبالنسبة للعلاقات مع الولايات المتحدة الاميركية وسياسة ازالة التوتر التي تنتهجها حكومته ازاء الدول المجاورة والبلدان الاوروبية، اشار خاتمي الى انجازات الدبلوماسية الايرانية في ايجاد علاقات متينة وودية مع الدول المجاورة والاتحاد الاوروبي، كما اكد ان ايران ليست عدوة لاميركا، بل «اننا نحترم الشعب الاميركي ونقدر جوانب عدة في حياته، ما يعترض عليه هو بعض السياسات التي تمارسها الولايات المتحدة حيال ايران وطالما لم تحل مشاكلنا مع اميركا فاننا سنظل على مواقفنا دفاعا عن استقلالنا». واضاف خاتمي «رغم وجود هذه المشاكل، فاننا لا نرغب في وجود توتر في علاقاتنا مع اميركا أو أي دولة اخرى».

وكشف مصدر ايراني قريب من الاصلاحيين عن خفايا الخطة التي اعدها الجناح اليميني المعارض للرئيس محمد خاتمي بهدف جر الطلبة والقوى الاصلاحية لمواجهة غير متوازنة يوم السبت الماضي في ساحة بهارستان حيث يقع المبنى التاريخي للبرلمان الايراني والذي من المقرر ان ينتقل اليه قريبا نواب مجلس الشورى الاسلامي. والمعروف ان ساحة بهارستان شهدت مواجهات عنيفة بين مؤيدي الثورة الدستورية في مستهل القرن الماضي، وعساكر محمد علي شاه القاجار الذي امر بقصف مبنى البرلمان.

كما ان الزعيم الوطني الايراني الراحل الدكتور محمد مصدق اعلن ثورته ضد الاقطاعيين وعملاء بريطانيا الذين كانوا يحتلون مقاعد البرلمان بمباركة السفارة البريطانية، من ساحة بهارستان. وكانت احدى الاذاعات الفارسية في لوس انجليس بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة، يلتقط المواطنون في ايران بضع ساعات من برامجها، اعلنت منذ حوالي ثلاثة اسابيع ان منظمة طلابية تابعة لحركة «انقاذ ايران» المجهولة تنوي تنظيم مسيرة ضخمة في ميدان بهارستان يوم السبت 19 اغسطس (آب) الحالي ضد «ديكتاتورية الولي الفقيه». واستنادا الى المصدر الايراني فان وزارة الامن التي باتت اليوم تحت ادارة مجموعة قريبة من الرئيس خاتمي رصدت بعد ايام من صدور بيان المنظمة الطلابية المجهولة اتصالات بين احد مسؤولي استخبارات الحرس الثوري واحد زعماء تنظيم انصار «حزب الله» الراديكالي، مع رجل معروف بصلاته مع النظام الملكي السابق يتردد على لوس انجليس كثيرا. وتبين من خلال التنصت على مكالمات هاتفية بين طهران ولوس انجليس، ان المنظمة الطلابية المجهولة التي دعت الطلبة والمواطنين للتظاهر، هي في الواقع تجمع لعدد من رجال استخبارات الحرس وانصار «حزب الله» الذين يريدون افتعال ازمة جديدة للحكومة بعد قيام المظاهرة المفترضة. واوضح المصدر بان الطلبة اصبحوا اليوم المحور الرئيسي لاهتمامات المواطنين، فلهذا فان كل بيان يتضمن دعوة من الطلبة الى المواطنين لحضور تجمع او مظاهرة، سيلقى ردا ايجابيا من المواطنين، وعلى هذا الاساس فان القائمين على خطة اقحام الطلبة والمواطنين في مواجهة دامية في ميدان بهارستان في ذكرى 28 شهر الاسد (19 اغسطس (آب) عام 1953) أي ذكرى سقوط حكومة الدكتور محمد مصدق في انقلاب مدعوم من الاستخبارات البريطانية والـ(CIA) الاميركية كانوا يأملون بأن تجر دعوتهم بضعة آلاف من الطلبة ومؤيدي الاصلاحات الى ساحة بهارستان، وان ترفع خلال المظاهرة اول لافتة مؤيدة لخاتمي ومنددة بممارسات الولي الفقيه. وكان رجال الامن والحرس، سيهاجمون المتظاهرين وفقا لتصورات واضعي الخطة. وعلمت «الشرق الأوسط» بان الرئيس خاتمي كشف في لقاء مع قادة مكتب «تعزيز الوحدة» وهو ابرز تنظيم طلابي في ايران، الاسبوع الماضي، عن جزئيات الخطة ودعا الطلبة لمزيد من اليقظة والحذر، نظرا الى ان هناك مخططا لاقحامهم في مواجهة ليست من مصلحتهم ومصلحة البلاد.

وقد اثبتت تطورات السبت الماضي، حسب المصدر الايراني، صحة توقعات وتقويم خاتمي، اذ ان المئات من رجال الحرس وانصار «حزب الله» انتشروا في ميدان بهارستان والشوارع المحيطة به منذ فجر السبت، فيما كانت الاذاعة الفارسية الموجهة من لوس انجليس تواصل بث مقابلات مع طلاب مجهولين ومواطنين كانوا قد زعموا بانهم يتحدثون بهواتفهم النقالة من ميدان بهارستان، ووفقا لهؤلاء فان الآلاف من الطلبة والمواطنين كانوا يرددون شعارات مناهضة للنظام في ميدان بهارستان. واثر انتشار شائعات عن حصول مواجهات دامية امام مبنى البرلمان السابق في طهران، توجه بضع مئات من اهالي طهران بينهم مصور وكالة الانباء الفرنسية (مهري) الى الميدان، حيث كان عدد من انصار «حزب الله» يرددون شعارات مناهضة للاصلاحيين ومؤيدة للولي الفقيه. وقد جرى اعتقال مائتين من المواطنين بينهم مصور الوكالة الفرنسية من قبل رجال الامن، غير انه افرج عن معظمهم بعد ساعات نتيجة لعدم وجود ادلة ضدهم.

وهكذا افشل خاتمي مرة اخرى حسب المصدر الاصلاحي، خطة لاقحام الطلبة والاصلاحيين في مواجهة غير متوازنة مع رجال الامن.