انهيار طاقم مساعدي باراك بعد استقالة مدير مكتبه ونائبه وثلاثة مستشارين آخرين

المعارضة تطالبه بالاستقالة والدعوة الى انتخابات جديدة

TT

طالب ثلاثة رؤساء احزاب اسرائيلية معارضة رئيس الوزراء، ايهود باراك امس، بالاستقالة فوراً من منصبه والدعوة الى انتخابات جديدة، وذلك بعد ان انهار طاقم مساعديه وسبقه انهيار ائتلافه الحكومي، بينما تقدم حزب آخر بدعوى الى المحكمة الاسرائيلية العليا طالبا الغاء شرعية الحكومة ودفعها الى طلب ثقة الكنيست من جديد.

وجاءت هذه التطورات في اعقاب حدثين متلاحقين، امس واول من امس، احدهما اغاظ المعارضة والثاني دغدغ مشاعر الفرح عندها.

ـ الاول، هو الاعلان الدرامي المفاجئ عن خطة باراك لاحداث «ثورة مدنية ـ اجتماعية تجعل اسرائيل واحدة من اكثر الدول تقدما وتنوراً»، وبموجبها يقر دستور جديد يُكرس المساواة الكاملة وحقوق الانسان وحقوق المرأة والحريات الكاملة، بما في ذلك حرية الزواج المدني وحرية العمل ايام السبت. والمعروف ان هذه الخطة تغيظ الاحزاب الدينية، وتحرج احزاب اليمين العلمانية. وبدا واضحا ان باراك بلبل هذه الاحزاب وادخلها في مأزق ولهذا فقد طالبه نواب الاحزاب الدينية بالاستقالة. واقسم احدهم وهو موشيه جفني، من حزب «يهدوت هتوراه» ان يعمل كل ما في وسعه من اجل الاطاحة بحكومة باراك والعمل على ان لا يعود الى الحكم في اي حال من الاحوال.

ـ الثاني، قرار مدير مكتب باراك، حاييم مندل ـ شكيد، الاستقالة، وذلك بعد اسبوع واحد من استقالة نائبه، شمعون بطاط. وكان بطاط قد أعلن اثر استقالته، ان باراك لا يدير الدولة كما كان في الماضي كرئيس للأركان، بل كقائد لفرقة في جيش التحرير الافغاني. وقال ان باراك يحيط نفسه بمجموعة ضخمة من المستشارين المتخاصمين فيما بينهم وانه لا يوزع المسؤوليات بشكل صحيح وانه لا يثق بأحد لذلك يعمل طيلة النهار وحتى الرابعة فجراً، في كل يوم، وان الفوضى تزدهر من حوله. اما مديره حاييم مندل ـ شكيد، فقد نشرت على لسانه اقوال في صحيفة «يديعوت احرونوت» امس، قال فيها ان باراك لا يتصرف كرئيس حكومة، بل كمدير لمكتبه فقط وانه «لا يحتاج الى مستشارين كبار بل الى خدم صغار» وانه بسبب تفضيله داني ياتوم، رئيس الدائرة السياسية الامنية، يدخل في ازمة علاقات مع الجميع. اذ ان ياتوم ينفّر من حوله كل المفاتيح الحيوية في اسرائيل. واكد ما كان نشر سابقاً من ان رئيس اركان الجيش الاسرائيلي وكذلك رئيسي الموساد والمخابرات العامة يقاطعون ياتوم، ولا يكلمونه ابداً.

واثر هذه المقابلة استدعى باراك مندل ـ شكيد، صباح امس، فقدم له هذا استقالته.

وتعتبر استقالة مندل ـ شكيد ضربة قوية لهيبة باراك. فهذا ليس مجرد مدير مكتب وليس وزيرا ذا مصالح ذاتية. بل هو احد تلاميذ باراك، الذي يرافقه منذ 15 عاماً فقد كان مديراً لمكتبه، عندما كان قائداً للوحدة العسكرية القتالية المختارة «دورية رئاسة الأركان». واخذه باراك معه مديرا لمكتبه ايضا عندما اصبح نائباً لرئيس الاركان، ثم عندما اصبح رئيساً للاركان. وأخذه لنفس المهمة في معركته الانتخابية الاخيرة. وعندما فاز بالحكم عينه رئيساً لمكتب رئيس الحكومة.

ومثل مندل ـ شكيد كان ايضا شمعون بطاط، فهو يرافق باراك منذ الوحدة القتالية، ويسلمه دائما المهمات الخاصة. ومع ان كليهما اعلنا ان استقالتهما لا تعني انهما سيقفان ضد باراك وانها جاءت فقط لخدمته حتى يصحو من غفوته، فانها جاءت لتوجه ضربة اخرى جدية له، تذكر برئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، الذي راح يفقد مساعديه الواحد تلو الآخر في آخر شهر من حكمه.

يذكر ان 3 مستشارين كبار آخرين لباراك، كانوا قد استقالوا في الاسابيع الاخيرة، هم: المستشار للشؤون الدولية، البروفسور يعقوب غولدبرغ، الذي كان يكتب خطابات باراك ايضا، واستقال قبل شهرين، معلناً انه لا يجد عملا كافياً لملء وظيفته وحاول باراك اقناعه بالبقاء فرفض بشدة. ورفض وظيفة قنصل اسرائيل في ميامي الاميركية.

ـ سكرتير باراك العسكري، الجنرال جادي ايزنكرت، استقال هو ايضا قبل شهر، وذلك لأنه لم يتمكن من العمل المستقل، وشعر ان ياتوم يدوسه ويجهض وظيفته ويحد من امكانيات عمله. واعيد ايزنكوت الى الجيش، وعين قائد لواء.

ـ المستشار السياسي تسفي شتاوبر، هو ايضا شكا من سيطرة واستبداد داني ياتوم فاستقال. لكن باراك عرض عليه وظيفة محترمة، هي السفير الاسرائيلي في بريطانيا، فرضي بها.

وكان باراك قد بدأ حملته لاقرار الدستور، اول من امس، تحت شعار «الثورة المدنية ـ الاجتماعية» وبدا انه فرض على الرأي العام نقاشاً في موضوع مصيري اهم من اي موضوع آخر، ويغطي على اخفاقاته الائتلافية. وبدا ان توجهه هذا ناجح للغاية، الا ان استقالة مندل ـ شكيد امس، اعادت العناوين الى الاخفاقات.

واستغلت كتلة المفدال في الكنيست (حزب المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة) هذا الواقع، لترفع دعوى الى المحكمة العليا، تطالبها بأن تأمر الحكومة بطلب ثقة الكنيست مجدداً.

يذكر ان الحكومة في اسرائيل تطلب الثقة مرة واحدة، بعد الانتخابات. وبعد ذلك تأخذ الطابع القانوني الرسمي وتصبح ثابتة. وكل تغيير فيها يكون ثانويا. ولا تسقط الا اذا استقال رئيسها او اذا قرر الكنيست بأكثرية 61 صوتاً (من مجموع 120) اسقاطها. ولأن الامرين غير متوفرين، توجهت المفدال الى المحكمة، معللة ذلك بالقول: «اعلان رئيس الحكومة عن الثورة المدنية ـ الاجتماعية يعتبر تغييراً في الخطوط العريضة التي طرحتها الحكومة على الكنيست، وبموجبها حصلت على ثقته. ولكن التغيير لم يقتصر على الخطوط العريضة، بل شمل تركيبتها. فقد انسحبت منها 3 احزاب. ومن مجموع 23 وزيراً، عرضوا على الكنيست، لم يبق في الحكومة سوى 13، نصفهم يحملون وزارتين او ثلاثة، ومن بين 73 نائباً في الائتلاف لم يبق الآن سوى 40 (24 حزب العمل + 10 ميرتس + 6 حزب المركز)».