التحقيقات القضائية والبرلمانية في ملفات الفساد بالمغرب تتكثف

أقارب المعتقلين أبدوا مخاوفهم من أبعادها السياسية

TT

أكدت مصادر برلمانية أمس في الرباط أن مجلس المستشارين ( الغرفة الثانية بالبرلمان) قرر تأجيل اجتماع لجنة تقصي الحقائق التي كان من المقرر انعقادها لبحث معطيات ملف صندوق الضمان الاجتماعي الذي تتابعه السلطات المغربية في سياق فصول خمسة ملفات فساد يجري بشأنها القضاء حاليا تحقيقات مكثفة.

وتهتم الأوساط البرلمانية في لجنة التقصي ببحث الأسباب الإدارية والمالية لعجز يواجهه صندوق الضمان الاجتماعي ويقدر بـ12 مليار درهم مغربي، وتهدف التحقيقات البرلمانية لتسليط الأضواء على معطيات ملف الصندوق. ولجنة تقصي الحقائق بمجلس المستشارين هي ثاني لجنة تحقيق يشكلها البرلمان بعد قرار مجلس النواب تشكيل لجنة مماثلة بشأن ملف القرض العقاري والسياحي. وحول أسباب تأجيل اجتماع اللجنة، أوضحت المصادر البرلمانية، أنه تم بناء على طلب من فريق حزب الحركة الوطنية الشعبية (مشارك في الحكومة). وأضافت أن أحزاب الأغلبية دعت لانعقاد اجتماع اللجنة غير ان النصاب القانوني لانعقاده المتمثل في توقيع 136 مستشارا برلمانيا، لم يتحقق لحد الآن .

لكن المصادر لاحظت أن الظروف التي تجري فيها حاليا أعمال اللجان البرلمانية والتحقيقات القضائية في ملفات الفساد، تتزامن مع حملات انتخابية لتجديد ثلث مجلس المستشارين وانتخابات جزئية لسد الشغور في سبعة مقاعد بمجلس النواب، ويخشى أن تؤثر هذه الأجواء في المناخ الذي تجري فيه التحقيقات. وفي سياق فصول التحقيقات في ملفات الفساد التي احالتها حكومة عبد الرحمن اليوسفي أمام القضاء، بدا أن إستعادة الحياة السياسية في البلاد لحيويتها مع مطلع السنة السياسية الجديدة تحمل معها تسارع وتيرة التحقيقات مع عشرات من المسؤولين السابقين والموظفين، يقوم بها قضاة محكمة العدل الخاصة المختصة بالنظر في القضايا التي تتعلق بموظفي القطاع العام، ومنها ملفات صندوق القرض الفلاحي وجمعية المطاحن ووكالة الأنباء المغربية وصندوق القرض العقاري والسياحي.

وبالمقابل تصاعدت وتيرة إتصالات واحتجاجات أهالي المعتقلين في عدد من هذه الملفات على ظروف وأبعاد التحقيقات الجارية حاليا. وقال عدد من المعتقلين انهم «يتخوفون بأن تكون الملفات التي أحيلت للتحقيقات القضائية تلفها أبعاد وخلفيات سياسية ويطالبون بوضع الأمور في نصابها وتفعيل قواعد دولة الحق والقانون من دون اعتبارات سياسية».

وفي الدار البيضاء أكد محامون لـ«الشرق الأوسط» أن أهالي عدد من معتقلي جمعية المطاحن طلبوا مقابلة العاهل المغربي الملك محمد السادس لمناشدته ذويهم ووضع الأمور في نصابها. وكان الأهالي قد وجهوا قبل أسبوعين رسالة في هذا الصدد للعاهل المغربي.

وكشف المحامون أن المعتقلين في ملف جمعية المطاحن طالبوا قاضي التحقيق بإحالة كافة أعضاء مجلس إدارة جمعية المطاحن للتحقيق معهم بصفتهم أطرافا رئيسيين في ملف هذه الجمعية، علما أن أن رئيس الجمعية هارب خارج البلاد وقراراتها يصادق عليها من قبل مجلس الإدارة. كما ذكروا ان مستخدميها ومسؤوليها يعتبرون خاضعين لآليات عمل القطاع الخاص وليسوا موظفين تابعين للقطاع العام. وأشار المحامون الى أن الأشخاص الخاضعين حاليا للتحقيقات هم مستخدمون عاديون بمن فيهم المدير الإداري السابق، وليسوا أصحاب القرار في الجمعية.

من جهتها، قالت مصادر قضائية ان محكمة العدل الخاصة استأنفت التحقيق مع مجموعة المعتقلين في ملف صندوق القرض الفلاحي ويتقدمهم رشيد الحداوي المدير العام السابق للصندوق. وتتركز التحقيقات حول مصير عشرات المليارات من الدراهم المغربية التي يشتبه في تبديدها. وقالت المصادر ان جلسات التحقيق التي حضرها الحداوي شهدت مداولات حادة ومثيرة، بين قاضي التحقيق وبعض المعتقلين وحدثت مواجهات بين الحداوي وموظفين سابقين في الصندوق.