الشوف: معركة سياسية ـ انتخابية ولائحة جنبلاط تتقدم على منافستها

TT

«كأننا نعيش حالة انعدام وزن وانعدام معايير. والحال تنطبق على جميع المرشحين». بهذه العبارة وصف مواطن في الشوف (جبل لبنان) الوضع في دائرته عشية الانتخابات النيابية التي يشهدها جبل لبنان غداً.

ويمكن للمراقب ان يلاحظ ان معركة الشوف، وخلافاً لغيرها من المناطق، هي معركة سياسية وليست انتخابية. وتدور بين لائحة «جبهة النضال الوطني» التي يرأسها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ولائحة «الشوف للجميع» التي يرأسها المحامي ناجي البستاني.

ويتنافس «ظاهرياً» على مقاعد الشوف الثمانية 26 مرشحاً، يحدد مصير الفائزين منهم بأصوات 154968 ناخباً، منهم 42172 من المسلمين السنة و47753 من الدروز و48605 من الموارنة و10988 من الروم الكاثوليك و843 من الروم الارثوذكس.

وتضم لائحة « جبهة النضال الوطني» الى جنبلاط كلاً من النواب مروان حمادة ونبيل البستاني وجورج ديب نعمة وعلاء الدين ترو والمرشحين الجدد محمد الحجار (من تيار «المستقبل» الذي يقوده الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري) وايلي عون ورجل الاعمال نعمة طعمة. اما لائحة «الشوف للجميع» فهي تضم، الى المحامي ناجي البستاني، النائب زاهر الخطيب والمرشحين سمير كيوان وشارل غفري وفارس ذبيان ونبيل العماد وغسان مغبغب والياس البراج.

وتوحي الاجواء عشية الانتخابات ان هناك صعوبة في خرق لائحة «جبهة النضال» على رغم بعض المؤشرات السائدة في الساحة الشوفية. الا ان ذلك لا يبدد المناخ المتوتر السائد في الشوف والناجم عن رفع سقف الاتهامات التي يرددها النائب وليد جنبلاط في تصريحاته، ومنها اتهامه الدولة والاجهزة الامنية بـ« التدخل والتزوير وارهاب» الناخبين لمصلحة اللائحة المنافسة للائحته. ويقول مصدر قريب من جنبلاط لـ «الشرق الأوسط» : «ان السوريين لم يطلبوا الى جنبلاط ضم النائب زاهر الخطيب، كما فعلوا في الدورتين السابقتين. ولكن العهد هو الذي يتمسك به ويضغط علينا لمصلحته في استمرار». ويضيف: «كلنا نعلم ان سورية تنصح بالتوافق لا اكثر. وحين يفشل التوافق تنصح بالابقاء على التوازن، مع حرصها على بعض الضرورات التي نعرفها جيداً. ويعرف الجميع مدى حساسية وضع البلد حين يختل التوازن فيه. الا ان البعض يتجاهل هذا العنصر وينسى ان التطرف ممنوع. وانطلاقاً من هذه المعطيات لم يتدخل السوريون لفرض زاهر الخطيب على لائحة جبهة النضال الوطني، لأنه يفتقر الى القاعدة الشعبية في منطقته، اقليم الخروب، لأنه لم يسع الى التواصل مع ناخبيه، مكتفياً بالقول انه مشرع وليس معقب معاملات. وبقي بعيداً عن الناس».

واشار المصدر الى «ان النتائج المحسومة سلفاً لمصلحة لائحة جنبلاط تواجه بالمحاولات الحثيثة المدسوسة لافتعال المشاكل في القرى الحساسة، بغية ضرب استقرار المنطقة، مما يؤثر على عودة المسيحيين المهجرين اليها. وهذا الأمر لا يريح، لأن وليد جنبلاط يسعى الى تكريس مناخ الاستقرار على حساب اي عامل آخر».

ويعتقد المصدر ان «نجاح اللائحة بكاملها يتم اذا صوّتت نسبة كبيرة من الناخبين لمصلحتها. والارقام المتوافرة لدى الماكينة الانتخابية تشير الى ذلك. فحركة جنبلاط في اتجاه البلديات ودعمها خلال السنوات الماضية ساهمت في تعزيز شعبيته وتحصينها، خصوصاً في اقليم الخروب بأكثريته السنية. كما ان جميع افراد لائحة جبهة النضال الوطني هم من الناشطين على كل الصعد السياسية والخدماتية والانسانية في الشوف».

الا ان وجهة النظر المعارضة لجنبلاط في الشوف تصر على ان «التغيير الكبير آت على رغم رفض جنبلاط الاعتراف به». ويستند اصحاب هذه النظرية الى ان جنبلاط خسر كثيراً من صدقيته في مواقفه الوطنية ليكسب الناخب المسيحي، فتنازل اكثر مما يفترض به ان يفعل كزعيم درزي «كرمى للانتخابات فقط». كذلك لا يمكن الاستهانة بـ «لائحة الشوف للجميع» وتأثيرها على الناخب الشوفي، فرئيسها ناجي البستاني هو محامي وزارة الدفاع الوطني قدم لأهالي الشوف على مدى 4 سنوات خدمات كثيرة. اما النائب زاهر الخطيب فله مواقفه الوطنية ومكانته التي لا يمكن تجاهلها بسبب تعنت جنبلاط الذي كرر في مناسبة وبلا مناسبة رفض ضمه الى لائحته. الا ان ذلك لن يؤثر على وضع الخطيب حسبما يعتقد البعض. ويضيف اصحاب الرأي المعارض لجنبلاط ان للحزب السوري القومي الاجتماعي مرشحه ومؤيديه، وبالتالي فإن حظوظه في الفوز كبيرة وغير طائفية، اضافة الى ان وجود المرشح نبيل العماد على لائحة البستاني يشير الى تحريك الحمية اليزبكية المعادية لجنبلاط في صفوف الدروز، ويدل على تحالف الزعيم الدرزي الآخر طلال ارسلان مع اللائحة من خلال مؤيديه وهم كثر. ويقول المرشح ناجي البستاني لـ «الشرق الأوسط»: «ان المحاولات الحثيثة لايهام الرأي العام بالفوز الأكيد للائحة جنبلاط لا تعكس حقيقة الواقع. والنزول الى الارض يوضح ان حجم المعركة اكبر بكثير مما يتصورون. الوضع مختلف واللعبة ديمقراطية، ولا يستطيع اي كان ان يقول العكس، لذا فإن الحجج المتواصلة بتدخل الاجهزة يعكس ضعفاً لا قوة لدى المتحججين».

اما المرشح فارس ذبيان فاوضح: «ان الناخب في الشوف اصبح واعياً وراشداً ولم يعد يتحرك وفق غرائزيته الطائفية فقط. ويوم الانتخابات فإن الصناديق هي التي ستبرهن حتماً عن هذا الوعي. ومن يدعي ان الاجهزة تحاربه يحارب الجميع بالوسائل التي يشكو منها».