فرنسا تنشط دورها في الشرق الأوسط باستقبال مبارك والشرع وشعث وبن عامي

TT

سرّعت فرنسا وتيرة اتصالاتها الخاصة بمفاوضات السلام في الشرق الأوسط، وستتوج هذه الاتصالات، في المرحلة الاولى، بزيارة يقوم بها الرئيس المصري حسني مبارك الى باريس في بداية سبتمبر (ايلول) المقبل، يجتمع خلالها بالرئيس الفرنسي جاك شيراك. وكانت الدبلوماسية الفرنسية، بعد انحسار دام اسابيع بسبب العطلة الصيفية، عادت الى واجهة الاتصالات الخاصة بالشرق الأوسط، من خلال استقبالها بعد ظهر امس وزير التعاون الدولي في السلطة الفلسطينية نبيل شعث. وغدا تستضيف وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الذي يلتقي الرئيس الفرنسي في قصر الأليزيه. ويتبع ذلك يوم الاثنين، غداء عمل في مقر وزارة الخارجية بين الوزير فيدرين ووزير الخارجية الاسرائيلي بالوكالة شلومو بن عامي، الذي يقوم بأول زيارة الى فرنسا منذ ان عينه رئيس الوزراء باراك مكان ديفيد ليفي.

ويأتي تسريع تحرك الدبلوماسية الفرنسية، على اعلى المستويات، قبيل الاجتماع الذي سيعقده وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي يومي 2 ـ 3 سبتمبر، في مدينة إفيان الفرنسية. وعلم من مصادر دبلوماسية فرنسية ان الاوضاع في الشرق الاوسط والحالة التي آلت اليها مفاوضات السلام ستكون على رأس المواضيع التي سيتناولها وزراء الخارجية في اجتماعهم غير الرسمي.

وباستثناء زيارة الوزير الشرع غدا التي ستركز بطبيعة الحال على مسار المفاوضات السوري ـ الاسرائيلي المتوقف وعلى زيارة محتملة للرئيس السوري بشار الاسد الى باريس، فان مجمل الاتصالات الفرنسية تنصب على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي.

وفُهم من مصادر فرنسية ان باريس، الوثيقة الاتصال بكل الاطراف، اعدت مجموعة من الافكار، بالتشاور مع مصر التي ترى ان من شأنها المساهمة في حلحلة المسائل الاكثر تعقيدا وبالتحديد مسألتي القدس واللاجئين.

وتراهن باريس على جدوى الافكار التي تطرحها. وتريد فرنسا عبر اتصالاتها التي تتناول مختلف الاطراف ذات الصلة في الشرق الأوسط معرفة مدى تقبل الاطراف المعنية لهذه الافكار.

وبأي حال، فان التحرك الفرنسي يعيد باريس الى دائرة الضوء الدبلوماسي في الشرق الأوسط، علما ان هذه المنطقة ستكون على رأس جدول اعمال المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا في العالم. وسيلقي الرئيس شيراك، بعد غد كلمة شاملة يحدد فيها سياسة فرنسا الخارجية، في حين يفتتح وزير الخارجية هوبير فيدرين اعمال المؤتمر يوم الثلاثاء المقبل.

وكان الناطق المساعد باسم الخارجية الفرنسية فرنسوا ريناسو قد اعلن ظهر امس ان فرنسا تعتقد، نظرا للتقدم الذي حصل في قمة كامب ديفيد والاتصالات التي اعقبتها ان «ثمة امكانية للوصول الى اتفاق شامل» فلسطيني ـ اسرائيلي.

الى ذلك فان اللافت في زيارة الشرع الى باريس التي تأتي بناء على رغبة سورية، ان الوزير السوري سيجتمع فقط مع الرئيس الفرنسي ولن يلتقي اي مسؤول فرنسي آخر. ووفق مصادر مطلعة فان عدم اجتماعه مع نظيره الفرنسي لا يحتمل اي تأويل سياسي و«مسألة روزنامة عمل ليس اكثر». في المقابل، فان بن عامي لن يجتمع مع شيراك ولكنه سيجتمع مع فيدرين وربما مع رئيس الوزراء ليونيل جوسبان.

وفي أية حال، فان زيارة الشرع الى باريس ينظر اليها الفرنسيون بكثير من الاهتمام، باعتبار انها اول اتصال فرنسي ـ سوري في هذا المستوى، منذ وصول الفريق بشار الاسد الى الرئاسة. واذا كانت باريس قد عادت لمركز استقطاب دبلوماسي للشرق الاوسط، فانها عليها بصفتها رئيسة الاتحاد الاوروبي، مسؤولية سياسية ودبلوماسية خاصة التعامل مع استحقاق اعلان الدولة الفلسطينية.

وحتى الآن، امتنعت فرنسا عن الاعلان عن اي موقف واضح من هذا الموضوع. ويقول مصدر فرنسي واسع الاطلاع ان الموقف الفرنسي يحكمه عاملان، الاول ان الظروف التي سيتم في سياقها الاعلان عن قيام الدولة الفلسطينية غير واضحة والوضعيات التي يمكن ان تنشأ متنوعة. وهذا الحال يجعل من الصعب اليوم الاعلان عن موقف فرنسي او اوروبي مسبق. اما العامل الثاني فهو واجب فرنسا استشارة شركائها الاوروبيين والتزامها البحث عن اجماع اوروبي بشأن هذا الموضوع كما بشأن المواضيع الاخرى. وقال المصدر ان باريس يتوجب عليها التزام «التحفظ» وعدم استباق الامور.

غير ان هذا الحذر لا يعني ان الاتحاد الاوروبي لا يعمل على بلورة موقف ينطلق من «اعلان برلين» الصادر في مارس (اذار) عام 1999. وينص الاعلان المذكور على «حق الفلسطينيين غير المشروط» في تقرير مصيرهم واقامة دولتهم «في اقرب وقت» وعلى استعداد الاتحاد الاعتراف بهذه الدولة «في الوقت المناسب».

ويكمن العمل الدبلوماسي الاوروبي على تعريف مفهوم «الوقت المناسب» وعلى تحقيق اجتماع حوله. غير ان أوساطاً سياسية فرنسية تتخوف من تأثير قاعدة الاجماع على الاعتراف بالدولة الفلسطينية بالنظر لتفاوت المواقف الاوروبية منها وبالنظر للتأثير الاميركي على عدد منها.