«طيران الخليج» ترفض فرضية الخطأ البشري لتفسير تحطم الطائرة ولا دليل على احتراق المحرك

التحقيق بدأ أمس وجثث الضحايا المصريين تعود إلى القاهرة اليوم

TT

القاهرة: «الشرق الأوسط» واشنطن: دون فيليبس * ووكالات الأنباء اعلنت شركة «طيران الخليج» أمس انها ترفض «في الوقت الحالي» فرضية ان يكون حادث تحطم طائرة الايرباص قبالة سواحل البحرين مساء الاربعاء الماضي ناجما، كما اوردت وسائل الاعلام، عن خطأ بشري، ونفت ان يكون لديها دليل على صحة تقارير اخبارية بان حريقا شب في محرك في الطائرة. وقالت ان ثلاثة من موظفي الشركة شاهدوا الحادث ولم يبلغ احد منهم عن وجود اي شيء غير عادي بالطائرة.

وقال رئيس الشركة الشيخ احمد بن سيف آل نهيان خلال مؤتمر صحافي في المنامة «في الوقت الحالي، الامر لا يتعلق بخطأ ارتكبه الطيار». فيما أكد علي احمد نائب رئيس شركة طيران الخليج أنه من المبكر جدا تحديد سبب تحطم الطائرة. وقال ان التحقيق لا يزال جاريا وان الامر قد يستغرق بعض الوقت قبل نشر نتائجه.

وبدأ محققون دوليون واقليميون أمس التحقيق في حادث تحطم طائرة طيران الخليج، وقالت وكالة انباء الخليج ان خبيرين من بريطانيا وصلا أول من امس للانضمام الى اللجنة ولكنها لم تدل بتفصيلات.

ومن المقرر ان ينضم فريق من المجلس القومي الاميركي لسلامة النقل الى محققين من البحرين وعمان وشركة ايرباص اندستري لتحديد اسباب سقوط الطائرة، حيث كان منتظرا وصول ثلاثة خبراء اميركيين في الطيران المدني الى البحرين أمس للمساعدة في التحقيقات في حادث تحطم الطائرة استجابة لطلب من حكومة البحرين.

وفي اطار التحقيقات في حادث تحطم الطائرة الذي قتل فيه 143 شخصا وصل فريق من اربعة خبراء من ايرباص اندستري، وهي الشركة المصنعة للطائرة، الى البحرين أول من أمس لمحاولة اكتشاف اسباب الكارثة بعد ان قام الطيار ببضع محاولات للهبوط في المطار.

وسقطت طائرة طيران الخليج وهي من طراز ايرباص ايه 320 بينما كانت في رحلة من القاهرة الى البحرين وقتل جميع الركاب وطاقم الطائرة المؤلف من ثمانية أشخاص هم الكابتن إحسان شكيب وهو بحريني ومساعد الطيار من عمان ومضيف قمرة القيادة وهو بحريني وخمس مضيفات من الفلبين وبولندا والهند والمغرب ومصر.

ورفضت ايرباص التكهن بسبب الحادث وهو السادس الذي تتعرض له طائرة ايرباص ايه 320 منذ ان دخل هذا الطراز المتطور الخدمة في ابريل (نيسان) 1988.

وذكرت مصادر قريبة من فريق التحقيقات في حادث سقوط طائرة شركة طيران الخليج ان الطقس في المنطقة كان جيدا، عندما كانت الطائرة تحاول الهبوط على الممر رقم 12 وهو ممر يتخذ اتجاه جنوب غرب / شمال شرق مجهز باجهزة ملاحة لاسلكية كان من الممكن ان تسمح للطاقم بهبوط الطائرة اعتمادا على المعدات حتى ولو كان الطقس سيئا. كما ان الطائرة اير باص ايه 320 مجهزة بأحدث اجهزة الملاحة الجوية من بينها جهاز هبوط اتوماتيكي كان من الممكن ان يسمح لقائد الطائرة بتحويل عملية الهبوط الى الجهاز الآلي اذا رغب في ذلك.

وتجدر الاشارة الى ان الطائرة «ايه 320» هي اول طائرة تجارية تطير عن طريق «الاسلاك» اي انه يتم السيطرة عليها عبر اسلاك كهربائية بدلا من كوابل التحكم. ويستخدم الطيار عصا قيادة بدلا من عجلة قيادة، مشابهة لتلك المستخدمة في الطائرات المقاتلة. ويمكن للطيار اصدار اوامره الى الكومبيوتر الذي يخبر الطائرة كيف تنفذ الاوامر.

كما ان طائرة الايرباص مجهزة بـ«محافظ» سلامة في الطائرة، اي ان الطيار لا يستطيع اجبارها على القيام بمناورات عنيفة او صعبة. فعلى سبيل المثال اذا سحب عصا القيادة فإن الطيار لا يستطيع اجبارها على الارتفاع بزاوية حادة بحيث تتعطل، ففي تلك الحالة يتولى الكومبيوتر الامر ويحد من زاوية الارتفاع بغض النظر عما يفعله الطيار. بل ان الكومبيوتر يلاحظ متى تبطئ الطائرة الى سرعة يمكن ان تتسبب في سقوطها وسيتولى زيادة سرعة المحركات.

وفي الوقت نفسه واصلت فرق الانقاذ انتشال اجزاء الطائرة والحقائب والملابس من الماء وتمكنت من انتشال جميع جثث ركاب وافراد طاقم الطائرة من مياه الخليج الهادئة الليلة ما قبل الماضية، كما عثرت على الصندوقين الاسودين اللذين يحتويان على بيانات الرحلة والتسجيلات الصوتية لكابينة القيادة.

واظهرت قائمة باسماء الذين لقوا حتفهم نشرتها «طيران الخليج» وجود عدد كبير يحمل اسم نفس العائلة. وتحدثت عدة تقارير اعلامية عن اسر بكاملها قضت نحبها. وفي غزة قال اقارب ان عائلة واحدة مؤلفة من تسعة فلسطينيين كانت من بين القتلى وان من بينهم سبعة اطفال تتراوح اعمارهم بين عشرة اشهر و15 عاما. وقالت طيران الخليج ان 30 من القتلى اطفال دون الثانية عشرة.

وتعود الى القاهرة صباح اليوم قادمة من المنامة الطائرة التي تقل جثث الضحايا المصريين الذين لقوا حتفهم في الحادث. ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط عن مصدر مسؤول بطيران الخليج في مطار القاهرة أنه تم تأجيل عودة الجثث واسر الضحايا من مساء أمس الى صباح اليوم بناء على طلب اهالي الضحايا حتى يتم دفن ذويهم في ضوء النهار.

وأضاف المصدر ان هناك تعاونا كبيرا بين السلطات المصرية والبحرينية للتسهيل على اهالي الضحايا. وسيتم خلال الايام المقبلة تخصيص مكتب لاستقبال الاسر لمساعدتهم في الحصول على الاوراق اللازمة لصرف التعويضات المستحقة لهم بموجب قوانين الطيران العالمية.

واوضح ان حركة السفر على رحلات الشركة بين المنامة والقاهرة والعكس لم تتأثر بسبب الحادث وان نسبة الالغاء تأتي في الاطار الطبيعي الذي يتوقع حدوثه في الظروف العادية.

وأكد ابراهيم الحمر وكيل وزارة المواصلات لشؤون الطيران المدني البحريني وجود تنسيق بين بلاده ومصر ازاء كارثة الطائرة. وقال في تصريحات ان عملية التعرف على جثث الضحايا وتسليمها تسير على قدم وساق، مشيرا الى أن بعض الجثث مشوهة والتعرف عليها سيستغرق بعض الوقت.

وأكد أن السلطات البحرينية تبذل جميع جهودها للانتهاء من هذه العملية في أسرع وقت ممكن، وقال انه تتم الآن عملية انتشال حطام الطائرة وتجميعه. وأوضح أن لجنة التحقيق ستبدأ عملها على الفور لبحث ملابسات الحادث، مشيرا الى أن لجنة التحقيق تضم أطرافا دولية من بينها المجلس الوطني لسلامة الطيران في الولايات المتحدة الذي سيأخذ على عاتقه عملية التحقيق للحصول على جميع المعلومات المطلوبة والتي تكشف عن أسباب الحادث. من ناحية اخرى استبعد الشيخ علي بن خليفة آل خليفة وزير المواصلات البحريني أن يكون الحادث ناجما عن عمل تخريبي. وقال ان الامور كانت تسير بشكل طبيعي للغاية وان قائد الطائرة لم يبعث برسالة استغاثة، غير أنه أوضح أن التحقيقات لا تزال في مراحلها الاولى، فيما تمكنت فرق البحث والانقاذ من انتشال حوالي ثلثي حطام الطائرة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ««الشرق الأوسط»