الإصلاحيون في إيران يتهمون المحافظين بإثارة الاضطرابات في خرم آباد

مسؤول طلابي لـ «الشرق الأوسط»: ممثل خامنئي ومسؤولو الأمن والحرس وقفوا وراء الهجوم على الطلاب

TT

اتهم مسؤول في اكبر اتحاد طلابي في ايران مساعدا لمرشد الثورة الايراني علي خامنئي بالتحريض على اثارة الاشتباكات العنيفة في مخيم للطلبة في مدينة خرم آباد (جنوب غرب) اول من امس مما اسفر عن مقتل شرطي واصابة 40 آخرين بجروح واحداث اضرار في مبان عامة.

جاء ذلك في سياق المعلومات التي ادلى بها لـ «الشرق الأوسط» امس هذا المسؤول في «مكتب تعزيز الوحدة» الطلابي المؤيد للرئيس الايراني محمد خاتمي والتيار الاصلاحي المتحالف معه. وقال المسؤول الذي كان يتحدث عبر الهاتف ان ممثل خامنئي في خرم اباد وإمام صلاة الجمعة فيها، وهو من المحافظين، لعب دورا كبيرا في التحريض على الاحداث التي قادت الى تلك الاشتباكات في مركز محافظة لرستان.

واكد علي تاجرينا، نائب مدينة مشهد في البرلمان الايراني وعضو لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية فيه، وهو احد مسؤولي «مكتب تعزيز الوحدة» انه سيتقدم بطلب خلال هذا الاسبوع الى الهيئة الرئاسية للبرلمان للتحقيق في الحوادث التي وقعت في المخيم الطلابي السنوي للمكتب في خرم اباد. واوضح المسؤول ان المواجهات التي وقعت دارت بين «انصار حزب الله» المتشددين والمدعومين من قبل قوات الحرس الثوري وبعض وحدات البسيج وقوات الامن من جهة والطلبة ومسؤولي المدينة ومعظمهم من انصار التيار الاصلاحي من جهة اخرى.

واشار المصدر الى ان عددا من الشخصيات الاصلاحية بينهم نواب في البرلمان ومسؤولون كبار حضروا هذا العام بدعوة من مكتب تعزيز الوحدة، الى المخيم الطلابي حيث القوا محاضرات وخطبا حول اوضاع البلاد ومسيرة الاصلاحات ويوم الخميس الماضي بينما كان الطلبة ينتظرون وصول المفكر والكاتب الاصلاحي البارز الدكتور عبد الكريم سروش، والعالم الديني البارز حجة الاسلام الدكتور محسن كديور الذي خرج من السجن اخيرا بعد ان امضى فيه 18 شهرا بسبب آرائه الجريئة حيال قضية «ولاية الفقيه» وصل الى المخيم خبر بأن مجموعة من «انصار حزب الله» تدعمها عناصر من الحرس الثوري والامن طوقوا مطار خرم اباد ومنعوا خروج سروش وكديور متهمين اياهما بالتآمر ضد الولي الفقيه المرشد خامنئي والاسلام.

واضاف المصدر ان محاولات محافظ خرم اباد ومساعده السياسي محمد رضائي، وهو من معوقي الحرب، لتفريق المتظاهرين ونقل ضيفي الطلبة الى المخيم الطلابي لم تتكلل بالنجاح بعد تدخل ممثل خامنئي وإمام صلاة الجمعة وتهديده باعلان الحرب على المحافظ ورجاله وطرد الطلبة من المخيم بقوة. ورغم ان سروش وكديور عادا الى طهران، مكتفيين بتوجيه خطاب مكتوب الى المخيم فان اجواء التوتر استمرت في المدينة بعد ان هاجم انصار حزب الله ابواب المخيم وقاعة الاجتماعات في جامعة خرم آباد حيث كان الطلبة يستمعون الى خطاب محسن آرمين النائب الاصلاحي في البرلمان.

وقال المصدر ان الالاف من اهالي المدينة توجههوا الى مكان المخيم بالقرب من جامعة خرم اباد يوم السبت للتصدي لانصار حزب الله والاطراف الداعمة لهم. ويوم الاحد (اول من امس) وبعد لقاء بين محافظ لرستان وقادة مكتب تعزيز الوحدة ومكالمات تلقاها مسؤولو المخيم من وزير الداخلية ومكتب رئيس الجمهورية، تم الاتفاق على ان ينهي الطلبة فترة المخيم في وقت مبكر ليلة الاحد، بدلا من يوم الاربعاء المقبل، الا ان «المشاغبين من انصار حزب الله الذين كانوا جميعا من خارج مدينة خرم آباد وجرى نقلهم الى المدينة فجر الخميس الماضي من قبل الحرس الثوري، واصلوا تظاهراتهم مساء الاحد مرددين شعارات ضد المحافظ ومساعده الذي سبق ان تعرض لضرب شديد اسفر عن نقله الى المستشفى. كما ان انصار حزب الله هتفوا ضد الرئيس خاتمي ووزير الداخلية ومساعده ووزير الارشاد». وعلمت «الشرق الأوسط» ان مجلس الامن في محافظة لرستان عقد اجتماعا طارئا مساء الاحد تقرر خلاله نشر قوات الشرطة والجندرمة في المدينة للتصدي لانصار حزب الله الذين بدأوا عند حلول الليل بنهب المحلات التجارية ورشق السيارات واحراق المباني الحكومية والمكتبات واكشاك الصحف.

ووفقا لبيان اصدرته وزارة الداخلية، فان احد رجال الامن قتل في المواجهات التي وقعت مع عناصر الشغب في مدينة خرم آباد. واضاف البيان ان عناصر الشغب قامت ايضا بجرح عدد من المواطنين وعناصر من قوى الامن الداخلي والحقت اضرارا ببعض البنوك وكشك تابع للبلدية وعدد من المحال التجارية. واستنادا الى المدير العام للشؤون السياسية في محافظة لرستان فان هذه الاحداث قامت بها عناصر مشاغبة وانتهازية لاثارة الفوضى والاضطرابات في المدينة، نافيا بذلك تورط الطلبة او اي تنظيم سياسي مثل حزب «جبهة المشاركة» الاصلاحي في المواجهات.

وفي طهران عقد مجلس الوزراء اجتماعا برئاسة الرئيس خاتمي لدراسة احداث خرم اباد وسوء التفاهم الذي سببته تصريحات منسوبة الى وزير الامن علي يونسي ونشرتها صحيفة «كيهان» اليمينية المناهضة لخاتمي والاصلاحيين حول اداء وزير الارشاد عطاء الله مهاجراني وسياساته.

وزعمت «كيهان» في مانشيتها الرئيسي يوم السبت بان وزير الامن قال في مخيم للطلبة من عناصر «البسيج» انه طالب خاتمي باقالة مهاجراني مرارا، وان يونسي هاجم الصحف الاصلاحية ودافع عن اعتقال الكتاب والصحافيين الاصلاحيين. وعلمت «الشرق الأوسط» بان الرئيس خاتمي اعتبر هذه التصريحات مسيئة للوزير شخصيا الى جانب ما تتضمنه من اهانة لشخصية مهاجراني الذي يحظى بثقته.

وبناء على معلومات مصادر «الشرق الأوسط» في العاصمة الايرانية فان يونسي تراجع عن اقواله واكد على ان صحيفة «كيهان» نشرت تصريحاته بصورة غير دقيقة. كما ان وزارة الامن اصدرت بيانا كذبت فيه ما نشرته «كيهان».

وحول قرارات مجلس الوزراء علمت «الشرق الأوسط» ان خاتمي اعتبر ما جرى في خرم اباد جزءا من المخطط الذي يهدف الى اثارة التوترات كلما اتجه الى الخارج، ومن المقرر ان يسافر خاتمي في مستهل الاسبوع المقبل الى نيويورك حيث سيحضر اجتماعات الجمعية العامة الى جانب اجتماع خاص لانطلاق مشروع الحوار بين الحضارات والذي قدمه خاتمي الى الامم المتحدة قبل عامين، وقررت الامم المتحدة تسمية العام 2001 الميلادي عام الحوار بين الحضارات. كما من المقرر ان يلتقي خاتمي في نيويورك كلا من الرئيس المصري حسني مبارك والجزائري عبد العزيز بوتفليقة، المتوقع حضورهما هذا العام في اجتماعات الجمعية العامة.

وقرر مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة عقب احداث خرم اباد، ملاحقة مرتكبي احداث الشغب من انصار حزب الله وحماتهم. كما ابدى الوزراء تأييدهم ودعمهم لمهاجراني الذي صعدت الجبهة المناهضة للاصلاحات حملاتها ضده في الايام الاخيرة وخاصة بعد ان اصدرت وزارة الارشاد تعليمات الى كافة المطابع لاعلان الاعداد المطبوعة لجميع الصحف يوميا. ووفقا لمصدر في الوزارة فإن القانون صريح في هذا الصدد اذ يطالب الصحف باعلان ارقام توزيعها يوميا. وبينما تلتزم الصحف الاصلاحية مثل «همشهري» و«ايران» و«حيات نو» بهذا القانون تتجاهل الصحف المحافظة «كيهان» و«رسالت» و«جمهوري اسلامي» و«طهران تايمز» القانون بسبب تدني مستوى توزيعها. والمقرر ان تتعامل وزارة الارشاد منذ الان في توزيع الاعلانات الحكومية على اساس حجم توزيع كل صحيفة لتمنح الصحف التي تطبع وتوزع أكبر عدد من النسخ ستحظى بعدد اكبر من الاعلانات وبدعم مالي اعلى.

الى ذلك فان حزب «جبهة المشاركة» وهو الحزب الرئيسي المساند لخاتمي والذي يحظى بأغلبية في البرلمان اتهم في بيان اصدره بمناسبة احداث خرم آباد، «مافيا السلطة» بافتعال الازمة الاخيرة، واشار الى ان العناصر المكشوفة الهوية قامت بالتجمع في مطار خرم اباد ومنعت الدكتور سروش والدكتور كديور من المشاركة في الاجتماع السنوي للطلبة، كما قامت هذه العناصر بضرب الطلبة والاعتداء على الاهالي. وحمل البيان «مافيا السلطة» مسؤولية الوقوف وراء الاحداث الاخيرة.