السلطة الفلسطينية: لماذا يسكت العالم على الإرهاب الإسرائيلي في عصيرة الشمالية؟

إسرائيليون يطالبون بلجنة تحقيق من خارج الجيش حول العملية الفاشلة

TT

غزة: صالح النعامي وعبد الله عيسى في الوقت الذي يؤكد فيه الفلسطينيون انهم لن يسلموا قائد الجناح العسكري في حركة «حماس»، محمد ابو هنود، لاسرائيل ويصرون على محاكمته كمواطن فلسطيني، وتنشغل به اسرائيل بعد الفشل الذريع للعملية العسكرية في عصيرة الشمالية، تطالب القيادة الفلسطينية دول العالم «التي تمتدح حكومة ايهود باراك على توجهاتها السلمية ان تتخذ موقفاً موضوعياً نزيهاً من هذا العدوان وتعطي رأيها في الجريمة التي رافقته».

وقال وزير المنظمات الأهلية في السلطة الفلسطينية حسن عصفور امس، «ان سكوت العالم إزاء هذه الجريمة مستهجن جداً. فالحكومة الاسرائيلية تصرفت هنا بعقلية الاحتلال المجرم، الذي بحجة مكافحة الارهاب الزائفة، يسمح لنفسه باحتلال قرية واغراقها بالدماء وبهدم احدى عماراتها عن بكرة ابيها، في الوقت الذي كان بامكانها ان تحقن هذه الدماء وتوفر هذا الدمار بالتوجه الى السلطة الفلسطينية وابلاغها بوجود ابو هنود (مسؤول كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس) لاعتقاله». وتساءل: «أين هو المنطق السلمي في هذه العملية الاجرامية؟! ولماذا يواصلون السكوت على هذه الممارسات؟! هل كانوا سيتصرفون بهذه الطريقة لو ان فلسطينيا فردا، وليس من السلطة الوطنية، فعل مثل هذا الامر مع مستوطنة قائمة على ارضنا المحتلة؟! والى متى يظل الارهاب الاسرائيلي الرسمي، شرعيا في نظر الاميركيين وحلفائهم»؟! وكان جميع الناطقين الفلسطينيين قد اكدوا ان السلطة الفلسطينية لن تسلم ابو هنود لاسرائيل، في اي حال من الأحوال.. «اولا وقبل كل شيء كنوع من الاحتجاج على العدوان الاجرامي».

اما في اسرائيل، وكما كان متوقعاً، فقد انفجر النقاش حول قرار رئيس اركان الجيش، شاؤول موفاز، تشكيل لجنة تحقيق داخلية برئاسة الجنرال شاي افيطال، لفحص اسباب فشل القوات العسكرية الكبيرة في اعتقال ابو هنود رغم فرض عدة اطواق حول مخبئه وفي اسباب قيام الجنود الاسرائيليين باطلاق الرصاص على بعضهم البعض مما أدى الى قتل 3 منهم واصابة رابع بجراح خطيرة.

ويقود الحملة لحل هذه اللجنة واجراء تحقيق خارجي من جهة غير عسكرية، مجموعة من اهالي الجنود الذين كانوا قد قتلوا في «حوادث عمل» (خلال مناورات او بسقوط طائرات عسكرية او من رصاصات طائشة داخل المعسكرات، وهناك اكثر من 100 جندي من هذا النوع). ويرى هؤلاء ان الجيش لا يمكن ان يكون نزيها في التحقيق مع نفسه «وسيقزمون المشكلة بالتأكيد وسيتهرب القادة من تحمل المسؤولية عن الاخطاء والاهمال، فيما ستُحمل المسؤولية الى الصغار من الضباط والقادة، تماماً كما حصل في حوادث سابقة.. ما زال القادة المسؤولون عنها يعملون في قيادة الجيش ويتولون مهمات كبرى».

وما زال هذا النقاش، حتى الآن، في المستوى الشعبي، اذ ان السياسيين لا يتكلمون الا بعد دفن الموتى. ولكن من الواضح ان النقاش سيحتدم. وبدأت ترتفع اصوات تطالب بحل وحدة «دوفد ذقان» (كرز)، بسبب هذا الفشل الفاحش، خصوصاً ان اسمها ارتبط بالعديد من الاعمال الفاشلة.

يذكر ان هذه الوحدة انشئت سنة 1987، مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية. واختير لها عدد من المقاتلين من الوحدات المختارة، من ذوي السحنة الشرقية. ودُربوا على العراك الشخصي، السلمي (جودو، كاراتيه) والسلاح الابيض وتعلموا اللغة العربية باللهجات العامية الفلسطينية، مع اسرار الفوارق في اللهجات بين منطقة واخرى. ويتركز عملهم بالأساس بارتداء اللباس العربي والانخراط بين المواطنين الفلسطينيين بهدف جمع المعلومات او تنفيذ اعتقالات او حتى القيام باغتيالات. ولهذا، عرفوا بالمستعربين.

ومن بين اعمال هذه الوحدة التي جوبهت بانتقادات في اسرائيل، قيامها بقتل احد افراد الجيش الاسرائيلي ايلي عايشا، لاعتقاد جنودها بأنه فدائي فلسطيني. وتكرر ذلك سنة 1994 حين قتل اسرائيلي آخر بأيديهم، هو اريه خوري. ولكن الوحدة قتلت العديد المواطنين الفلسطينيين ايضا، من دون محاكمة، آخرهم مختار قرية سرده قرب رام الله في الضفة الغربية (عمره 74 عاماً) قبل اسبوعين وهو فوق سطح بيته.

وخرج قادة الجيش، أمس، بعملية دفاع محمومة عن هذه الوحدة. وقال قائد قوات الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية، العقيد شلومو اورن، انها ما زالت ضرورية وحيوية في خدمة مصالح الجيش واهدافه. وقال: «العمليات الناجحة التي قامت بها هذه الوحدة تعد بالمئات. ولكن، لأسباب امنية، لا نستطيع ان نكشف عن جوهرها».

الى ذلك اعلنت قوات الاحتلال، امس، انها تواصل العمليات في البحث عن رفاق ابو هنود في كتائب عز الدين القسام الذين ساعدوه خلال تنقلاته وانخرطوا في عدة خلايا تخطط لتنفيذ عمليات انتحارية وغيرها داخل اسرائيل. وفي هذا الاطار اعتقلت 4 شبان من قرية عصيرة الشمالية التي شهدت الاشتباك المسلح مساء السبت الماضي، ويقوم الشاباك (المخابرات العامة في اسرائيل) بالتحقيق معهم حول هذا النشاط.