محمد السادس: السلام الحقيقي والعادل في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا باحترام الشرعية الدولية لمدينة القدس

عرفات يؤكد أن المدينة المقدسة هي مفتاح السلام والحرب في المنطقة

TT

«الشرق الأوسط» والوكالات قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس إن السلام الحقيقي والعادل في منطقة الشرق الاوسط لن يتحقق الا باحترام الشرعية الدولية والأسس القانونية التي التزم بها المجتمع الدولي بخصوص مدينة القدس المحتلة.

وحث الملك محمد السادس في الخطاب الذي القاه في الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة عشرة للجنة القدس امس في أغادير على ضرورة العمل بروح المسؤولية والتضامن والاجماع لتقييم الاوضاع الراهنة والمستجدات الطارئة واتخاذ توصيات صائبة يكون لها تأثيرها الايجابي على مسار المفاوضات النهائية خاصة ما يتعلق بقضية القدس، مؤكدا أن الاجيال الحاضرة تتطلع بأمل كبير الى أن يعم السلام هذه المنطقة ويبدأ عهد جديد قوامه التعايش والوئام.

ووصف العاهل المغربي الظروف التي تعقد فيها الدورة الحالية بكونها «بالغة الدقة تستوجب منا كامل الاهتمام والتبصر وبعد النظر لنكون في مستوى المسؤولية والامانة التي نتحملها جميعا في اطار هذه اللجنة التي دافعت منذ تأسيسها عن القضية العادلة للقدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين».

وأشاد العاهل المغربي بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي قال عنه انه يتحلى بـ «الايمان والاستماتة من أجل تحقيق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في اقامة دولته المستقلة».

وذكر الملك محمد السادس بدور والده الراحل الملك الحسن الثاني «الذي كانت قضية القدس الشريف تشغل وجدانه وتفكيره على الدوام موليا اياها كامل عنايته واهتمامه كما أنها حظيت بمكانة خاصة في اتصالاته ومبادراته الحكيمة من أجل الوصول الى حل عادل وشامل ودائم لمشكلة الشرق الاوسط» لأنه «كان رحمة الله عليه مؤمنا ومجاهدا ومدافعا مستميتا عن عدالة قضية القدس الشريف».

وتعهد محمد السادس بمواصلة الدفاع عن الحقوق المشروعة للامة الاسلامية عامة وللشعب الفلسطيني خاصة في القدس الشريف وجعل هذه المهمة في «طليعة القضايا التي تصدرت لقاءاتنا ومباحثاتنا مع العديد من رؤساء الدول الشقيقة والصديقة»، مؤكدا ان المغرب سيبقى على ما هو معهود فيه وفيا لخيار السلام مخلصا في انتهاجه ايمانا منه بأن السلام المنصف هو الذي يجب أن يسود بين شعوب المنطقة.

وقال العاهل المغربي إنه «لعلى يقين من أن الرئيس بيل كلينتون عازم على وضع كل ثقله لمواصلة مساعدة الاطراف المعنية على الوصول الى اتفاق شامل ينهي سنوات مريرة من الصراع والمآسي».

وأوضح انه بالرغم من «ان قمة كامب ديفيد لم تتوصل الى النتائج المرجوة الا أنها قطعت أشواطا مهمة على طريق الوصول الى تفاهم بين الطرفين حول كل قضايا الوضع النهائي الذي وضعت أسسه في أوسلو وتوقفت بسبب ماطرح فيها من أفكار واقتراحات كان جانب منها يهم مسألة القدس. فهذه التطورات استلزمت ان ندعوكم الى هذا الاجتماع المبارك قصد التشاور وتبادل الرأي حول هذا الموضوع الهام».

ودعا العاهل المغربي اعضاء اللجنة الى العمل «بروح المسؤولية والتضامن والاجماع لتقييم الاوضاع الراهنة والمستجدات الطارئة واتخاذ توصيات صائبة يكون لها تأثيرها الايجابي على مسار المفاوضات النهائية وخاصة ما يتعلق منها بقضية القدس الشريف التي تعتبر قضية المسلمين جميعا في مختلف انحاء العالم والذين يتطلعون الى تحريرها لتكون عاصمة للدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة».

واكد الملك محمد السادس ان السلام الحقيقي والعادل في منطقة الشرق الاوسط لن يتحقق «الا باحترام الشرعية الدولية والاسس القانونية التي التزم بها المجتمع الدولي بخصوص هذه المدينة المقدسة المحتلة».

وناشد كل المعنيين بالسلام والعاملين من أجل استتبابه النظر الى «الاجيال الحاضرة التي تتطلع بأمل كبير ليعم السلام في هذه المنطقة الحساسة من العالم ويبدأ عهد جديد قوامه التعايش والوئام مرتكزا على الثقة والعمل المشترك من اجل بناء واقع جديد يمكن الاجيال المقبلة من العيش في استقرار وامن ورخاء. وهذا الطموح يتطلب بعد نظر وشجاعة سياسية ويلقي على عاتق الجميع مسؤولية جسيمة».

ومن جهته، اكد رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات امس في كلمته ان «القدس هي مفتاح السلام والحرب» في منطقة الشرق الاوسط. واضاف عرفات ان لمسألة القدس الشرقية «ابعادا روحية اسلامية ومسيحية استثنائية».

ودعا عرفات الدول الاسلامية الى الدفاع عن القدس الشرقية وتحريرها من الاحتلال الاسرائيلي.

وقال عرفات ان «القدس في خطر» مناشدا اللجنة «اتخاذ موقف واضح يقول للعالم ان القدس الشرقية محتلة منذ العام 1967 وهي العاصمة الابدية لدولة فلسطين المستقلة».

وتابع ان «الجهود السلمية التي بذلناها اصطدمت في قمة كامب ديفيد برفض اسرائيل للاسس التي قامت عليها عملية السلام».

واكد رفض السيادة الاسرائيلية على القدس الشرقية. وقال في هذا الصدد «نرفض اي سيادة على القدس باستثناء السيادة الفلسطينية العربية، اسلامية ومسيحية».

الى ذلك، اجتمع الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي امس على هامش اجتماعات لجنة القدس مع فاروق الشرع وزير الخارجية السوري. وقالت وكالة الانباء القطرية ان مباحثاتهما تركزت على جدول اعمال الدورة 18 للجنة القدس. واضافت الوكالة انه بعد ذلك عقد لقاء ثلاثي جمع كلا من الامير سعود الفيصل والوزير الشرع وعبد اللاه الخطيب وزير خارجية الاردن.

وعقد الامير سعود الفيصل امس ايضا جلسة عمل مع وزير الخارجية الايراني كمال خرازي خصصت لتبادل الرأي حول الموضوعات المطروحة امام الدورة 18 للجنة القدس.

وكان خرازي اخر الواصلين الى اغادير، اذ وصل امس مرفوقا بوفد يضم محمد كاظم الخزوني رئيس مجلس المستشارين في ايران. يذكر ان ايران ترأس الدورة الحالية لمنظمة المؤتمر الاسلامي وذلك منذ انعقاد مؤتمر القمة الاسلامية في طهران عام 1997.

وفي السياق نفسه، اعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية امس ان اسرائيل تأمل ان يكون اجتماع لجنة القدس «بناء» ويعبر عن رغبة العالم العربي في تحقيق السلام.

وقال نوعام كاتز لوكالة الصحافة الفرنسية «نأمل ان تعبر دول عربية عديدة في هذه المناسبة عن رغبتها في السلام وان تكون اعمال لجنة القدس بناءة لعملية السلام».

وتكمن المهمة الرئيسية للجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الاسلامي في العمل من اجل تحرير المدينة والمحافظة على تراثها العربي الاسلامي في مواجهة محاولات التهويد الاسرائيلية.

وتنعقد الدورة الثامنة عشرة للجنة القدس في وقت تبذل فيه مصر والولايات المتحدة جهودا دبلوماسية مكثفة للتوصل الى ايجاد ارضية تسمح بمعاودة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية التي تعثرت في يوليو( تموز) الماضي اثناء قمة كامب ديفيد حول مسألة القدس الحساسة.

يذكر ان اللجنة المكلفة صياغة البيان الختامي للدورة 18 للجنة القدس تتكون من مندوبين عن السعودية وسورية والمغرب ومصر وفلسطين والسنغال والاردن وايران.