جماعة «أبو سياف» أسسها أستاذ جامعي أفغاني والمخابرات الأميركية والباكستانية دربت مقاتليها

TT

مثلها مثل اغلب المنظمات الاصولية المسلحة، فان نشأة جماعة «أبو سياف» الاصولية الفلبينية تعود الى الحرب الافغانية التي اندلعت بين عامي 1979 و1980 لطرد الجيش السوفياتي من افغانستان.

وكانت «أبو سياف» هي المنظمة السابعة، والاخيرة ايضا، من المنظمات الافغانية الرئيسية التي ظهرت في المراحل الاخيرة من الحرب، أي قبل ثلاث سنوات فقط من الانسحاب الروسي.

وأسست «أبو سياف» عام 1986 بواسطة استاذ جامعي افغاني يدعى عبد الرسول أبو سياف.

وما يزال بعض الاصوليين الافغان الاصليين، وابنائهم واحفادهم، ومن تم تدريبهم على ايديهم، يمارسون نشاطاتهم العسكرية منذ الثمانينات في رقعة تمتد من مصر الى الفلبين ومن الجزائر حتى نيويورك.

ومنذ انسحاب السوفيات من افغانستان عام 1989، وجدت «الادارة العامة للمخابرات الباكستانية»، الشريكة المعروفة لنظيرتها الاميركية «السي آي ايه»، نفسها عاجزة عن ممارسة اي نوع من التحكم في المجموعات الافغانية المتحاربة.

ومع ان ادارة المخابرات الباكستانية ظلت تواصل تدريب وإعداد بعض المجموعات لتصعيد الحرب ضد الهند من اقليمي كشمير والبنجاب، الا ان «أبو سياف» انشأت «جامعة عسكرية» خاصة بها شمال مدينة بيشاور، لتدريب المقاتلين الاصوليين وفق الاساليب الخاصة بـ«السي آي ايه» وادارة المخابرات الباكستانية.

ويقول كبار مسؤولي الشرطة الباكستانيين ان شرطتهم دربت عناصر اصولية من الفلبين والشرق الأوسط وشمال افريقيا ونيويورك. ويعترف احد كبار المسؤولين الباكستانيين ان 200 الف من المتطوعين تم تدريبهم بـ«جامعة» بيشاور. لكن بعد نهاية حرب 1979 ـ 1989، صار «الخريجون» يبحثون عن حروب جديدة يقاتلون فيها.

هنا انتقلت «أبو سياف» بعملياتها الى الفلبين، للالتحاق بالحرب الطويلة التي ظلت مشتعلة من أجل انشاء دولة اسلامية مستقلة في الجزر الجنوبية، وكان من بين قادتها اخوان يدعيان «القذافي أبو رزق» و«القذافي جنجلاني»، مما يوضح اعجاب والدهما بالزعيم الليبي معمر القذافي.

اما المحاربون الافغان الاخرون فقد انتهى بهم المطاف الى اشعال الحروب في باكستان نفسها، وفي الهند والسودان ومصر والجزائر والبوسنة وكوسوفو والبانيا. وكان هدفهم المعلن هو اقامة دول اصولية في كل انحاء العالم.

ويقال ان رمزي احمد يوسف، الذي صدر بحقه حكم اميركي بالسجن المؤبد لتفجير مبنى التجارة الدولي بنيويورك عام 1993، كان من ضمن طلاب «جامعة» «أبو سياف».

الخريجون الخطرون وانكشفت علاقات يوسف بجماعة «أبو سياف» عام 1994، ففي 11 ديسمبر (كانون الاول) انفجرت قنبلة في احدى طائرات الخطوط الجوية الفلبينية، اثناء رحلتها من مانيلا الى طوكيو، وقتلت احد المسافرين وجرحت ستة آخرين.

واعلنت «أبو سياف» مسؤوليتها عن الحادث، من خلال محادثة تليفونية. واكتشف مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي (اف بي اي) و«السي آي ايه»، والمحققون الفلبينيون ان يوسف هو المخطط الرئيسي لهذه العملية، ولاحدى عشرة غيرها من العمليات الفاشلة لتفجير 11 طائرة اخرى، كلها اميركية فوق المحيط الهادئ، وفي نفس اليوم.

وبعد عملية التفجير بقليل، قامت سلطات الامن الفلبينية بمداهمة شقة يستخدمها يوسف، وعثرت على أدلة قوية تشير الى مخطط لقتل البابا يوحنا بولس الثاني اثناء زيارته في يناير (كانون الثاني) عام 1990. وبعد مطاردة عالمية واسعة تم القبض على يوسف في احد المنازل السرية التابعة لاسامة بن لادن باسلام اباد بباكستان. وتم ترحيله الى الولايات المتحدة حيث صدر ضده حكم بالسجن المؤبد من المحكمة الفيدرالية بنيويورك.

تاريخ دموي وبدأت «أبو سياف» حربها الفلبينية عام 1990، وكانت تعمل في اطار جبهة مورو الاسلامية للتحرير، وكانت من اكبر واقوى المنظمات الاسلامية الفلبينية في توجهاتها السياسية. ثم صارت تعمل باستقلال، شاقة طريقها بعمليات الخطف والتفجير واشعال الحرائق والنهب والقتل، مجتاحة الاقاليم الجنوبية لهذه الدولة الباسيفيكية.

وكان من ضمن ضحاياها مالكون مسيحيون للاراضي، وقساوسة ورجال اعمال اغنياء جدا فضلا عن ضباط الامن.

وبدأت عمليات الاختطاف الحالية من قبل المنظمة في ابريل (نيسان) الماضي باختطاف 21 سائحا من منتجع ماليزي للغطس باحدى الجزر. واعترفت حكومة الرئيس الفلبيني جوزيف استرادا بان بعض الاجانب، بمن في ذلك مجلة «دير شبيجل» الالمانية التي اختطف مراسلها بواسطة جماعة «أبو سياف» قد دفعوا 5.5 مليون دولار، على الاقل، لهذه المجموعة فدية.

ومن الطبيعي ان جماعة «أبو سياف» صارت تستخدم اموالها المتراكمة في تخزين الاسلحة والمؤن والذخائر، من كل الانواع، فضلا عن تجنيد اعضاء جدد للمنظمة.

واثناء الوساطة الليبية الاخيرة، دفع مبلغ 25 مليون دولار من قبل «الجمعية الخيرية» لنجل القذافي، في شكل «اعانات تنموية»، فضلا عن فدية بلغت مليون دولار مقابل كل رهينة.

وتطالب «أبو سياف» التي ما تزال تحتجز الاميركي جيفري كريج شيلنج، الذي تتهمه بانه عميل لـ«السي آي ايه» ـ رغم النفي الاميركي ـ باطلاق سراح رمزي يوسف وعمر عبد الرحمن من السجون الاميركية مقابل حياة شيلنج.