دول مجلس التعاون تحذر الولايات المتحدة من نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس

المجلس الوزاري يتهم إسرائيل بالمماطلة ويحذر من تفجر الوضع

TT

عبرت أمس الدول الخليجية الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي عن قناعتها بأن التعثر والاخفاقات المتتالية في عملية السلام على كل المسارات العربية مع اسرائيل، مبعثها استمرار المواقف الاسرائيلية المتعنته، وعدم جديتها في الاستجابة لمتطلبات السلام. وحثت الدول الخليجية في ختام الدورة الـ76 لاعمال المجلس الوزاري الخليجي (وزراء الخارجية)، ايران على التعاون البناء مع جهود اللجنة الثلاثية المكلفة تهيئة ارضية صلبة لمباشرة التفاوض بين ايران والامارات العربية المتحدة حول نزاعهما على الجزر الثلاث المحتلة من قبل القوات الايرانية في مياه الخليج العربي. في الوقت الذي نظرت فيه الدول الخليجية بقلق بالغ الى ما تردد عن عزم أميركا نقل سفاراتها من تل ابيب إلى القدس المحتلة. وجدد المجلس مطالبته المجتمع الدولي العمل على جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، والضغط من أجل انضمام إسرائيل الى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية. واكد الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، دراسة دول التعاون لـ«ورقة قطر» المتضمنة افكارا تتعلق برفع المعاناة الانسانية عن الشعب العراقي، في الوقت الذي شن البيان الختامي للمجلس، انتقادات شديدة للتخبط العراقي في التعامل مع المبادرات العربية والدولية الهادفة الى رفع الحصار الاقتصادي عن العراق، محملا الحكومة مسؤولية ذلك. ورحب البيان الختامي بالمصالحة الصومالية التي تمت في مؤتمر عرتة، كما تناول البيان الاختتامي الترحيب بالاتفاقات الحدودية النهائية التي أبرمتها السعودية مع اليمن (اتفاقية جدة)، والكويت (المنطقة المغمورة). ورفع المجلس تهانيه الصادقة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة بنجاح العملية الجراحية التي اجريت له اخيرا، معبرا عن اسفه العميق لكارثة «طيران الخليج» مقدما احر التعازي لذوي الضحايا. وطبقا للبيان الختامي، فأنه تم استعراض نتائج اجتماعات عدد من اللجان الوزارية والفنية الهادفة الى تعزيز مسيرة التعاون المشترك في ما بين الدول الاعضاء في المجلس.

وقال البيان الذي تلاه جميل الحجيلان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي في اختتام اجتماع الدورة الـ76 «في الشأن الاقتصادي، اطلع المجلس الوزاري على نتائج الاجتماع التاسع للجنة التخطيط والتنمية، والاجتماع الثاني عشر للجنة التعاون الكهربائي والمائي، وما توصل اليه هذان الاجتماعان من توصيات من شأنها تعزيز مسيرة العمل المشترك في مجالات التخطيط والتنمية والتعاون الكهربائي والمائي بين دول المجلس». واوضح الحجيلان «في اطار تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول والمجموعات الاقتصادية، اطلع المجلس على تقرير بشأن التنسيق والتعاون الجاري بين دول المجلس والاتحاد الاوربي وأبدى ارتياحه لما تحقق فى هذا الاتجاه».

وفي مجال شؤون الانسان والبيئة «استعرض المجلس الوزاري بارتياح، نتائج اجتماعات عدد من اللجان الوزارية المعنية بتطوير مسيرة التعاون المشترك في مجالات العمالة والتركيبة السكانية، وتسهيل تنقل المواطنين في ما بين الدول الاعضاء وإجراءات التأكد من سلامة الاغذية، ومكافحة التدخين». و«اطلع المجلس الوزاري على مستجدات سير العمل في الشؤون العسكرية، وما توصلت اليه اللجان العسكرية المعنية بتطوير وتعزيز التعاون في هذا المجال».

وطبقا للبيان، فان الوزراء اطلعوا على ما توصلت اليه الهيئة الاستشارية للمجلس الاعلى بشأن المهمة الموكلة إليها من المجلس الاعلى في دورته العشرين، بتقويم مسيرة التعاون الاقتصادي بين دول المجلس، وتفعيل استراتيجية التنمية الشاملة لدول المجلس، وذلك تمهيدا لرفعها للمجلس الاعلى في دورته المقبلة.

وطبقا للحجيلان، ناقش المجلس الوزاري تطورات مسار تنفيذ العراق لقرارات مجلس الامن المتعلقة بنتائج عدوانه على دولة الكويت، وفي هذا الملف لاحظ المجلس، مُجددا ان العراق لا يزال مستمرا في مماطلته وتهربه من تنفيذ جوانب اساسية تضمنتها قرارات مجلس الامن ذات الصلة، وكرر المجلس الوزاري أسفه لاصرار النظام العراقي على تجاهل القرارات الشرعية الدولية، وتحدي ارادتها، ورفض المبادرات العربية والدولية الرامية الى ايجاد آلية مقبولة ومنهجية فعالة، لرفع الحظر الاقتصادي الدولي عن العراق وانهاء معاناة شعبه، ملاحظا قيام النظام العراقي مجددا بشن حملات اعلامية عدائية محمومة ضد دول المجلس.

وعبر المجلس الوزاري عن استنكاره الشديد وادانته لما جاء في خطاب النظام العراقي وعدد من كبار المسؤولين من تطاول على الكويت والسعودية. وقال البيان الختامي ان «مثل هذه التصريحات من قبل النظام العراقي لا تخدم استتباب الامن والاستقرار في المنطقة، وتؤكد على أن هذا النظام لا يريد أن يدرك الخطأ الذي ارتكبه أو أنه استوعب دروس الماضي».

وطالب المجلس الحكومة العراقية الكف عن هذه الحملات والتهديدات واثبات حسن نواياها قولا وعملا والامتناع عن القيام بأي عمل استفزازي، أو عدواني تجاه الكويت، والدول المجاورة التزاما بقرار مجلس الامن 949 والكف عن القيام بأي أعمال تخريبية من خلال عناصر تستهدف الاخلال بأمن واستقرار دولة الكويت، والاعتراف بأن غزوه لدولة الكويت هو خرق للمواثيق العربية والدولية. كما طالب المجلس مجددا الحكومة العراقية بالاسراع في التجاوب والتعاون مع قرار مجلس الامن رقم 1284 ولجنة الرصد والتحقق والتفتيش «انموفيك» التي أنشئت بموجبه واللجان الدولية الاخرى المعنية باطلاق سراح الاسرى والمرتهنين من مواطني دولة الكويت والسعودية، واعادة الممتلكات الكويتية، فيما جدد المجلس الوزاري ترحيبه بجميع القرارات والمبادرات التي من شأنها ان تسهم فى تخفيف المعاناة عن الشعب العراقي، التي يتحمل النظام العراقي كامل المسؤولية عن التسبب في احداثها واستمراريتها. وفي هذا الاطار تسلم المجلس الوزاري افكارا مكتوبة من دولة قطر تتعلق برفع المعاناة الانسانية عن الشعب العراقي، وعلى ضوء ذلك قرر المجلس دراستها، معربا ـ أي المجلس ـ عن امله في ان يبادر العراق دون ابطاء في اتخاذ خطوات عملية جادة، وصادقة، من شأنها ان تترجم بوضوح التزامه الجاد بالقرارات الدولية ومتطلبات الامن والاستقرار في المنطقة، وبما يبرهن على جدية النظام العراقي في التجاوب مع الجهود المبذولة عربيا ودوليا لتخفيف المعاناة عن الشعب العراقي العربي. وأكد المجلس مواقفه المعروفة والثابتة بشأن ضرورة الحفاظ على استقلال العراق ووحدة اراضيه وسلامته الاقليمية.

واستعرض المجلس الوزاري العلاقات مع ايران ومساعي اللجنة الثلاثية، مستذكرا الاسس والمرتكزات التي اقرها المجلس الاعلى والنهج الذي سارت عليه دول المجلس في علاقاتها مع ايران، القائم على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وعدم التدخل فى شؤون الآخرين ونبذ استخدام القوة أو التهديد بها وحل الخلافات بالطرق السلمية ومراعاة المصالح المشتركة. وتطلع المجلس الوزاري، الى ان تحقق اللجنة الثلاثية مساعيها الهادفة الى ايجاد آلية يتم بموجبها التفاوض المباشر بين دولة الامارات وايران، على خلفية النزاع حول الجزر الثلاث التابعة لدولة الامارات العربية المتحدة. معربا عن امله في تجاوب الحكومة الايرانية مع الهدف النبيل الذي شكلت اللجنة من اجله.

وجدد المجلس التعبير عن قناعته بأن التعثر، والاخفاقات المتتالية في المفاوضات بين الاطراف المعنية على المسارين السوري - الاسرائيلي والفلسطيني ـ الاسرائيلي مبعثها استمرار المواقف الاسرائيلية المتعنتة، وعدم جديتها في الاستجابة لمتطلبات السلام في الوقت الذي لا يزال الجانب العربي ملتزما بالسلام كخيار استراتيجي لا رجوع فيه. وفي هذا الاطار عبر المجلس الوزاري عن اسفه الشديد لعدم توصل الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي الى اتفاق في قمة كامب ديفيد الثانية التي عقدت مؤخرا. وفي هذا الصدد عبر المجلس الوزاري عن تقديره للجهود الكبيرة التي بذلها الرئيس كلينتون وادارته. مجددا مطالبته، راعيي عملية السلام، الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، وكذلك الاتحاد الاوروبي ودوله الاعضاء والمجتمع الدولي كافة، التحرك الفعال وبذل المزيد من الجهود بالضغط على الجانب الاسرائيلي، الى اعادة الحقوق العربية المشروعة الى اصحابها، تنفيذا لقرارات الشرعية الدولية ووفقا لقراري مجلس الامن 242 و338 ومبدأ الارض مقابل السلام.

كما جدد تأييده الكامل لموقف دولة فلسطين الرافض لاي محاولات من جانب الحكومة الاسرائيلية لتغيير التركيبة السكانية والجغرافية واعتبار ذلك انتهاكا لاحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. كما اكد على ان السلام الشامل لن يتحقق الا بالانسحاب الاسرائيلي الكامل من مرتفعات الجولان السورية العربية المحتلة الى خط الحدود القائمة في الرابع من يونيو (حزيران) 1976. وفي هذا الاطار «نظر المجلس الوزاري بقلق بالغ حول ما تردد عن عزم الولايات المتحدة بنقل سفارتها من تل أبيب الى القدس المحتلة واعتبار ذلك مخالفا لجميع القوانين وقرارات الشرعية الدولية، واكد على ان خطوة كهذه ستكون لها نتائج سلبية عميقة الاثر في العالم العربي والاسلامي وبما يؤدي الى الاضرار بجهود عملية السلام ووضع العقبات في طريق محاولات استمرارها».

وجدد المجلس الوزاري مطالبته المجتمع الدولي العمل على جعل منطقة الشرق الاوسط بما فيها منطقة الخليج خالية من جميع انواع اسلحة الدمار الشامل بما فيها الاسلحة النووية. واكد مجددا على ضرورة انضمام اسرائيل الى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية واخضاع جميع منشآتها النووية لنظام التفتيش الدولي التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتابع المجلس الوزاري باهتمام بالغ تطورات الوضع في الصومال وما اسفر عنه مؤتمر المصالحة في مدينة عرتة في جمهورية جيبوتي من نتائج، حيث توصل الى تشكيل المؤسسات الصومالية الانتقالية. ورحب المجلس بتوصل المؤتمر الى مرحلته النهائية بانتخاب الجمعية الانتقالية والمجلس التشريعي ورئيس الجمعية الوطنية الصومالية ونوابه وانتخاب رئيسا للجمهورية آملا انضمام بقية الفصائل الصومالية التي لم تشارك في هذا المؤتمر وذلك تعزيزا لوفاق وطني يحقق وحدة الصومال واستقراره.

واعرب المجلس عن تقديره العميق للجهود المبذولة وعلى الاخص جهود الرئيس الجيبوتي اسماعيل جيلي، نحو تحقيق وفاق وطني شامل لعودة الامن والاستقرار الى الصومال لممارسة دوره العربي والاسلامي والدولي.

واتخذ المجلس قرارا بعقد الدورة التحضيرية للمجلس الوزاري في دولة البحرين يومي 7 و8 من شهر رمضان المبارك المقبل الموافق يومي 3 و4 ديسمبر (كانون الأول) 2000.