مصر وفرنسا لن تطرحا مبادرة مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين

مبارك يتباحث مع جوسبان ويحذر من ان المشاكل ستشمل الجانبين

TT

استكمل الرئيس المصري حسني مبارك امس اتصالاته الرسمية في باريس بالاجتماع مع رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان الذي زاره في مقر اقامته، في قصر الضيافة (مارينيه). ومن المقرر ان يعود الرئيس مبارك ومن تبقى من الوفد الذي اصطحبه الى القاهرة اليوم.

وقد حضر الاجتماع من الجانب المصري، وزير الاعلام صفوت الشريف والسفير المصري لدى باريس علي ماهر السيد في حين رافق جوسبان عدد من مستشاريه والمدير المساعد لدائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية والسفير الفرنسي لدى مصر.

ورغم تكتم الطرفين المصري والفرنسي على تفاصيل المحادثات ومواقف وأفكار كل منهما والاكتفاء بالتأكيد على التوجهات العامة وعلى ضرورة التنسيق، إلا انه يبدو ان تفاصيل الموقفين المصري والفرنسي بشأن الملف الفلسطيني ـ الاسرائيلي وتحديداً بشأن القدس والأماكن الدينية ليست «متطابقة» تماماً.

وأمس، أعلن ليونيل جوسبان عقب لقائه مع مبارك ان «الرؤى (الفرنسية والمصرية) قريبة» ولم يقل «واحدة» أو «متشابهة». وهذا ما يصب في خانة ما قاله الرئيس جاك شيراك اول من امس من انه ربما يوجد «تباين في مشاعر كل منا وفي مساعيه ولكن ارادتنا واحدة في تنسيق الجهود لخدمة السلام».

وتنم تصريحات جوسبان، يوم امس، عن بعض اوجه التباين. وفي معرض تقويمه للاتصالات والوساطات قال جوسبان: «الأمر الجيد ان كل المسائل (العالقة بين الفلسطينيين والاسرائيليين) هي الآن موضع بحث ويجب ان يتم التوصل الى حل لها». غير انه استدرك قائلاً: «بعض هذه المسائل يعني الاسرائيليين والفلسطينيين في علاقاتهما المشتركة وبعضها يعني مجمل المجموعة الدولية والسلطات الروحية والمؤمنين من الديانات الإلهية الثلاث». وأضاف جوسبان: «يجب ان يأخذ الشريكان (الفلسطيني والاسرائيلي) هذه الأمور بعين الاعتبار اذا أرادا الوصول الى حل. لدينا شعور ان الوصول الى مثل هذا الحل أمر ممكن ولكن يجب احترام الرموز والمعتقدات والديانات. وهذا ما يجعل الأمور صعبة».

وتشير تصريحات جوسبان الغامضة الى انه ربما يفكر بدور ما لجهات خارجية مثل الفاتيكان او الكنائس الأخرى وهو ما لا تلحظه «المبادرة» المصرية التي تحصر اطراف الحل بالفلسطينيين والاسرائيليين.

وكان وزير الاعلام المصري صفوت الشريف أعلن ان الرئيس مبارك أكد لجوسبان على «اهمية التنسيق الواجب واللازم في هذه المرحلة» وعلى «اهمية الدور الفرنسي والأوروبي». غير انه تفادى في رده لسؤال لـ«الشرق الأوسط» حول تحرك مصري ـ فرنسي مشترك في الأيام القادمة، تأكيد مثل هذا التحرك مكتفياً بالقول ان الرئيس مبارك «حريص على ان يشارك بكل من يستطيع المشاركة في المرحلة الحاضرة، لدفع عملية السلام والتوصل الى الحل العادل». كذلك امتنع الشريف، في سؤال آخر لـ«الشرق الأوسط» عن كشف الموقف الاسرائيلي من الافكار المصرية بالقول ان «هذه الأفكار قيد التداول».

ومساء امس، وخلال حديث تلفزيوني مع القناة الثالثة الفرنسية، رد الرئيس مبارك على تهديدات باراك للفلسطينيين بأنهم سيتعرضون لمأساة في حال عدم الوصول الى اتفاق. وقال مبارك: «لا أستطيع ان أقول ان الفلسطينيين فقط هم الذين سيتعرضون لمأساة ولكن كليهما (الفلسطينيين والاسرائيليين»)». وأضاف مبارك: «الذين لا يقبلون السيادة الفلسطينية على المسجد الأقصى سيواجهون مشاكل (في اشارة الى اسرائيل) والمأساة سيتعرض لها الجانبان». وأكد مبارك، في الحديث نفسه، انه غير مستعد للقيام بضغوط على عرفات «اعرف سلفاً انه لن يقبلها وأعلم ذلك جيداً لأن المسألة ليست مسألة ضغوط». ورأى الرئيس المصري ان مسألة المسجد الأقصى «حساسة ومعقدة وخطيرة واذا لم يتم التعاطي معها بطريقة مناسبة فاننا سنذهب الى كارثة». مضيفاً انه شرح كل ذلك لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك «لكنه لم يعطني رداً ولكني اعتقد انه يفهم الموقف».واعتبر مبارك ان المهم الآن، بين الاسرائيليين والفلسطينيين هو الوصول الى اتفاق حول «اطار عمل» اي «المبادئ التي يمكن للطرفين بدء التفاوض على ضوئها للوصول الى اتفاق سلام». وكرر مبارك قوله ان المسجد الأقصى والأماكن المقدسة الاسلامية والقدس الشرقية بما فيها الأحياء القديمة والحي الأردني والقبطي يجب ان تكون تحت السيادة الفلسطينية مقابل ان يكون حائط المبكى والحي اليهودي تحت السيادة الاسرائيلية.