الوزير بن عتيق: العداء الاتحادي الذي وصل مبكرا

TT

نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي شكل قرار عبد الكريم بن عتيق (40 عاما) الامين العام للنقابة المغربية للبنوك المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي) الذي يتزعمها محمد نوبير الاموي، القاضي بعدم ترشيح نفسه لولاية ثانية للامانة العامة، سابقة في المشهد السياسي والحزبي والنقابي المغربي، الذي عرف عن الكثير من رموزه بأنهم يتمسكون بمواقعهم ويعضون عليها بالنواجذ.

يومذاك ارتفعت اسهم بن عتيق الذي عينه امس العاهل المغربي الملك محمد السادس كاتب الدولة (وزير دولة) لدى وزير الاقتصاد الاجتماعي والمقاولات الصغرى والمتوسطة والصناعة التقليدية.

وقرر ان يتفرغ للعمل الحزبي داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فاختير ضمن 38 شخصا اضيفوا الى اللجنة المركزية للحزب لتكوين اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السادس المقرر عقده بداية السنة المقبلة. ولم يقف دور هذا النجم الاتحادي الصاعد عند هذا الحد، بل اختير مقررا للجنة الاعداد المادي للمؤتمر. وهذا الاختيار له مدلوله.

يذكر ان بن عتيق، هذا العداء السياسي الاتحادي الذي وصل مبكرا الى كرسي الوزارة، فاته قطار حكومة اليوسفي الاولى خاصة وانه كان من المقرر ان يتولى فيها وزارة التكوين المهني وتأهيل المقاولة. لكن حاجة نوبير الاموي عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي والامين العام لـ«الكونفدرالية» لبقاء بن عتيق الى جانبه في النقابة حالت دون ظفره بكرسي الوزارة.فالاموي تدخل لدى اليوسفي في اللحظة الاخيرة ليسحب اسمه من اللائحة الوزارية. وبن عتيق هو واسطة العقد في عائلة تتكون من 11 ابنا وابنة، ولد في الرباط عام 1959، وتعود اصوله الى بلدة «البزو» الواقعة في محافظة ازيلال (الاطلس الكبير)، وهي نفس المنطقة التي ولد فيها السياسي المخضرم الفقيه محمد البصري.

ويبدو ان ترعرع بن عتيق في حي «التقدم» في بالرباط، وهو حي شعبي عرف بالحضور الكبير لحزب الاتحاد الاشتراكي، جعله يرضع حليب السياسة وهو يافع. ففي الحي ذاته تلقى دراسته الابتدائية والثانوية، قبل ان يلتحق بالدراسة في كلية الاداب في الرباط حيث برزت مواهبه القيادية في اطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والشبيبة الاتحادية.

وبعد حصوله على الاجازة في الاداب، سافر عام 1985 الى مدينة ليون الفرنسية والتحق بجامعتها رقم 2، ثم التحق بجامعة السوربون في باريس لمواصلة دراساته في اللسانيات، الا ان الدراسات السياسية جذبته وقدم اطروحته الجامعية حول «الخطاب الاشتراكي الفرنسي منذ مؤتمر تور عام 1920 حتى مؤتمره عام 1981»، ثم التحق بالمعهد العالي لتدبير الموارد البشرية في باريس لنيل دبلوم الدراسات العليا. وخلال هذه الفترة كان من نشطاء طلاب الاتحاد الاشتراكي في فرنسا واصبح على علاقة وطيدة بزعيم الحزب الراحل عبد الرحيم بوعبيد.

عاد بن عتيق الى المغرب عام 1989 ليعمل موظفا في البنك المغربي للتجارة والصناعة، وفي عام 1991 انتخب عضوا في الامانة الوطنية للشبيبة الاتحادية (شبيبة الحزب).

وعوض ان يركز على العمل من اجل التدرج في السلم الوظيفي، اختار بن عتيق العمل النقابي، حيث اسس عام 1993 النقابة الوطنية للبنوك، وفي عام 1996 انتخب عضوا في المكتب التنفيذي للكونفدرالية ليصبح الرجل الثالث فيها بعد الاموي وعبد المجيد بوزوبع.

وسر نجاح بن عتيق يكمن في قدرته على اقامة علاقات متوازنة مع الاجنحة المتفاعلة داخل الاتحاد الاشتراكي. فاذا كان الاموي قد تبناه، فان اليوسفي يثق فيه، والفقيه البصري يوده، في حين تبقى علاقته مع محمد اليازغي الرجل الثاني في الحزب هادئة لا تشوبها شائبة، وعلى حميمية وتفاهم مع الوزير احمد الحليمي احد الثلاثة (عمر بن جلون، ومحمد عابد الجابري) الذين صاغوا عام 1975 التقرير المذهبي لحزب الاتحاد الاشتراكي الذي انتقل الحزب من خلاله من مرحلة الاختيار الثوري الى مرحلة النضال الديمقراطي. =