مصادر ليبية مسؤولة: الهوني لن يكون العائد الأخير وعودته تمهد لحوار أوسع مع معارضي العقيد القذافي

TT

قالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» ان قرار الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي تعيين الرائد عبد المنعم الهوني عضو مجلس قيادة الثورة السابق في منصب مندوب ليبيا الدائم لدى جامعة الدول العربية هو جزء من صفقة سياسية شاملة تخلى بموجبها الهوني عن موقعه في المعارضة الليبية التي انخرط في نشاطاتها أكثر من 20 عاماً.

وجاء تعيين الهوني مفاجأة للجميع خاصة مع معلومات تداولتها أوساط المعارضة الليبية عن مشاركته في الاجتماع الذي عقدته ستة من تنظيماتها في لندن خلال شهر يوليو (تموز) الماضي للتنسيق في ما بينها لمواجهة الحكم الليبي. وعلمت «الشرق الأوسط» أن عودة الهوني رسمياً سبقتها لقاءات ومفاوضات سرية عقدها في القاهرة والاسكندرية مع عدد من المبعوثين الشخصيين للزعيم الليبي معمر القذافي وفي مقدمتهم أحمد قذاف الدم الذي سبق أن أجرى مفاوضات مماثلة مع الهوني عام 1996 من دون أن تكلل بالنجاح.

وشغل الهوني منصب رئيس هيئة تحالف القوى الوطنية والديمقراطية المعارضة لنظام حكم القذافي قبل أن يتم تجميد نشاطها عام 1997 بفعل الخلافات التي نشبت بين أعضائها بالاضافة إلى تراكم مشاكلها المادية. ويعتبر الهوني واحداً من أبرز القيادات السابقة للمعارضة الليبية غير أنه لم يشارك في أي من الأنشطة العملياتية التي سعت هذه المعارضة للقيام بها لاسقاط حكم القذافي.

وتقول مصادر ليبية مسؤولة ان عودة الهوني ستشكل ضربة كبيرة لبقية رموز وعناصر المعارضة الليبية في الخارج وانها قد تدفع هؤلاء إلى القبول بالدخول في مفاوضات للحوار مع السلطات الليبية. وأوضحت هذه المصادر أن عودة الهوني هي جزء من مبادرة سلمية واسعة النطاق انضجتها الاتصالات الرسمية لعدد من المسؤولين الليبيين بدعم كامل من القذافي مع عدد من كبار المعارضين له بغية حثهم على العودة إلى ليبيا مقابل ضمانات محددة أولها عدم المساس بوضعهم المادي والاجتماعي وضمان سلامتهم الشخصية.

واعتبرت المصادر ذاتها أن مبادرة الحوار هذه هي مقدمة حوار واسع مع المعارضين، ملمحة في الاطار ذاته إلى أن هناك شخصيات أخرى في المعارضة الليبية قادمة على طريق المصالحة الوطنية مع الحكم. وقال مسؤول ليبي بارز انه لم يعد هناك مبرر لبقاء المعارضين في الخارج بعدما دعاهم العقيد معمر القذافي عام 1997 للعودة وممارسة نشاطهم من داخل ليبيا.

وأوضح أن عودة هؤلاء ممكنة في كل وقت «طالما لم تتلوث أيديهم بدماء الأبرياء من أبناء الشعب الليبي أو ينخرطوا في مؤامرات مكشوفة تدعمهم أجهزة مخابرات أجنبية». ويبدو أن المعارضة الليبية ستحتاج بعض الوقت قبل أن تستطيع التعاطي مع القنبلة التي فجرتها العودة المفاجئة للهوني الى مسرح الحياة السياسية في ليبيا ولكن هذه المرة كواحد من مساعدي القذافي ودبلوماسيه في الخارج. ومنذ اختلف الهوني مع القذافي واختار الانضمام الى المعارضة الليبية وهو يقيم في مصر التي رفضت محاولات القذافي لتسليمه إياه بعد عودة العلاقات الرسمية بين القاهرة وطرابلس عام 1989. وعلم ان السلطات المصرية كانت على علم مسبق بالمفاوضات غير المعلنة والاتصالات التي تجريها عناصر من المقربين من الزعيم الليبي مع الهوني. وامتنعت مصادر مصرية رسمية عن تأكيد هذه المعلومات غير أنها أكدت بالمقابل أن مصر ترحب بأي خطوة لتقريب وجهات النظر بين الزعيم الليبي والفصائل المناوئه له.

ويمتلك الهوني شركة خاصة تعمل في مجال التجارة والتصدير والاستيراد بالقاهرة وقصراً في منطقة المنصورية المعروفة بطابعها الارستقراطي الحديث فضلاً عن فيلا في مدينة مرسي مطروح. وفي كتابه المعنون «عبد الناصر وثورة ليبيا» الصادر عام 1986 للسياسي المصري فتحي الديب يصف الهوني بأنه هادئ الطبع ودمث الأخلاق ويتمتع بذكاء واضح ويستخدم المرح أسلوباً لتلطيف الجو عند احتدام النقاش، مشيراً إلى أنه كتوم لا يثق بسهولة وإذا وثق في شخص فتح له قلبه وأن له آراء تنم عن رؤية واطلاع بالنسبة للتطورات.