الرئيس الجزائري يحذر أحزاب الائتلاف ويحملها مسؤولية فشل برنامجه

TT

حذر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة احزاب الائتلاف من الاستمرار في توجيه الانتقادات اليه او الى بعض القرارات التي يتخذها، واعتبر ذلك تنكراً من جانب هذه الأحزاب لتعهدها، منذ الانتخابات الرئاسية، على الوقوف معه من اجل تطبيق برنامجه.

وانتقد بوتفليقة، خلال اجتماع مجلس الوزراء اول من امس، قيادات احزاب الائتلاف على الدعم المشروط والمحتشم لمنهجه في الحكم وذكرها بالتعهدات التي قطعتها امامه من اجل مساعدته على تطيق برنامجه الرئاسي. وأوضح ان الالتزامات التي وعد بها الجزائريين خلال الحملة الانتخابية «ليست ولا يمكن ان تكون التزامات من طرف واحد او التزامات شخصية»، بل هي «التزامات ساندتها قوى سياسية تحظى بالأغلبية في البلاد. ومن ثم انها تشكل تعهداً جماعياً لهذه القوى بالعمل على الوفاء بها». وشدد بوتفليقة على ان تضامن الأحزاب السبعة المشاركة في الحكومة «لا يمكن لا ان تقتصر على مجرد انضمام اعضاء الحكومة انضماماً شكلياً الى عمل الهيئة التنفيذية ولا ان يتمثل في مواقف لا تقحم اصحابها فيه اقحاماً تاماً»، من اجل ذلك حمل الرئيس الجزائري حلفاءه مسؤولية أي فشل يمكن ان يُمنى به برنامجه مستقبلاً، لأن هذه القوى «معنية بتحقيق برنامج الحكومة ونجاحه»، كما يتعين «عليها ان يتعدى نشاطها الاطار البرلماني والحكومي».

ودعا بوتفليقة الشعب والقوى السياسية «الى التجند فعلاً في الميدان من اجل التحسيس والتوعية بجسامة الرهانات وبضرورة التغييرات التي يجب القيام بها»، لأنه «لا يمكن اخراج الجزائر مما هي فيه من دون مساندة شعبية حازمة وفاعلة». وحاول بهذا التحذير، الذي يوجهه لأول مرة الى احزاب الائتلاف، التأكيد على تناقض هذه الأحزاب التي تشارك في الحكومة من جهة ولا تتورع في عدة مناسبات عن توجيه الانتقادات للحكومة والى الرئيس نفسه وكأنها احزاب في المعارضة وغير معنية اصلاً بالعمل الحكومي. وتذهب احزاب مثل حركة مجتمع السلم التي يقودها محفوظ نحناح الى حد التأكيد على انها تمارس «المعارضة الايجابية»، كما لم تتوقف احزاب أخرى مثل التجمع الوطني الديمقراطي وحزب جبهة التحرير الوطني وحركة النهضة والتجمع من اجل الثقافة والديمقراطية عن دعوة الحكومة، عبر بيانات رسمية، الى بذل جهود اكبر من اجل الاسراع في اخراج البلاد من الأزمة، وقد ذهبت الى حد انتقادها على الجمود الذي لاحظته في النشاط الحكومي.

وأوضح مصدر حكومي مستقل لـ«الشرق الأوسط» امس ان «الرئيس بوتفليقة أراد من خلال التحذير الذي قدمه لوزراء احزاب الائتلاف، ومن ورائهم الى قيادات هذه التشكيلات السياسية، تذكير هذه الأخيرة انها عندما أبدت له خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة تأييدها ودعمها له كان ينتظر منها مساندة مطلقة بدل الاكتفاء بوضع رجل في الحكومة وأخرى في المعارضة»، وأكد نفس المصدر ان «رئيس الجمهورية يريد افهام قيادات هذه الأحزاب ان المشاركة في الحكومة تعني تحمل كل المسؤولية وتعبئة جميع مناضليها والرأي العام لتوفير شروط نجاح برنامجه»، وأضاف ان بوتفليقة تأثر كثيراً للانتقادات التي لم تتوقف احزاب التحالف عن توجيهها له في كل مناسبة، ولعل آخرها كانت اثناء التغيير الحكومي الأخير» عندما أظهرت معظم هذه التشكيلات معارضتها للطريقة التي جرى بها التغيير ولعدم استشارة الرئيس لها قبل اعلانه عنه، كما لم تُخف بعض هذه الأحزاب تحفظها على بعض الأسماء التي اختارها بوتفليقة ضمن الطاقم الجديد، في حين ذهبت أخرى الى حد التلويح بورقة الانسحاب من الحكومة والعودة الى المعارضة مثلما كان الحال بالنسبة لحركة النهضة التي لم تخف «استياءها العميق» من الطريقة والكيفية التي أجرى بها بوتفليقة تغييره الحكومي الذي جاء بعلي بن فليس رئيساً للحكومة خلفاً لأحمد بن بيتور المستقيل.

وسبق لعدة احزاب، ضمن الائتلاف الحكومي، ان أبدت تحفظاتها وانتقاداتها ازاء بعض تصريحات او تصرفات الرئيس، من ذلك انتقادها لاستعماله اللغة الفرنسية في مخاطبة الشعب او مصافحته لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك، على هامش مراسم تشييع جنازة العاهل المغربي الحسن الثاني العام الماضي او بعض القرارات المتعلقة بالخصخصة، وذهبت هذه الأحزاب الى اعتبار ما يقوم به الرئيس، في هذا المجال، خرقاً لأحكام الدستور.

من جهة أخرى وجه بوتفليقة تحذيراً آخر للذين ساندوه خلال الانتخابات الرئاسية، من استغلال هذه المساندة كورقة «للتمتع بمعاملة متميزة لدى السلطات العمومية»، مؤكداً ان ذلك امر «لا يمكن بداهة ان يُقبل»، أعرب عن أسفه ان هؤلاء الانتهازيين لم يكونوا، في الواقع، مساندين حقيقيين له بل «كانت تحركهم مآرب نفعية». وظاهرة «الانتهازية» هذه صارت امراً متعارفاً عليه خلال المواعيد الانتخابية في الجزائر منذ سنوات عديدة، خلال حكم الحزب الواحد او في عهد التعددية السياسية، حتى اصبح مصطلح «مع الواقف» هو الشائع وهو مبرر الكثير من الناخبين الجزائريين في اختيار مرشحيهم للانتخابات المحلية او البرلمانية او الرئاسية، ويعني ذلك ان المصلحة تقتضي من الذين يريدون قضاء حاجتهم الوقوف مع المرشح القوي الذي تختاره الجهات النافذة في الحكم، كما ان تأييد مرشح ما قد يعني ايضاً خوفاً من ضياع مصالح او رغبة في الحفاظ عليها.