مصر تتخلى عن مشاريعها النووية لصالح الطاقة الجديدة وعلماء هيئة الطاقة النووية هاجروا إلى أميركا وكندا وفرنسا

TT

وضع وزير الكهرباء المصري علي الصعيدي حدا للتكهنات التي سادت مصر منذ توليه منصبه قبل عشرة اشهر، والتي صبت كلها في خانة تنشيط البرنامج النووي المصري في المشروعات السلمية، مثل توليد الكهرباء، خاصة ان الوزير كان يرأس هيئة المحطات النووية قبل ان يحمل حقيبة الكهرباء والطاقة في حكومة عاطف عبيد.

ورغم تناقص الاحتياطي المصري من البترول الذي تعتمد عليه المحطات الحرارية كوقود لتوليد الكهرباء، فان الصعيدي اكد ان «مصر ليست بحاجة الآن لمحطات نووية، لانها مكلفة». واضاف لسنا على استعداد للاقتراض من الخارج لتمويل هذه المحطات التي تستغرق اكثر من عشر سنوات في اقامتها.

الا ان الوزير المصري لم يقلل من اهميتها الاستراتيجية كمصدر اساسي للطاقة في بعض بلاد العالم المتقدم مثل فرنسا واميركا كما اشار الى التصريحات التي ادلى بها الرئيس المصري حسني مبارك منذ ثلاث سنوات، عندما ذكر انه يرحب بالقطاع الخاص في اقامة محطات نووية سلمية لتوليد الطاقة. وقال الوزير «سيأتي اليوم الذي تنشأ فيه مصر محطة نووية، اما الوقت الحالي فهو لتدعيم الطاقات الجديدة والمتجددة ،مثل طاقة الشمس والرياح، والتوسع في اقامة محطات حرارية تعمل بنظام الـ« B.O.T» التي يقوم بتمويلها مستثمرون اجانب وعرب، حيث يقومون بانشاء هذه المحطات وادارتها لمدة عشرين عاما، لتنقل ملكيتها للحكومة المصرية بعد ذلك.

والملاحظ حاليا ان هيئة المحطات النووية المصرية خلت تقريبا من كبار الخبراء والعلماء النوويين، بعد ان هاجرواالى كندا واميركا وفرنسا ودول اخرى. وقالت مصادر مصرية ان الذي يدير اغلب المحطات النووية الكندية في الوقت الراهن خبراء من مصر.

وكان المشروع النووي المصري قد مر بمراحل متعددة من الفشل لأسباب تتعلق بتخبط القرار السياسي وغياب رؤية استراتيجية محددة وواضحة. ففي اواخر السبعينات عندما ابدى الرئيس الاميركي ريتشارد نيسكون اثناء زيارته لمصر استعداده لتمويل مشروع بناء مفاعل نووي، واشترط القيام بعمليات تخصيب اليورانيوم داخل الولايات المتحدة اعتبرت مصر هذا الشرط ماسا بأمنها القومي، فتوقفت المحاولة وجاءت المحاولة الثانية عندما عرضت مصر على العالم مناقصة دولية لتوريد محطات نووية وبالفعل رسا العطاء على المانيا لجودة المنتج وتقديم تسهيلات جادة في عمليات دفع ثمن المحطات، ولكن هذه المحاولة فشلت بسبب ضغوط اميركية واسرائيلية عنيفة. وايضا بسبب تهديد البنك الدولي الذي قدم تقريرا في ديسمير (كانون الاول) عام 1985 لرئيس الحكومة المصري آنذاك علي لطفي بالامتناع عن تمويل مشروعات الطاقة، لو اقدمت مصر على انشاء محطة نووية. واخيرا جاءت حادثة تشيرنوبيل في ابريل (نيسان) 1986 لتضع نهاية فعلية لهذا المشروع الضخم الذي كان امل كل مصري وعربي.