الرؤساء الأميركيون لا يلتزمون بوعودهم الانتخابية.. لكن ليس دائما

TT

على الرغم من اعتقاد الكثير من الناخبين ان السياسيين لا يوفون بوعودهم التي تعهدوا بها خلال الحملة الانتخابية، فان الواقع الملفت للانتباه يقدم لنا صورة مختلفة. ففي الوقت الذي يتزايد فيه ايقاع حملة الانتخابات الرئاسية الاميركية تكشف السجلات عن ان السياسيين يلتزمون بوعودهم، اوعلى الاقل البعض منها.

فبغض النظر عن دوافعهم، سواء كانت الرغبة في الحصول على سمعة جيدة او متابعة من جماعات الضغط، فإنهم يبذلون جهدا كبيرا لتطبيق اسس خططهم. ويعتمد النجاح، في العادة، على ما اذا كان الرئيس يعمل مع كونجرس يقوده حزبه اما لا. وما اذا كان يمكن توفير كلفة برامجه. ويقول عالم السياسة في جامعة تكساس جورج ادواردز «ان الرؤساء، يحافظون في العادة على وعود الحملات الانتخابية». والجدير بالذكر ان تعهدات المرشح الديمقراطي الاميركي آل غور تشتمل على خفض معدل الفقر الى اقل من 10%، وخفض معدل الجرائم في كل عام من سنوات حكمة. كما تتضمن خطته للضمان الاجتماعي توفير حسابات تقاعد مع صناديق ادخار حكومية تصل تكلفتها الى 200 ملياردولار على مدى عشر سنوات. كما ينوي المرشح الديمقراطي تمويل مرحلة ما قبل الدراسة للاطفال الذين تقل اعمارهم عن اربع سنوات بكلفة تصل الى 50 مليار دولار.

اما المرشح الجمهوري جورج بوش (الابن) فقد تعهد بتخفيض الضرائب بمقدار 1.3 تريليون دولار، فضلا عن برنامج لتقديم الادوية الى المتقاعدين بكلفة تصل الى 158 مليار دولار على مدى عشر سنوات. (اقل تكلفة من خطة غور التي تصل تكلفتها الى 253 مليار دولار). كما كشف بوش عن خطة بإضافة 3.75 مليار دولار على مدى خمس سنوات الى الاتفاق الفيدرالي على الحدائق القومية.

غير ان ذلك لا يعني عدم وجود رؤساء لم يلتزموا بتعهداتهم، فهناك تعهد جورج بوش (الاب) خلال حملته الانتخابية عام 1988 «تابعوا ما اقوله، لا ضرائب جديدة»، كما تعهد بيل كلينتون في عام 1992 بخفض الضرائب على الطبقة المتوسطة.

وكشفت دراسة لجيف فيشل عالم الشؤون السياسية في الجامعة الاميركية ان الرؤساء الاميركيين يلتزمون، او يبذلون جهدا كبيرا للالتزام، بمعظم تعهدات الحملات الانتخابية. وكشفت الدراسة عن تطبيق او شبه تطبيق الرئيس الاميركي الراحل جون كنيدي لتعهداته الانتخابية بنسبة 67% وليندون جونسون 63% وريتشارد نيكسون 60% وجيمي كارتر 65% ورونالد ريجان 53%.

بينما كشفت دراسة اخرى اجرتها في عام 1996، صحيفة «نايت رايدر» ان كلينتون حافظ على 66 تعهدا من بين 106 تعهدات ذكرها في عام 1992، وبذل جهدا كبيرا للحفاظ على 81% منها.

وتجدر الاشارة الى ان تعهدات الحملات الانتخابية تخدم العديد من الاغراض خلال الحملة،مثل تنشيط قاعدة الحزب، ومساعدة المرشح على تمييز نفسه عن منافسه، طبقا لتيري سوليفان عالم الشؤون السياسية في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل. والاكثر من ذلك فهي تدعم الميول لدى الناخب لاختيار هذا او ذلك الحزب.

وعندما تجرى الانتخابات فيمكن دعم قدرات الرئيس على الالتزام بتعهداته بالعديد من الطرق منها:

ـ العمل مع كونجرس بقيادة حزبه وتجنب اللجوء الى المحكمة العليا.

ـ تحديد القضايا في مجموعة محدودة وتقديمها للكونجرس. فبعد حفل تنصيب جونسون في عام 1965، فوجىء الجمهوريون بما وصفوه بـ«شاحنة جونسون»، في اشارة الى سرعة تمرير قوانين جديدة قدمت الى الكونجرس مثل الرعاية الصحية وقانون حق التصويت واصلاحات تمويل التعليم.

ـ تحديد التكلفة بشكل معقول. فبعض التقديرات تظهر ان مقترحات غور او بوش يمكن ان تستهلك الفائض الاميركي المتوقع ان يصل الى 2.2 تريليون دولار خلال عشر سنوات.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتورز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»