رئيس الحكومة الجزائري الجديد يعرض برنامجه على البرلمان

TT

قدم رئيس الحكومة الجزائرية علي بن فليس، امس، الخطوط العريضة لبرنامجه امام اعضاء المجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية الاولى) لمناقشته ثم المصادقة عليه. وقد تمكن المدير السابق لديوان الرئيس بوتفليقة، خلال قرابة شهر من تعيينه على رأس الحكومة، من اقامة اتصالات مباشرة مع قيادات احزاب الائتلاف الممثل في البرلمان من اجل اقناعها بضرورة مساعدته على تمرير مشروع برنامجه بأغلبية مطلقة، وقد شدد على كل من التقاهم ان برنامجه ما هو الا محاولة لترجمة روح برنامج الرئيس بوتفليقة على ارض الواقع، وهو البرنامج الذي زكته اغلبية الشعب واغلبية الاحزاب والمنظمات الممثلة في الحكومة وفي البرلمان بغرفتيه.

واختار بن فليس شعار «الفعالية» لحكومته والتي قال انها ستميز «مسار اتخاذ القرار اولا، من خلال اضفاء طابع المسؤولية على القطاعات واعادة تأهيل القرار السياسي، ثم الفعالية في التطبيق، وهذا يفترض تنوعا في النقاش الداخلي في صفوف الحكومة ولكن وحدة مطلقة في العمل وفي النقاش الخارجي». وقد وجه بن فليس، بهذه الملاحظة الاخيرة، تحذيرا لاعضاء فريقه الحكومي حتى لا تتكرر تجربة ما جرى مع حكومة بن بيتور المستقيل، عندما كان يبدو بعض الوزراء في تناقض تام مع بعضهم او مع رئيسهم، في تصرفاتهم او من خلال تصريحاتهم للصحافة. وقد حاول بوتفليقة نفسه، حينها، التدخل لوضع حد لهذه الازدواجية داخل اعضاء حكومته وقد توعدهم في احد اجتماعات مجلس الوزراء باجراء «عملية جراحية دقيقة» ان هم استمروا في ابراز تناقضاتهم وتعطيل او عرقلة تطبيق برنامجه الانتخابي في الميدان.

وحرصا منه على ضمان انسجام فريقه، دعا بن فليس «الحكومة ان تكون على لسان واحد»، ولم يستبعد حصول اختلافات في الآراء بين الوزراء، لكنه اكد انه «يجب ان لا تؤثر ابدا على العمل» وان «لا تطال المواطن الاثار السلبية لاي تباين محتمل للآراء، وهو التباين الذي لا يمكن البتة ان يظهر على ارض الميدان».

خطاب رئيس الحكومة استغرق قرابة ساعتين، لكنه كان خاليا من اية ارقام عن الاوضاع الراهنة او عن النتائج التي ينوي الوصول اليها، كما تعمد عدم تحديد الاجراءات التي ينوي تجسيدها باي اجل. وقد حدد خطة عمله في ثلاثة محاور رئيسية: تدعيم مكاسب الوئام المدني، اعادة الاعتبار لدولة القانون من خلال اصلاح العدالة والادارة العمومية ثم «توفير الشروط الملائمة لانعاش اقتصادي بوتيرة اسرع ونتائج اوفر» من تلك التي ميزت عهد رئيس الحكومة السابق احمد بن بيتور الذي اضطر الى تقديم استقالته بعد انقطاع التيار بينه وبين الرئيس بوتفليقة بسبب اختلافهما في المنهج الواجب اتخاذه لتطبيق الاصلاحات الاقتصادية وتسيير المال العام بصفة خاصة. وينتظر، في هذا المجال، شروع الحكومة الجديدة في الاسراع بتنفيذ برنامج التخصيص المعطل منذ سنوات وتقديم اشارات قوية للمتعاملين والمستثمرين الاجانب قصد تشجيعهم لاقتحام ميدان الانتاج بدل الاكتفاء بعقد صفقات البيع والشراء.

احزاب الائتلاف الممثلة في البرلمان ابدت بعد انتهاء بن فليس من القاء خطابه، تحمسا لمساندة برنامج الحكومة، لانها ترى في ذلك «التزاما» بما عاهدت به الرئيس بوتفليقة خلال الحملة الانتخابية، وقد سبق لعدد من الاحزاب اعلان تأييدها لبرنامج الحكومة، وقد قدمت من اجل ذلك توجيهات الى نوابها في البرلمان لابراز هذا الدعم. اما المعارضة الممثلة بالخصوص في جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال فتستعد لاستغلال فرصة مناقشة البرنامج لتأكيد انتقاداتها لحكومة بوتفليقة، خاصة في ما يتعلق باهمال الاهتمام بالجانب الاجتماعي المتدهور او برنامج الخصخصة الذي سيكون، في الفترة القادمة، اكثر جرأة واندفاعا، رغم تحفظات هذين الحزبين وبعض احزاب المعارضة الاخرى على ذلك في ظل تحسن الاوضاع المالية للجزائر من خلال ارتفاع اسعار النفط، وهو وضع اعتبره بن فليس «مناسباً للتشدق بكل المزيدات»، كما ان «تحسن الوضع المالي الحالي لا يجب ان يكون ذرا للرماد في الاعين، ذلك انه لم يأت نتيجة خلق ثروات من سائر قطاعات الاقتصاد».

من جهة اخرى اكد الامين العام للتجمع الوطني الديمقراطي ووزير العدل احمد اويحيى ان حزبه لا يساوره اي شعور في المساومة بتأييده لبرنامج الحكومة. واعتبر، في تصريح للصحافة عقب انتهاء بن فليس من عرض برنامجه، ان «مجرد وجودنا في الحكومة دليل على اننا مساندون للبرنامج المعروض على البرلمان». الا ان نوابا من نفس الحزب، صاحب الاغلبية في البرلمان، اكدوا لـ«الشرق الأوسط» انهم «غير ملزمين بتوجيهات قيادة التجمع، عندما يتعلق الامر بقضايا نراها تخالف قناعاتنا ومبادئنا».