الفلسطينيون يخشون أن تكون المذكرة الأميركية «مجموعة أفكار إسرائيلية» لتحميلهم مسؤولية فشل المفاوضات

TT

اعرب الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، ورئيس المجلس التشريعي، احمد قريع (ابو علاء) وغيرهما من القادة الفلسطينيين، امس عن خشيتهم من ان تكون «المذكرة الاميركية لتسوية الخلافات الاسرائيلية ـ الفلسطينية» مجرد مجموعة افكار اسرائيلية تهدف الى احراجهم والى تحميلهم مسؤولية فشل المفاوضات في حالة رفضها.

وقال أبو علاء ان الاميركيين يتبعون هذا الاسلوب منذ مفاوضات كامب ديفيد في يوليو (تموز) الماضي «فكل ما جلبوه لنا من افكار، تبدو وكأنها حل وسط، اتضحت بالتالي انها أفكار اسرائيلية نقلها الاميركيون كسعاة بريد لا اكثر».

وطالب ابو علاء واشنطن بأن «تعرض مذكرتها اولاً على الفلسطينيين لسماع آرائهم بشأنها، قبل ان تطرحها كمذكرة رسمية على مائدة المفاوضات».

من جهة اخرى اعرب وزير الخارجية الاسرائيلي بالوكالة، شلومو بن عامي، عن قناعته بأن واشنطن لن تطرح افكارا من دون تنسيق مسبق: «فأنا لا اعتقد انها ستغامر في طرح مذكرة يمكن ان يرفضها احد الطرفين او كلاهما. ولذلك ارى انهم سيعرضونها علينا اولا»، مما يعني ان تحديد نهاية هذا الاسبوع لذلك غير واقعي.

يذكر ان امس شهد وجبة اخرى من تبادل الاتهامات بين الطرفين، رغم انهما عادا الى مائدة المفاوضات الليلة قبل الماضية. ففي اسرائيل قال رئيس الوزراء، ايهود باراك، انه لا يرى جدوى من اللقاءات الثنائية الاخيرة وان المسألة تحتاج الى قرار فلسطيني سياسي شجاع للتنازل عن بعض المسلمات غير الواقعية. واتهم باراك الرئيس عرفات، بأنه لم ينضج بعد لاتخاذ قرار سلام الشجعان وما يترتب عن ذلك.

ورد ابو علاء على باراك بالقول ان حكومته تحولت الى مكتب للدعاية والنشر، هدفها تجميل سياستها البشعة، وليس اتخاذ القرارات اللازمة لانجاح المسيرة السلمية: «فهي تطلق شعارات دعائية بهدف اقناع الغرب بأنها تنشد السلام وتحاول تشويه حقيقة الموقف الفلسطيني الشغوف للسلام وفي الوقت نفسه نراها ـ اي الحكومة الاسرائيلية ـ تمارس سياسة استيطان احتلالي وتجهض قرارات الشرعية الدولية وتسعى لتهويد القدس».

الى ذلك اجتمع الرئيس ياسر عرفات، الليلة قبل الماضية في رام الله، مع مجموعة من قادة المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة فاستغل الفرصة لمهاجمة سياسة باراك وممارساته. فقال انه «من الناحية السياسية، بدا لي ان بنيامين نتنياهو اقوى منه. فهو الذي منحه الشعب ثقته لكي يجلب له السلام، لكن يبدو ان نشاطه الأساسي هو عرقلة السلام».

وروى عرفات شيئاً مما جرى في كامب ديفيد، قبل شهرين، فقال: «باراك طرح قضية القدس، من البداية، بشكل خاطئ كقضية دينية. وبذلك وضع العراقيل امام ايجاد حل لها. فهذه اولا وقبل كل شيء قضية سياسية. السيادة الفلسطينية عليها مسألة مفروغ منها. وقد كنا كرماء النفس والاخلاق حين تنازلنا له، من البداية عن حائط البراق وعن الحي اليهودي في البلدة القديمة، بدافع احترامنا للدين اليهودي وللمتدينين. لكنه لم يقدر هذا، وراح يطرح السيادة الاسرائيلية على باحة الحرم الشريف». وقال عرفات لمستمعيه: «هنا صحت في وجه باراك: انت ربما جنرال كبير يا سيد باراك. لكن موشيه ديان، كان اكبر منك. وهو الذي احتل القدس. لكنه لم يرفع العلم الاسرائيلي فوق الحرم، رغم انه انتصر انتصارا ساحقاً في الحرب. هل تدرك هذا! هل تفهم معنى ان تكون قائدا كبيرا».

وأكد عرفات خلال هذا اللقاء ان هناك افكارا طرحت في كامب ديفيد تتضمن حلولا معقولة لجميع القضايا الكبرى، وكان بالامكان التوصل اليها في اتفاقية اطار نهائية، لكن باراك اجهضها بمطلبه حول السيادة على باحة الحرم القدسي. وقال ان هناك اتفاقا بشأن منطقة غور الاردن، على ان تعود للسيادة الفلسطينية بوجود قوات طوارئ دولية، كما هو الحال في سيناء المصرية. وهناك اتفاق على قضية اللاجئين، مبني على وضع جدول زمني يبدأ باعادة اللاجئين في لبنان. وهناك اتفاق حول قضايا القدس والحدود والاستيطان.

وأكد عرفات انه مستعد لتفهم اوضاع باراك الداخلية وحتى مساعدته على حلها. وقال: لقد توجهوا الي لكي اساهم في حل المشكلة ما بين حزب ميرتس وحزب «شاس»، قبل انسحابه من الائتلاف. وانا مستعد لذلك. لكن هناك خطوطا حمراء لا يمكن لأحد ان يسمح بتجاوزها.

وخرج اعضاء الوفد من اللقاء مع عرفات بانطباع ايجابي. وقالوا: رغم انه بدا غاضبا جدا، لكنه لم يبد اي يأس. وقال رئيس الوفد، ابراهام فوكسمن: «أدهشني عرفات بوضعه الصحي الممتاز. فقد بدا حادا، مركزا جدا، ويقظا وحيويا. ورغم انتقاداته اللاذعة لباراك، شعرت انه لم يفقد تفاؤله».