مجلس الأمن يدين استخدام القوة ضد الفلسطينيين ويحمل شارون مسؤولية الأحداث

الولايات المتحدة تمتنع عن التصويت والفلسطينيون يعتبرون موقف واشنطن نصرا صغير الحجم

TT

بعد مفاوضات مطولة وصعبة على مدى ثلاثة ايام، شهدت تدخل الرئيس الاميركي بيل كلينتون، أدان مجلس الامن الدولى فى قرار أصدره فى ساعة مبكرة من صباح امس اسرائيل دون تسميتها لاستخدامها المفرط للقوة ضد الفلسطينيين، وانحى باللائمة بشكل غير مباشر على زعيم المعارضة الاسرائيلي ارييل شارون في اثارة اعمال الشغب التي اسفرت عن مقتل 80 شخصا على الاقل معظمهم من الفلسطينيين. ووافق على القرار 14 عضوا فى المجلس من جملة 15، وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، مكتفية بعدم ذكر اسرائيل او شارون بالاسم في القرار مقابل عدم استخدامها للفيتو، وهو ما اعتبر تنازلا كبيرا من جانب اميركا واعتبرته السلطة الفلسطينية انتصارا صغير الحجم.

واعرب مجلس الامن عن قلقه في بيان صحافي صدر في وقت متأخر من مساء اول من أمس من التصاعد المستمر للتوترات واعمال العنف عند الحدود اللبنانية. وصدر البيان الصحافي بعد وقت قصير من تقديم السفير الاسرائيلي لدى الامم المتحدة ايهودا لانكري شكوى رسمية لمجلس الامن ضد ما اسماه بالنشاطات «المعادية لاسرائيل من الاراضي اللبنانية».

واعرب الامين العام للامم المتحدة كوفي انان عن قلقه من الازمة في الشرق الاوسط ودعا جميع الاطراف «الى ضبط النفس والى ضبط انصارهم واحترام الاماكن الدينية». وكانت قد برزت مخاوف في مجلس الامن من ان يؤدي استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد القرار الى تفاقم اعمال العنف. ويقول مراقبون ان الولايات المتحدة وجدت نفسها بين ضغط اعضاء مجلس الامن وضغط الانتخابات الرئاسية الاميركية وقررت اختيار الحل الوسط وهو الامتناع عن التصويت. وقال السفير الاميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد هولبروك للصحافيين بعد التصويت ان «الولايات المتحدة لا تعتقد انه قرار طيب للغاية. انه قرار متحيز. وهو لا يعكس حقيقة ان الاسرائيليين يقتلون ويجرحون. انه ليس عفويا. ولكن بسبب بعض التغييرات التي ادخلت على الوثيقة قررت واشنطن عدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار».

لكن ناصر القدوة المراقب الفلسطيني بالامم المتحدة قال «نعتقد ان القرار يحتوي على عناصر مهمة للغاية. وقد يساعد على تخفيف الخطورة على الارض ونأمل في ان يساعد في وضع الموقف تحت السيطرة».

واختلف معه في هذا الرأي ايهودا لانكري سفير اسرائيل وقال «نرى ان هذا القرار لا يعكس بدقة تعقد الحقائق على الارض. ولكنه اشار الى ان هذا القرار جاء اقل تحيزا من نسخ سابقة بفضل الجهود الاميركية».

وتدخل كلينتون خلال الليل واجرى اتصالات هاتفية مع كل من رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في محاولة للتوصل الى حل للازمة الراهنة. وضغطت الدول الاعضاء في مجموعة عدم الانحياز المؤلفة من 114 عضوا كي يصدر مجلس الامن قرارا يدين اسرائيل. وتقدم بالمسودة الاصلية لمشروع القرار ناصر القدوة المراقب الفلسطيني بالامم المتحدة. وحاولت الولايات المتحدة احباط القرار وقالت ان من شأنه اعاقة الجهود الرامية الى انهاء العنف وانقاذ عملية السلام في الشرق الاوسط.

ويعرب القرار عن الاسف للاستفزاز الذي حدث في الحرم الشريف في 28 سبتمبر (ايلول) الماضي، في اشارة الى زيارة شارون للحرم القدسي.

ويدعو القرار الى استئناف عملية السلام، بالشرق الاوسط، ويشدد على «اهمية اقامة آلية لاجراء تحقيق عاجل وموضوعي» في الاحداث. ويقول «ان على اسرائيل الالتزام بدقة بتعهداتها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تتعلق بحماية المدنيين وقت الحرب». ولكنه لم يحدد ان الاتفاقية تسرى على كل الاراضي التي تحتلها اسرائيل منذ عام 1967. واعترضت الولايات المتحدة على مسودة سابقة للقرار تتضمن ان اتفاقية جنيف تسري على كل الاراضي المحتلة لان هذا سيؤكد وضع القدس كمنطقة محتلة.

واعرب مجلس الامن عن قلقه من التصاعد المستمر للتوترات واعمال العنف عند الحدود اللبنانية الا انه لم يشر الى أسر ثلاثة جنود اسرائيليين عند الحدود الاسرائيلية. واضاف ان كوفي أنان الذي أخبر اعضاء مجلس الامن بالوضع طلب من مبعوثه الخاص للشرق الاوسط تيري رود لارسن الاتصال بزعماء كل الدول المعنية، والحث على اتخاذ خطوات فورية لضمان عودة الهدوء.

وقال المندوب الناميبي مارتن اندجابا رئيس مجلس الامن ردا على اسئلة الصحافيين ان البيان الصحافي لا يتحدث عن الاوضاع بالتفصيل.

ومضى يقول «ولكن هذا لا يعني ان خطف ثلاثة جنود اسرائيليين امر ليس مهما.. لم يغط البيان عدة أمور اخرى».

وصدر البيان الصحافي بعد وقت قصير من تقديم السفير الاسرائيلي شكوى رسمية لمجلس الامن «ضد النشاطات المعادية لاسرائيل من الاراضي اللبنانية».

وقال السفير الاسرائيلي في رسالته لمجلس الامن ان مسلحين «بالمئات هاجموا سياجا حدوديا وقصفوا موقعا حدوديا اسرائيليا على الفور مستخدمين متفجرات وصواريخ».

واضاف ان وحدة لحزب الله خطفت ثلاثة جنود اسرائيليين بعد ان دخلت اراضي اسرائيلية لهذا الهدف وانها تحتجزهم رهائن داخل لبنان.

وزعم ان «الحكومة اللبنانية خرقت تعهداتها بضمان تأمين جانبها من الحدود بعد الانسحاب الاسرائيلي وشجعت الهجمات الاستفزازية والعنيفة عبر الحدود ضد اسرائيل».

واعرب أنان في بيانه عن قلقه «من اعمال العنف بين الفلسطينيين والاسرائيليين والتي انتشرت الى الحدود اللبنانية ومنطقة مزارع شبعا». وأوضح انه امضى اليوم في «اتصالات مكثفة مع زعماء المنطقة» في محاولة لتهدئة أعمال العنف.

وحث ايضا «كل جانب احترام قدسية الاماكن الدينية بالنسبة للاديان المختلفة، اذ انه يتحتم على الجميع ان يفهم ان العقيدة تنص على احترام أديان الآخرين».