الرئيسان الأسد والقذافي بحثا «الوضع الخطير» في المنطقة والشرع يأمل ألا تتجه الأمور نحو التصعيد

اللقاءات والاتصالات في دمشق تركز على تحميل إسرائيل مسؤولية الوضع المستجد

TT

حملت دمشق أمس تل أبيب مسؤولية الأوضاع الخطيرة التي استجدت في المنطقة والتصعيد الذي تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة والجنوب اللبناني والنتائج الناجمة عن هذا التصعيد.

وأعلن الناطق الرئاسي السوري جبران كورية أن الأوضاع الراهنة في المنطقة كانت مدار بحث في القمة السورية ـ الليبية بين الرئيس الدكتور بشار الأسد ونظيره الليبي العقيد معمر القذافي، وخلال الاتصال الهاتفي الذي تلقاه الرئيس الأسد أمس من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وفي أثناء استقبال الرئيس السوري لوزير الخارجية المصري عمرو موسى.

وأفاد كورية ان الرئيسين الأسد والقذافي «بحثا المستجدات في المنطقة والوضع الخطير الذي أوجدته إسرائيل في فلسطين وحولها، والأوضاع والتطورات على الساحتين العربية والأفريقية».

كما كان الوضع الراهن في المنطقة محور المحادثات بين وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ونظيره المصري موسى الذي اجتمع أيضاً وخلال وجوده في العاصمة السورية بالزعيم الليبي القذافي وعرض معه الأوضاع.

وقبيل محادثات الشرع ـ موسى، صرح وزير الخارجية السوري للصحافيين بأن من يراقب الوضع يشعر بأن إسرائيل تفتعل التصعيد والتوتر والهروب من عملية السلام وقتل الفلسطينيين والتحرش باللبنانيين وقتل الفلسطينيين في لبنان. وأكد أن «من الطبيعي أن ينجم عن ذلك المزيد من التوتر والتصعيد».

وحول مضمون الاتصال الذي أجرته معه وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت قال الشرع: «لقد أبلغت أولبرايت خلال اتصالها بنا أن إسرائيل تتحمل المسؤولية الأساسية عن التصعيد. ولا أعتقد أن الأطراف الفلسطينية أو اللبنانية راغبة في التصعيد، لكن المواطنين يجب أن يدافعوا عن أنفسهم لأنهم وصلوا إلى درجة من الغضب لم يعودوا قادرين على الصمت أو السكوت». وأضاف: «نأمل أن لا تتجه الأمور نحو التصعيد لكن لا بد للمواطنين العزل من أن يدافعوا عن أنفسهم بصدورهم وحجارتهم».

من جهته، قال وزير الخارجية المصري إنه «لا بد لكل فعل من رد فعل». وعن احتمال حضور إيران كمراقب في القمة العربية المرتقبة قال الوزير المصري: «لا يوجد مراقب في القمة العربية ولكن أعتقد أن هناك دعوة لإيران في إطار المؤتمر الإسلامي. وهذا ما نرحب به».

وكان الشرع قد حمل في اتصالين هاتفيين تلقاهما من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ووزيرة الخارجية الأميركية، إسرائيل مسؤولية التصعيد الخطير في الجنوب اللبناني، الذي كانت بداياته واضحة في الحوادث الدامية ضد الفلسطينيين في الأراضي العربية المحتلة.

وطالب الشرع خلال الاتصالين بوقف الاعتداءات الإسرائيلية وضمان إعادة كامل الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحت الاحتلال والإفراج عن الأسرى اللبنانيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية.. ورأى أن ما تقوم به المقاومة الوطنية اللبنانية داخل الأراضي اللبنانية المحتلة في شبعا والمطالبة بالإفراج عن الأسرى تشكل مطالب مشروعة.

من جهة أخرى، أكد الشرع في اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص أن «ما جرى على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة يشكل إدانة لإسرائيل في إقدامها على إطلاق النار على المواطنين العزل وفي احتفاظها بأسرى لبنانيين، وفي استمرار احتلالها لمزارع شبعا».

كما أكد الشرع والحص أن «قضية القدس ستبقى مصدر عدم استقرار في المنطقة برمتها، إلى أن يعود الحق إلى أهله، وتلتزم إسرائيل إعادة القدس والأراضي العربية المحتلة إلى أصحابها حتى حدود الرابع من حزيران 1967، وصولاً إلى سلام عادل وشامل يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة كلها».

وفي السياق ذاته رأت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سورية أن «إسرائيل تحاول من خلال الأحداث الوحشية أن تفرض بالقوة ما عجزت عن أن تفرضه بالمفاوضات».

وقالت القيادة القومية، في بيان بهذا الصدد، إن العرب لن يفرطوا بحقوقهم مهما تعرضوا له من همجية أو إرهاب. كما رأت أن الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة الوطنية اللبنانية والصمود السوري تشكل «نسيجاً للواقع العربي المقاوم والرافض للاحتلال».

وجاء في البيان «ان الدعوات إلى ضبط النفس من دون الإشارة إلى المعتدي وإدانته، تؤكد مجدداً ازدواجية المعايير والمساواة بين القاتل والضحية». ودعا البيان العالم إلى «التحرك من أجل وضع حد للعربدة الإسرائيلية واستهتار إسرائيل بحقوق الإنسان وقيم البشرية ونظمها وقوانينها وأخلاقها وجميع مبادئها».

وقرع بيان القيادة القومية ناقوس الخطر، مؤكداً ضرورة عقد قمة عربية فاعلة، باعتبار أن المهام والتحديات الماثلة لم تعد تحتمل المؤتمرات الشكلية الضعيفة، وطالب بقرارات تاريخية تستجيب لمتطلبات المرحلة وتعبر عن إرادة الجماهير العربية التي خرجت إلى شوارع وساحات المدن العربية رافضة قبول الذل والهوان.

في غضون ذلك تستمر في دمشق وباقي المدن السورية مظاهرات الاحتجاج على ممارسات إسرائيل الوحشية ضد الفلسطينيين، حيث شهدت العاصمة السورية أمس مظاهرة احتجاج شارك فيها نحو خمسة وعشرين ألف مواطن، نددوا بإسرائيل وبمن يقف وراءها، وأكدوا دعمهم ومساندتهم للانتفاضة الفلسطينية المشروعة ضد الاحتلال.

في موازاة ذلك أعلن المئات من طلبة كليات ومعاهد جامعة دمشق أمس إضراباً مفتوحاً عن الطعام، تضامناً مع أبطال الانتفاضة وتعبيراً عن وقوفهم إلى جانبها وتقديراً لتضحيات ابناء فلسطين خلال مواجهتهم للاحتلال الغاشم.

في سياق آخر، رأت صحيفة «البعث» أن «الاحتمالات المؤدية إلى الخطورة في المنطقة مرجحة إلى أي احتمال للتهدئة، استناداً إلى مأزق إسرائيل الداخلي وعدوانية حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، وإلى التهديدات الرعناء التي صدرت عن تل أبيب».