فرنسا تحذر من الانزلاق إلى الحرب وتدعو باراك وعرفات إلى عدم ارتكاب خطأ قاتل

TT

طغى الوضع المتوتر في الشرق الأوسط امس على اهتمامات كبار المسؤولين الفرنسيين، الذين اجروا في الساعات الماضية اتصالات كثيرة بقيادات المنطقة، داعين الى التهدئة وتفادي «الانزلاق الى الهاوية» وفق ما قاله وزير الخارجية هوبير فيدرين.

واستقبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك ظهرا، ثم رئيس الوزراء ليونيل جوسبان بعد ظهر امس، وفدا يمثل الجالية اليهودية في فرنسا. وبعد المظاهرات التي حصلت يوم السبت في مدينتي باريس ومرسيليا دعما للفلسطينيين جرى بعد ظهر امس تجمع في جوار كنيس يهودي في مدينة نيس المتوسطية، في حين ان اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا دعا الى مسيرة عصر الثلاثاء القادم تعاطفا مع اسرائيل، وانضمت الى الاتحاد الطلابي جمعيات ومؤسسات يهودية مختلفة.

وأمس حذر وزير الخارجية الفرنسي من ان الوضع في الشرق الأوسط «بالغ الخطورة»، مضيفا انه «الاكثر خطورة منذ ما قبل (اتفاقات) اوسلو قبل ثمانية اعوام».

واعتبر فيدرين، في حديث لاذاعة اوروبا رقم واحد، ان «القلق مبرر»، وان «الاولوية القصوى هي ان يقوم الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي بالمبادرات اللازمة لتفادي الانزلاق نحو الاسوأ».

وأكد الوزير الفرنسي ان ثمة خطرا لامتداد النزاع الى الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية، مكررا ان ما يجب فعله الآن هو «حصر الحريق ومنعه من الامتداد ثم (في مرحلة لاحقة) معالجة اسبابه». ومن التدابير التي لمّح اليها الوزير الفرنسي في الجانب الاسرائيلي، سحب القوات الاسرائيلية من مراكز الاحتكاك الحساسة، كما دعا الشرطة الفلسطينية الى احتواء المتظاهرين ومنع اندلاع المواجهات. ورغم الوضع المتدهور أكد فيدرين انه «اذا لم تسؤ الامور (في الساعات القادمة) قد تستأنف مفاوضات السلام (الفلسطينية ـ الاسرائيلية) في الايام القليلة القادمة، في اشارة منه الى امكانية نجاح الرئيس الاميركي بيل كلينتون في جمع عرفات وباراك مجددا.

ورأى فيدرين انه لا يمكن الخروج من هذا «الوضع البركاني» الا من خلال العثور على اتفاق (فلسطيني ـ اسرائيلي) على المسائل الجوهرية، معترفا بأن الحديث عنها اليوم في ظل اجواء الحرب «ربما يبدو سرياليا».

ودعا فيدرين عرفات وباراك الى «عدم ارتكاب خطأ»، قد يكون قاتلا، وقد يدفع المنطقة الى الحرب. وأعرب فيدرين عن أمله «ألا يحصل تغيير سياسي في اسرائيل».

وذكر ان باراك «اظهر مرونة وانفتاحا في كامب ديفيد لم يسبقه اليهما أي رجل سياسي (اسرائيلي) في الماضي».

ومرة اخرى، صب فيدرين اتهامات على ارييل شارون وقال انه «من غير المقبول ان ينجح شارون بعمله الاستفزازي في قلب الطاولة، ونسف كل العمل الذي تحقق حتى الآن في اطار مفاوضات السلام».

وعند سؤاله عن كيفية التعاطي مع اسرائيل في حال دخل شارون الحكومة، رفض فيدرين الخوض في هذا الموضوع مكتفيا بالقول: «نحن لم نصل بعد الى هذه الوضعية، وحتى هذه اللحظة نتعاطى مع باراك».

بموازاة ذلك، تستمر الجالية اليهودية في تحركها على المستويات الرسمية والاعلامية وفي الشارع. وامس أعلن هنري هاجدنبرغ رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، بعد لقاء بعثة من الجالية اليهودية مع الرئيس شيراك، عن تأثره «لاتهام اسرائيل وحدها بالمسؤولية عن اعمال العنف». وقال هاجدنبرغ ان على فرنسا «ان تحافظ على موقف متوازن (في الشرق الأوسط)، وهذا ما جئنا نقوله للرئيس شيراك». واضاف هاجدنبرغ، في انتقاد بعض ما يقوم به الرئيس الفرنسي والدبلوماسية الفرنسية: «اذا تخلّت فرنسا عن دور الوسيط وعن سياسة التوازن فان الاسرائيليين سيفقدون ثقتهم بها وبدور اوروبا».