«حماس» لن تدخل في قتال مع السلطة وقمة شرم الشيخ تنازل عن وفاء الشهداء

زعيم «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: نأمل من القمة العربية تحقيق آمال الأمة

TT

قال خالد مشعل مدير المكتب السياسي لـ«حماس» في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان الفلسطينيين يرفضون قرارات شرم الشيخ التي فرضت عليهم.

وأضاف انه لا خيار «مع عدو لا يعرف السلام سوى الكفاح والانتفاضة». وحذر من المساومة على موضوع القدس لأنها ملك لكل المسلمين. وأكد أنه رغم خلاف «حماس» مع السلطة الفلسطينية فإنه لا مواجهات معها. وفي ما يلي نص الحديث:

* بداية إلى ماذا تعزون أسباب تفجر الأوضاع في الأراضي المحتلة أخيراً؟

ـ لا شك أن الأسباب كثيرة وفي مقدمتها زيارة أرييل شارون الاستفزازية للمسجد الأقصى المبارك وساحاته وهذا ما يراه العالم. لكن ما نراه نحن في «حماس» أن أسباباً كامنة تجمعت وتراكمت لتحدث هذا الانفجار الكبير الذي عبرت عنه جماهير الشعب الفلسطيني في انتفاضة الأقصى المباركة، والعدو الصهيوني أراد عبر القوة إذلال وإخضاع الشعب الفلسطيني والتسليم بالرؤية الصهيونية للحل وأراد إرغام السلطة الفلسطينية وجلبها للمفاوضات من خلال الضغط بالقوة. هذا الكلام حصل بعد قمة «كامب ديفيد» الثانية التي اتضح للصهاينة من خلالها أن للقدس حساسية ومكانة خاصة عند المسلمين وبدا لهم أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لن يستطيع تقديم التنازلات التي يطلبها العدو في الحل النهائي لأن الموقف الإسلامي لن يسمح لعرفات بذلك، ولهذا وجد الصهاينة أنه لا بد من استخدام قوة ضاغطة وقسوة وعنف شديد وتكريس أمر واقع على الأرض لكسر إرادة الشعب الفلسطيني وإرغام السلطة لطاولة المفاوضات لتقبل بما رفضته في «كامب ديفيد». الشعب الفلسطيني كانت قد تراكمت عليه عوامل تفجير، إذ أحس بالخطر الحقيقي على القدس والأقصى ومستقبلهما. وتكثفت هذه الشكوك في «كامب ديفيد» وزاد شعوره بأن مسيرة المفاوضات ستؤدي للتفريط في المسجد الأقصى وأن هذه القضية الجوهرية مهددة بالضياع فضلاً عن حقوق الشعب الأخرى المهدورة، ولذا لم يعد لديه ثقة بالسلطة ولا بمسيرة المفاوضات التي جربها منذ 9 سنوات ولم تنجز له شيء من حقوقه، إضافة لمعاناة الشعب الفلسطيني من ممارسات السلطة في سلوكها المالي والإداري، وكل هذه العوامل فجرت الوضع الداخلي في فلسطين والعالم الإسلامي. وما أجج الانتفاضة أكثر العنف وقسوة العدو الصهيوني ضد الفلسطينيين العزل وإحساسهم بإهانة مقدساتهم، وما حصل في الشارع الإسلامي فاجأ إسرائيل وأميركا وخلط حساباتهما معاً وبالتالي لم ينجح القمع الصهيوني بل زاد الانتفاضة مما جعل الحكومة الأميركية تلجأ للدعوة لمؤتمر شرم الشيخ ليجهضوا الانتفاضة المباركة لأن مصالحها قد تهددت في المنطقة ولأن الشارع الإسلامي قد دعا لتشكيل حالة جهادية ضد العدو وهي قطعاً ستشكل تهديداً حقيقياً على الكيان الصهيوني.

* في رأيكم هل الأمة العربية قادرة على دخول حرب مع إسرائيل؟

ـ بلا شك هم متفوقون علينا وميزان القوى لصالحهم وهم مدعومون من الولايات المتحدة والغرب، ونحن الآن غير مهيئين للحرب ولكننا لا نطلب من البلاد العربية دخول الحرب الآن مع أن هذا واجبها، ومع أن الحرب الرسمية آتية مهما طال الزمن، ونحن مدعوون للإعداد لها، أما المقاومة الشعبية فلا تحتاج توازناً في مقاييس القوى وأمتنا مستعدة لتحمل حرباً طويلة في هذا المضمار، لكن عدونا لن يستطيع ذلك وهذا حق لنا لأن العدو موجود على أرضنا ونحن لا نريد من دولنا سوى دعم هذا الخيار وحماية ظهرنا وتوفير الغطاء السياسي له وهذا أضعف الإيمان في هذه المرحلة.

وإذا كانت الأمة قد أعطت عقداً كاملاً للمفاوضات فلتعط العقد الأول من القرن الـ21 للمقاومة الشعبية وأنا واثق أن العدو لن يصمد أمام هذه المواجهة وسيركع صاغراً. والمقاومة في جنوب لبنان خير مثال على هذا فلقد خرجوا أذلاء صاغرين من لبنان.

* تتوقع بعض المصادر حدوث مصادمات بين السلطة والحركات الإسلامية في فلسطين ما رأيكم في ذلك؟

ـ الصهاينة سعوا لضرب الفلسطينيين ببعضهم لكننا فوتنا عليهم الفرصة ونحن في «حماس» قررنا تحمل أذى السلطة على الدخول في قتال معها.

وقررنا توجيه جل عملنا ضد المحتل فقط. ونحن في خلاف دائم مع السلطة لكننا لن نتواجه في يوم ما، ولن نمارس العنف مع الفلسطينيين لأن هذا يضر بالقضية الفلسطينية ولا نحمل السلاح إلاّ ضد الصهاينة، والعدو منذ اتفاق أوسلو رمى إلى تمزيق الفلسطينيين وضرب بعضهم البعض، والسلطة مع الأسف تسابقت مع العدو الصهيوني فيما يسمى بالاتفاقات الأمنية ومارس عنفاً وقسوة ضدنا. لكننا مع المخلصين الآخرين قررنا الحفاظ على ضبط النفس حفاظاً على المصلحة الفلسطينية العليا وحقيقة لا يوحدنا سوى النضال والمقاومة.

* ما هي ردود فعل حركة «حماس» حول إعادة اعتقال عناصرها.

ـ السلطة أصلاً لم تطلق سوى 15 شخصاً وذلك في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري أي عندما ضربت مقار السلطة فأطلق شعبنا سجناء «حماس» من سجون الجنيد وغزة بقرار شعبي وفي الأيام التالية مورست ضغوط من الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا لإعادة عناصر «حماس» للسجون وللأسف استجابت السلطة لهم.

* ونحن مقبلون على قمة عربية ما هي توقعاتكم من هذه القمة وهل تستبشرون خيراً بها؟

ـ يحق لنا الاستبشار بالخير وأعتقد أن القادة العرب لو قرأوا دلالات الأيام الماضية على الصعيد العربي والإسلامي وما يدور في عقول وصدور جماهير شعوبهم وحجم الاستعداد للتضحية والعطاء عند هذه الشعوب، أعتقد أنهم حينئذ سيكونون قادرين على اتخاذ قرارات جادة. والقمة التي عقدت في شرم الشيخ عقدت أصلاً لإجهاض القمة العربية المقبلة ونأمل من القمة المقبلة إعادة الكرامة للشعوب العربية.

* هل هناك نية للتعاون مع المقاومة في جنوب لبنان؟

ـ نحن جميعاً نعمل لصالح القضية الفلسطينية وكلنا جبهات ضد عدونا المشترك ونحن نتكامل مع بعضنا البعض.

* كيف يقرأ خالد مشعل خريطة مستقبل المنطقة سياسياً؟

ـ نحن دائماً نتفاءل بالمستقبل فنحن أصحاب حق ومع أن عدونا متفوق علينا عسكرياً وتقنياً لكن في المقابل هناك حالات من القدرة العربية والإسلامية من شأنها أن تعدل ولو جزئياً ميزان القوى المختل.

فأمتنا تمتلك كل الأسلحة ولديها وعي بهمومها ومشاكلها والمعركة الآن واضحة ومتجلية في موضوع القدس والأقصى وأصبح للموضوع بعده الديني والتاريخي. والملاحظ حالياً أن العدو في تراجع وإخفاق مستمر في أجهزته الأمنية والعسكرية وفي استقطاباته الداخلية بين أحزابه الدينية والعلمانية وهذا كله يبشر بخير لمستقبل أفضل.