مصاعب كبيرة تواجه باراك في تشكيل حكومة طوارئ قومية في إسرائيل

بلبلة في المعارضة ما بين إسقاط باراك أو إنقاذه

TT

يواجه رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك، مصاعب كبيرة في جهوده لتشكيل حكومة طوارئ قومية تطيل عمر حكمه، وذلك رغم ان المعارضة تعيش في بلبلة وتردد ولا تستقر على رأي.

فقد اعربت جميع احزاب المعارضة اليمينية عن مخاوفها من ان يكون باراك يستغل اوضاع التوتر الامني في الاراضي الفلسطينية ويستغل وقفة هذه الاحزاب معه في مواجهة «العنف الفلسطيني»، لكي يعزز موقعه في السلطة. وسيجتمع رؤساء احزاب المعارضة، اليوم مع رئيس الليكود، ارييل شارون، لبحث التطورات الجديدة واتخاذ قرار بشأن موضوع حكومة الطوارئ.

وكان باراك قد عرض على احزاب المعارضة الانضمام اليه في مواجهة الاوضاع الطارئة التي تعيشها اسرائيل من جراء انتفاضة الاقصى. وابلغ قادتهم انه في اوضاع كهذه، فان اهم ما تحتاجه البلاد هي وحدة الصف، «فهذه مسؤولية قصوى، ادعوكم للتعبير عنها بواسطة وضع كل الخلافات جانبا، والظهور امام خصومنا واعدائنا وامام العالم كله موحدين». وعقد معهم عدة اجتماعات. وتوصل الى اتفاق مع شارون حول مضمون الخطة العريضة لحكومة كهذه، بموجبه يتم تشكيل مجلس وزراء امني مصغر يضم رؤساء جميع الاحزاب، وهذا المجلس هو الذي يقرر اذا كان ممكنا استئناف المفاوضات السلمية ام لا.

لكن شارون، وامام ضغوط شديدة عليه من الداخل، خصوصا من مؤيدي منافسه بنيامين نتنياهو، لم يوقع على الاتفاق. وقرر تأجيل ذلك الى ما بعد قمة شرم الشيخ، حتى يرى اذا كان باراك سينفذ وعده بالامتناع عن الذهاب الى مفاوضات الحل الدائم ام سيرغمه الاميركيون على استئنافها.

وخلال انعقاد القمة، اعلن غالبية اعضاء الكنيست من الليكود (11 مقابل 8) رفضهم دخول حكومة طوارئ وطالبوا باجراء انتخابات عامة مبكرة في اسرائيل. وتضم هذه الغالبية بالاساس، اولئك الذين يؤمنون بأنه فقط في حالة عودة نتنياهو لقيادة الليكود، سوف يحقق الانتصار على باراك ويعود لرئاسة الحكومة. وهم يدعون شارون الى التخلي عن رئاسة الليكود لصالح نتنياهو، وبعد ذلك الوقوف الى جانبه لمواصلة مهمة اسقاط باراك.

ولم يستطع شارون مواجهة هذه الاغلبية، على الرغم من انه يؤمن بان مصلحته شخصيا ومصلحة الليكود تقتضيان الدخول مع باراك في حكومة طوارئ. ونصحه عدد من رفاقه بالاقدام على هذه الخطوة، اذ انها ستكون فرصته الوحيدة للبقاء في الحلبة السياسية. لكنه لم يفعل. واعطى الاشارة على ضعفه، حين اصدر بيانا يعلن فيه اعتراضه على اتفاق شرم الشيخ ورفضه الدخول في حكومة طوارئ.

لكن باراك لم ييأس بعد من شارون وينتظر ان يغير رأيه. ويستند بذلك الى الحسابات الذاتية، من جهة، والى تجنيد عدد من قادة الحزب الى جانبه، مثل النائب يهوشع ماتسا (وزير الصحة في زمن حكومة نتنياهو)، الذي يقول ان وضع اسرائيل الامني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي لا يسمح باشغال المواطنين في معركة انتخابية.

بيد ان التردد لا يقتصر على الليكود. فيوم امس، اجتمع باراك مع زعيم حزب «شاس»، ايلي يشاي، وحاول اقناعه بالعودة الى صيغة الحكومة التي شكلوها معا في السنة الماضية، ثم انسحب منها «شاس» (اليهود المتدينون الشرقيون، ولهم 17 مقعدا في الكنيست من مجموع 120 نائبا). ولفت نظره الى ان الليكود، كان قد طلب الوزارات الاجتماعية الاساس لقادته، وهي: الاسكان والرفاة والعمل والبنى التحتية والاديان (وهي جميعا كانت بيد «شاس» في السنة الماضية). وبهذا يكون قد اراد بدء معركته لاستعادة اصواته التي خسرها لصالح «شاس».

وردد يشاي على باراك واعدا بنقل الاقتراح الى مجلس حكماء التوراة بزعامة الحاخام عوفاديا يوسيف. وبدا من كلام يشاي شيء من الاقتناع بفكرة باراك، ان يدخل هو الحكومة من دون الليكود، الا انه قال انه شخصيا ما زال يؤمن بان الحل الامثل هو اجراء انتخابات جديدة.

يذكر ان باراك في حالة دخول الليكود الى حكومته، سيضطر الى التخلي عن المسيرة السلمية. وفي حالة دخول شاس سيضطر الى التخلي عن «الثورة الاجتماعية المدنية». والمسألتان من أهم ركائزه القليلة المتبقية في السياسة.